أسعـار النـفـط المتقـلبة تدفـع المنتجـين إلى حضـن التعــاون

مؤشر الأربعاء ٣١/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
أسعـار النـفـط المتقـلبة تدفـع المنتجـين إلى حضـن التعــاون

مسقط - فريد قمر

لم ينجح الاتفاق النفطي في رفع أسعار النفط كما كان متوقعاً، بل حتى إن الارتفاع الظرفي الذي تحقق بعيد الإعلان عن تمديد خفض الإنتاج ما لبث أن تلاشى مع ارتفاع عدد منصات الحفر الأمريكية. لكن ما نجح في تحقيقه الاتفاق هو إعادة النظر بدور أوبك، وبقدرتها على قيادة العالم النفطي منفردة، لاسيما بعد أن وجدت المنظمة نفسها مضطرة للتفاهم مع المنتجين من خارجها للحد من الانهيار الكبير لأسعار النفط.

ويقول الخبير النفطي عبدالرحمان عية لـ»الشبيبة» إن أسعار النفط لم تعد شديدة الحساسية للتصريحات والأنباء حول الاتفاق. ويقول إن التأثير الأولي حصل قبل الاجتماع أي عندما صرّح وزيرا الطاقة السعودي والروسي بتمديد اتفاق التخفيض إذ بلغ سعر خام برنت 55 دولاراً ما يعني أن الأسواق استبقت الحدث وتأثرت إيجاباً بتلك التصريحات، في حين لم تكن هناك مفاجأة أخرى خلال الاجتماع سوى تحديد المدة بـ9 أشهر لذلك لم يكن لهذا الأمر أثر كبير في سلوك أسواق الطاقة وبرز ذلك من خلال التراجع النسبي بحوالي الدولارين.

ويضيف عية أن الاتفاق لا يهدف لرفع أسعار النفط، هو يصب في هدف إبقاء السعر عند مستوى 50-55 دولاراً وهو الأمر الذي يخدم في المدى القصير كبار المنتجين خاصة روسيا والسعودية.
ورغم أنها لم تشارك في الاتفاق النفطي، تبقى الولايات المتحدة الأكثر تأثيراً في أسعار النفط وتقلباته وسيعتمد كثير من نجاح أوبك على الإنتاج في الولايات المتحدة التي لا تشارك في التخفيضات وحيث ارتفع الإنتاج عشرة في المئة منذ منتصف 2016 لأكثر من 9.3 مليون برميل يومياً مقترباً من مستويات إنتاج روسيا والسعودية أكبر المنتجين للنفط، بحسب ما تشير وكالة رويترز.
ونقلت الوكالة عن شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن شركات التنقيب زادت من عدد منصات الحفر للأسبوع 19 على التوالي إلى 722 منصة وهو أعلى عدد منذ أبريل 2015. ويقول محللون إن السبيل لوقف التخمة المستمرة في المعروض هو خفض المخزون العالمي الضخم من الوقود. ويقول الخبير النفطي الجزائري عبدالرحمان عية إن الولايات المتحدة موجودة في كل الاتفاقية بطريقة غير مباشرة فهي أكبر منتج للبترول الصخري الذي يعتقد أنه سبب التخمة في المعروض، وهي في الوقت نفسه المستهلك الأكبر. ويعتبر أن الولايات المتحدة تتأثر كغيرها من الدول بأسعار النفط لارتباطه بالدولار، وعدم استقرار السعر يعني عدم استقرار سعر صرف الدولار أيضاً.
وإذا كان الاتفاق النفطي لم ينجح في الوصول إلى مستوى 60 أو 70 دولاراً كما عقدت الآمال في السابق، فإنه استطاع أن يطرح من جديد علاقة المنتجين فيما بينهم. فالمنظمة لم تعد وحدها قادرة على التحكم بالأسعار ما دفعها إلى إجراء المزيد من التعاون مع منتجين مستقلين على رأسهم روسيا. وبالفعل جدد مجلس الوزراء السعودي أمس الأول التأكيد على سياسة المملكة بشأن التعاون مع كبار منتجي النفط لإعادة التوازن إلى الأسواق والحد من التقلبات. وقال مجلس الوزراء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية إن «المجلس أكد سياسة المملكة البترولية الداعمة للتعاون مع الدول المنتجة الرئيسية لإعادة التوازن إلى أسواق البترول العالمية والحد من التذبذبات في الأسواق بما يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين».
وبدوره قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، إن تعزيز العلاقات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول يتيح إمكانية تنفيذ مشروعات جديدة مشتركة في قطاعي المنبع والمصب، بحسب بيان لوزارة الطاقة الروسية.
ما يوحي بأن عهداً جديداً من العلاقات النفطية بين أوبك والمنتجين المستقلين قد انطلق. ويقول عية: «من الناحية الاقتصادية دول مجموعة أوبك تتكبد خسائر مالية على كل المستويات، ما يعني أن اتفاقها مع دول من خارج أوبك بات ضرورياً على المستويين الاقتصادي والجيوسياسي، لتحمي اقتصاداتها المتأثرة بانخفاض الأسعار».