محمد الشكيلي مع سماحة المفتي
بهلاء -
ودَّعت ولاية بهلاء يوم الجمعة آخر يوم من شعبان أحد أقطاب الحركة العلمية والدينية الحديثة فيها، إنّه المعلم الوالد محمد بن عبد الله بن محمد الشكيلي -رحمه الله- المدرس بمعهد الهداية بجامع بهلاء ومدرسة بهلاء الشمالية بعد عمر طويل قضاه في طلب العلم وتعليم الناس الخير.
ولد المعلم -رحمه الله- في حارة الندوة من ولاية بهلاء في العقد الرابع من القرن الرابع عشر الهجري، الذي يوافقه تقريباً العقد الثاني من القرن العشرين الميلادي، وقد كان والده أيضاً معلماً للقرآن الكريم، فنشأ نشأة طيبة في كنف والده، إذ ختم القرآن الكريم في الكتاتيب وتعلم أصول العلم الأولى.
سافر في بداية حياته للعمل في المملكة العربية السعودية ودبي بالإمارات العربية المتحدة، وذلك قبل عصر النهضة المباركة، ثم شارك في مطلع السبعينيات في بناء المجتمع العماني الحديث الذي قاده صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- فعمل مدرساً بمعهد الهداية بجامع بهلاء، الذي أُلحِق بوزارة التربية والتعليم في العام 1973م، وقد كان يضم المتعلمين من مختلف الأعمار، فتجد فيه الفتى النضير يدرس بجانب الرجل الكبير، وقد التحق بسلك التدريس مدرساً لمادة التربية الإسلامية بجميع فروعها بالجامع في العام 1977م، واستمر حتى إغلاق المعهد في العام 1996م، لينتقل بعد ذلك أستاذاً للمادة نفسها في مدرسة بهلاء الشمالية، إلى أن أحيل للتقاعد في العام 1998م.
وقد كان -رحمه الله- يجمع بين العلم والعمل كحال كثير من العلماء العمانيين، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أي الكسب أطيب أو أفضل؟ قال: «عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور»، فقد كان تاجراً وصانعاً لمحازم رمي البنادق، وكان يخيط ويطرز المناسيل (وهي في عرف أهل عمان تطلق على العباءة الرجالية مثل البشت)، كما عمل بتدريز حزام الخناجر، والتدريز: هو تطريز حزام الخنجر بالأشكال الفضية الجميلة.
قضى المعلم -رحمه الله- حياته في طلب العلم وتعليم الناس الخير منذ نشأته الأولى وحتى في أيام غربته لطلب الرزق في المملكة العربية السعودية قبل عصر النهضة المباركة، إذ كان يجتمع يومياً مع المتعلمين من العمانيين لقراءة كتب الأثر، وقد استمر -رحمه الله- على عادته هذه حتى آخر يوم من حياته.