يوسف بن محمد البلوشي
أكد الخبير المالي والرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال لؤي بن بديع بطاينة أن التصريحات الصادرة من فريق خبراء صندوق النقد الدولي بشأن الاستنتاجات الأولية المستخلصة بعد زيارة السلطنة في إطار مشاورات المادة الرابعة للعام 2017 كانت إيجابية جداً من ناحية المبدأ، وتعكس الإجراءات الاحترازية المالية والاقتصادية التي اتخذتها السلطنة لمواجهة الانخفاض الحاد لإيرادات الدولة نتيجة لانخفاض أسعار النفط.
الإجراءات الاحترازية
وأشار بطاينة إلى أن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الحكومة ساعدت وبشكل جيد على المحافظة على مالية الدولة وسعر الصرف وحصول السلطنة على التمويل الدولي بشروط مواتية ومقبولة على مدار العام الفائت. موضحاً أن المحافظة على ذلك على المدى المتوسط يحتاج إلى إجراءات إضافية تعتمد أساساً على رفع كفاءة الاقتصاد العُماني وضخ الاستثمارات به والتزام الحكومة بالموازنات المقررة. وأضاف بطاينة أن الإجراءات المالية المطلوبة كانت واضحة في تقرير الصندوق المالي المتضمنة جهود السلطنة لتخفيض العجز إلى نسب مقبولة مقارنة بالناتج المحلي، مشيراً إلى ضرورة وجود إدارة اقتصادية تعمل على تحسين بيئة الأعمال وترشيد وتسهيل الإجراءات التنظيمية ورفع مستوى المهارات المهنية لدي الفرد العُماني بالإضافة إلى دعم الجهود المبذولة لزيادة توظيف العمالة المحلية في القطاع الخاص حسبما أشار إليه تقرير البنك الدولي.
التصنيف الائتماني
وأكد بطاينة أن الصندوق تطرق إلى التحديات التي قد تواجه السلطنة ومن بينها القدرة على الالتزام ببرنامج ترشيد الإنفاق وتنويع مصادر الدخل.
وحول تخفيض وكالة ستاندرز آند بورز للتصنيف الائتماني للسلطنة إلى BB+ قال بطاينة: إن هذا التخفيض كان متوقعاً في أوقات سابقة نتيجة للظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها السلطنة ولن يعرقل عملية الاقتراض التي تقوم بها الحكومة من الأسواق العالمية.
وأضاف بطاينة أن السلطنة استطاعت خلال الفترة الفائتة الحصول على قروض بأسعار جيدة تفوق بعض الدول التي تتقدمها في التصنيف الائتماني، مشيراً إلى نجاح السلطنة في إصدار صكوك سيادية بقيمة بليوني ريال عماني وقبلها كان الاقتراض من الأسواق العالمي ما يقارب 5 بلايين ريال عماني جميعها جرت بأسعار فائدة مناسبة ووصل الطلب إلى أضعاف العرض والذي يعكس رغبة المستثمرين في إقراض السلطنة وثقتهم في التزام الحكومة بالسداد في الأوقات المحددة.
وأفاد بطاينة أن النجاح في الاقتراض عادة ما يكون جزئياً ويتطلب نجاحات اقتصادية لتعزيزه، مؤكداً ضرورة استغلال مبالغ القروض في نشاطات اقتصادية واستثمارية تعزز من قدرة السلطنة الاقتصادية والمالية وتمنحها ثقة أكبر لدى المستثمرين العالميين وتؤدي إلى تعزيز القيمة المضافة محلياً.
مؤشرات الأداء
وأضاف بطاينة أن النظرة الاقتصادية يجب أن تكون حاضرة وترتكز على مؤشرات أداء تعزز من التنافسية وإقبال المستثمرين على الدخول إلى أسواق السلطنة، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى حوافز إضافية وتسهيل بيئة الأعمال وليس التعويل على الضرائب فقط والتي قد تؤدي إلى نتائج عكسية إن لم تكن ضمن حزمة معالجات شاملة تحقق الانفتاح الاقتصادي.
تماسك الاقتصاد
من جانبه أكد مدير مركز الدراسات الإنسانية بجامعة السلطان قابوس د. ناصر بن راشد المعولي أن نجاح السلطنة في إصدار الصكوك والاقتراض من الأسواق العالمية يؤكد على تماسك اقتصاد السلطنة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة والعالم.
وأضاف المعولي أن الإدارة المالية للأزمة في السلطنة انعكست من خلال إقبال المستثمرين على الاكتتاب في السندات الحكومية وبأسعار فائدة معقولة، مشيراً إلى ضرورة إنشاء وحدة لإدارة الدين العام تعمل على اتباع أفضل السبل للحصول على القروض المناسبة ومتابعة الآثار الاقتصادية والاجتماعية لها.
وتطرق المعولي إلى التقرير المبدئي لصندوق النقد الدولي عن السلطنة قائلاً: إن التقرير يشيد بالجهود الحكومية إلا أنه يدعو إلا مزيد من الإجراءات الحكومية لمعالجة العجوزات الكبيرة في الموازنة العامة للدولة.
وأكد المعولي ضرورة إيجاد معالجات اقتصادية شاملة للأزمة وعدم الاعتماد فقط على المعالجات المالية والمحاسبية التي تكون لها بعض الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني.
وكان النشاط الاقتصادي في السلطنة تأثر نتيجة بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة، إذ تشير البيانات الأولية للحسابات القومية للسلطنة إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 5.1% خلال العام 2016 مقارنة مع العام 2015. وفي المقابل، يشير التحليل القطاعي للناتج المحلي الإجمالي، إلى تحقيق نمو إيجابي في القيمة المضافة لقطاعات الإنشاءات والزراعة والثروة السمكية.
المالية العامة
وعلى صعيد المالية العامة للبلاد، أدى التراجع الحاد في الإيرادات الحكومية خلال العام 2016 إلى تفاقم عجز الميزانية العامة. ولتمويل هذه الفجوة، لجأت الحكومة بشكل رئيسي إلى الاقتراض الخارجي. وحرص البنك المركزي العُماني على بقاء إجمالي احتياطيات العملة الأجنبية عند مستويات ملائمة.
بدورها، حافظت البنوك العاملة في السلطنة على مركز مالي متين من ناحية جودة الأصول وتغطية المخصصات وكفاية رأس المال والربحية. وقد بلغ إجمالي القروض المتعثرة كنسبة من إجمالي محفظة القروض والتسليف حوالي 2.1% في نهاية ديسمبر 2016، أما نسبة كفاية رأس المال وفقاً لتعليمات لجنة بازل فقد بلغت في المتوسط 16.8% في نهاية العام 2016 مقارنة مع 16.1% في نهاية العام 2015.