على بن راشد المطاعني
شهر رمضان المبارك وهو يطرق أبواب بيوتنا طرقا خفيفا هذه الأيام، منذ أن ودعنا العام الفائت ننتظر قدومه بفارغ الصبر، ومع طرقاته نعلن عن ترحيبنا بهذا الضيف العزيز والأثير.
وبقدومه الكريم نجد أن كتب الطعام قد فتحت وفي هذه النقطة تحديدا يهمنا أن نتناول بعض الممارسات التي لا تليق بهذا الشهر المبارك، نقول ذلك بأسف بالغ بطبيعة الحال وبحزن عميق، نجد هناك من يستغل الشهر الكريم وحاجة الناس للأكل والشرب بطرق خاطئة، ومغشوشة ومنتهية الصلاحية وغيرها من الممارسات التي تتكشف لنا يوما بعد يوم عبر الهيئة العامة لحماية المستهلك وأجهزة البلديات في السلطنة.
ومع هذا فإن هناك الكثير والخطير في هذا المجال غائب أو هو غير مرئي لدى الجهات المسؤولة عن سلامة الغذاء، وبذلك يصل لبطون المستهلكين بعد يوم صيام يأملون من ورائه رضوان الله عز وجل، لكنهم لا يعلمون بأن هناك من استغل بنحو لا يغتفر صيامهم، وهذا قد يؤثر على قيامهم وسجودهم وتهجدهم وحتى تلاوتهم لكتاب الله عز وجل، فيتناولون وهم لا يعلمون أطعمة لا تليق بصائم ولا تليق بإنسان، تناولوها بعد أن وثقوا في الصانع وافترضوا بأنه وإن كان قد احترف الغش والخداع فإنه وبالتأكيد لن يكون كذلك في شهر رمضان.
إذ هو يوقن افتراضا بأنه شهر التوبة والغفران، بعدها فإنهم يخرون مرضى لا لجوع الصيام ولكن لجشع من لم يخش الله فيهم في رمضان فهم قد استغلوا حاجة الناس للطعام والمأكولات وتحديدا في ما يسمى بالقطايف مثل السمبوسة واللقيمات والتي اختارها طعاما للإفطار بعد نهار صيام طويل، غير أن المؤسف أن هذه المأكولات لا تخضع للإعداد الصحي الواجب الاتباع لزاما باسم القانون.
فعلى الرغم من الحملات الصحية المتتالية لأجهزة بلدية مسقط ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وإداراتها في ولايات السلطنة وكذلك بلديتي ظفار وصحار، إلا أنه يتعين أن تكون لدينا قناعات راسخة بأنه لا يمكن لهده الأجهزة وغيرها أن تغطي كل الأماكن وتكشف كل المستور الذي يحاك للمستهلكين المساكين في جوف الليالي الداجية إزاء إعداد الأطعمة في مطابخ غير نظيفة وغسيل اللحوم في أماكن قذرة وإعادة تسخين الأكل المبيت وبيعه كطعام طازج، وغيرها من ممارسات.
هذه الجهود المقدرة تبقى عاجزة عن تغطية كل المطاعم والمقاهي والباعة المتجولين والمخابز، ذلك يعني أن على كل شخص أن ينهض لمد يد العون للجهات المسؤولة عن صحتنا وأمننا الغذائي، عبر التبليغ عن أي تجاوزات أو أخطاء يلمسونها في هذا الجانب الخطير والذي لا يقبل أي أنصاف حلول كما نعلم، فالقضية هي مسألة حياة أو موت وليس هناك منطقة وسطى في هذا النزال.
البعض يذهب للاعتقاد بأنه وفي الشهر الفضيل تقل حملات التفتيش والمداهمات لقصر ساعات الدوام الرسمي وبدء إعداد الوجبات بعد انتهاء العمل الرسمي عند الساعة الواحدة ظهرا، وهو واقع يوحي لمن لا ضمائر لهم ولمن خالفوا الصيام معنى ومغزى يوحي لهم أن أعين الرقابة بعيدة عنهم متناسين أن الله يسمع ويرى، وفي هكذا حال فإن على كل إنسان يدب على ظهر الأرض ويلفه الصيام برداء التقوى أن يقوم بذات الدور الذي تقوم به الجهات الرسمية وحبذا لو تم تخصيص رقم هاتف لتلقي البلاغات في نهارات وليالي رمضان، فالتكاتف والتعاضد بين جميع أفراد المجتمع في هذه القضية هو فرض عين حكما.
بالطبع هناك مطاعم ومقاه محترمة وتقدر عاليا كل عملائها وتقدم لهم بالأمانة كلها وبالنزاهة جميعها أشهى وأنظف وأجود المأكولات على الإطلاق وتؤمن إيمانا كاملا وغير منقوص أن رضا الزبون ونيل استحسانه هو أساس هذا النوع من الأعمال، لكن القلة ممن دلفوا لهذا الميدان بالخطأ بالتأكيد طبقا لتركيبة القوى العاملة فيها ومستوى التزامهم الأخلاقي والمهني. فهؤلاء هم الذين يثيرون الغبار في وجوه الذين ارتادوا تلك المهنة إيمانا بأنها لا تقبل أي همس أو شك في مستوى ما يقدم لبطون روادها.
نأمل أن يكون شهر رمضان وبما فيه من طعام ومأكولات وطيبات ومشهيات هنيئا مريئا لكل المسلمين المتوجهين فيه لله إيمانا واحتسابا، ونتمنى صادقين أن لا نسمع فيه أنين بريء تناول طعاما أو مشروبا فاسدا، وأن علينا جميعا ومنذ الآن أن نضع في اعتبارنا حقيقة أننا جميعا جهات رسمية، وأننا جزء من منظومة الدولة الرامية لتأكيد استتباب الأمن الغذائي في كل ربوع الوطن العزيز ليس في رمضان فقط بل في كل شهور السنة القمرية والميلادية وكل رمضان والجميع بألف خير.