عدن - إبراهيم مجاهد
يوم الجمعة الفائت كان يوماً أسود في قرية جبل حجاج بمديرية السدة شرقي محافظة إب وسط اليمن، إذ دفن أهل هذه القرية امرأة أربعينية وطفلتيها أريج «9 سنوات» وإيمان «12 سنة»، ودفنوا معهن حكاية معاناة ووجع وفقر وعوز اختارت الأم أن تختصرها بقليل من السم الناقع، وقررت أن تتجرعه مع طفلتيها مرة واحدة بدلاً من تجرع كؤوس الذل والحرمان وسؤال الناس كل يوم.
هل بات الانتحار حلاً في اليمن؟!
هزّت حادثة انتحار أم وطفلتيها في مديرية السدة الأسبوع الفائت، محافظة إب وكل يمني وكل إنسان وصل إلى مسامعه قصة انتحار المرأة «م. أ» ذات الأربعين سنة وطفلتيها، فلم يتوقع اليمنيون أن حال بلادهم قد وصل إلى كارثة كهذه، فكيف لأم تقوى على قتل فلذة كبدها وكيف لامرأة عاقلة تستطيع أن تنتحر. إلَّا أن الجوع والفقر الذي تعاني منه كثير من الأسر اليمنية؛ بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من سنتين، دفعا هذه المرأة إلى أن تُقدِم على فعل كهذا بعد أن تخلّى عنها زوجها وتركها تواجه مع طفلتيها وجع النزوح والفقر والتشرّد، ليتلقف هذه الأم والدها الذي خيّرها بإعادة فلذة كبدها لزوجها إن أرادت البقاء معه في المنزل فرفضت، فخيّرها بالعيش في منزلهم القديم في قرية «جبل حجاج» بمديرية السدة شرقي محافظة إب، إن أصرت على عدم إرجاع طفلتيها لوالدهما.. قلب الأم جعلها تقبل بالخيار الثاني الذي رأت أنه أقل وجعاً من ترك طفلتيها للمجهول بعد أن تخلى الزوج عــن مســؤوليته تجاه أســرته وبعد اشتراط الجد شرطاً يستحيل أن تقبل به أم.
الفقر وعزة النفس
تقول مصادر محلية إن الظروف المعيشية الصعبة، التي تعيشها ملايين الأسرة اليمنية؛ بسبب الحرب التي تدور في البلاد منذُ أكثر من عامين، دفعت امرأة في مديرية السدة بمحافظة إب وسط اليمن إلى الانتحار مع طفلتيها يوم الأربعاء.
وذكرت أن الفقر والجوع اللذين لحقا بالمرأة وطفلتيها دفعاها للانتحار بشكل جماعي مع طفلتيها إيمان وأريج.
وقالت المصادر إن المرأة تعيش مع طفلتيها في عزلة جبل حجاج بمديرية السدة بمحافظة إب وكانت عزيزة النفس ولا تستطيع سؤال الناس. ومرت أيام وشعر أهل القرية بغياب الأم وطفلتيها عن القرية ولم يعد لهن أثر، وهو ما دفع جيرانها للسؤال عنهن واضطر الأهالي بعد ذلك لكسر أبواب المنزل ليجدوا الأم وبناتها قد فارقن الحياة وبقايا مادة سمية إلى جوارهن.
وذكرت المصادر أن المرأة تناولت مادة سم قاتلة مع طفلتيها في الوقت نفسه فارقن الحياة من بعدها. هذه القصة والحادثة المؤلمة ليست الأولى ويبدو أنها لن تكون الأخيرة طالما وصوت السلاح ما زال هو الغالب على صوت السلام في بلد بات يواجه خطر المجاعة.
أحد أبناء محافظة إب علّق على هذه الحادثة الأكثر مأساوية بالقول: استغنت بكرامتها ومروءتها عن اللجوء للناس.. يا للأسف ماتت قيمنا وأخلاقنا، في شهر الرحمة والإنفاق تحدث مثل هذه الفاجعة.
وتأتي هذه الفاجعة بعد أيام من انتحار اثنين من أبناء مديرية حزم العدين شنقاً في حادثتين منفصلتين نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، كما ذكرت مصادر محلية. وسبق هاتين الفاجعتين انتحار ضابط في الجيش من أبناء مديرية النادرة شرق محافظة إب أيضاً؛ نتيجة تدهور وضعه المعيشي بعد أن توقف مرتبه الحكومي منذ 8 أشهر.
الأمن الغذائي وصل إلى حافة المجاعة
ثمة مؤشرات واقعية تكشف أن حوادث كهذه ستتكرر إذا لم توقف الحرب، فالمديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إرثارين كازين، قالت يوم الخميس: إن مخزون الغذاء في اليمن يكفي لنحو 3 أشهر فقط، ومن غير المعروف كيف سيدبر السكان احتياجاتهم الغذائية بعد ذلك.
وأضافت كازين، وفقاً لقناة «سكاي نيوز عربية»، أن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تفيد أن هناك 10 محافظات من أصل 22 في اليمن وصل فيها الأمن الغذائي إلى حافة المجاعة، في حين دخلت 3 محافظات هي: الحديدة وتعز وصعدة، مرحلة الخطر أو المجاعة المعلنة.
ومن بين سكان هذا البلد، هناك 7 ملايين على حافة المجاعة بالفعل، في أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم، وفقاً لتوصيف مسؤولي الأمم المتحدة.
وتهدد الأمراض والأوبئة ونقص الخدمات الصحية سكان اليمن، فخلال أقل من شهرين، قتل وباء الكوليرا أكثر من 500 شخص، فيما يعاني أكثر من 550 ألفاً المرض نفسه، ثلثهم من الأطفال.
وبحسب خبراء الصحة، فإنه من المتوقع أن ترتفع الإصابات بالكوليرا إلى 150 ألفاً في الأشهر الستة المقبلة.
غاب السلام فحلت الكوارث
والأســبوع الفائت حذّرت 22 منظمة دولية ويمنية تعنى بالشؤون الإنسانية وحقوق الإنســـان، ومن بينها منظمة «أنقذوا الأطفال» و«لجنة الإنقاذ الدولية» ومنظمة «أوكسفام»، من تدهور أكبر للأوضاع في اليمن.
من جانب آخر أصدر معهد لندن للاقتصاد والسلام، تقريره السنوي لسنة 2017 حول مؤشر السلام العالمي، الذي يقوم بتحليل ودراسة وضع دول العالم والاستقرار الاقتصادي والسياسي فيها.
وصنّف مؤشر السلام العالمي الذي يصدره معهد لندن للاقتصاد والسلام بالتشاور مع فريق دولي من الخبراء والمعاهد ومراكز البحوث، وبالتعاون مع مركز دراسات السلام والنزاعات في جامعة سيدني، اليمن في المرتبة 159 عالمياً، من أصل 163 بلداً.
وحلّ بعد اليمن كل من العراق وسوريا، وهي مرتبة ظلت اليمن تحرزها على مدى السنوات الخمس الفائتة.
الكوليرا في اليمــن.. أرقام صـادمـة حـول الاصـابات والوفيـات
زوروا موقعنا