نـدرة الـمـيـاه تحدٍ أساسي فـي الـتـنـمـيـة الـمـسـتـدامـة

مؤشر الاثنين ٢٢/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٦ ص

مسقط-
تعد المياه ضرورية للإنتاج الزراعي والأمن الغذائي. وهي شريان الحياة في النظم الإيكولوجية، بما في ذلك الغابات والبحيرات والأراضي الرطبة، التي يعتمد عليها الأمن الغذائي والتغذوي للأجيال الحالية والمقبلة. ومع ذلك، فإن مواردنا من المياه العذبة تتضاءل بمعدل ينذر بالخطر. فقد أصبح تزايد ندرة المياه الآن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه التنمية المستدامة. وسيصبح هذا التحدي أكثر إلحاحاً مع استمرار تضخم سكان العالم، وزيادة مستويات معيشتهم، وتغيير النظم الغذائية، وتكثيف آثار تغير المناخ. وبحسب الأمين العام السابق للأمم المتحدة فإن «الماء الذي «نتغذّى» به يومياً من خلال الطعام الذي نستهلكه هو أكثر بكثير من الماء الذي نشربه. ويتابع بان كي مون في تصريح نشرته منظمة الأغذية العالمية على موقعه أنه وبحسب النظام الغذائي، نحن بحاجة إلى كمية تتراوح بين ألفين و5 آلاف لتر من المياه لإنتاج الغذاء الذي يستهلكه شخص واحد، إذ يُقَدّر أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 بلايين نسمة بحلول العام 2050، من المتوقع أن يزداد الطلب على الغذاء بنسبة أكثر من 50 في المائة. وتشير الدلائل إلى أن ثلثي سكان العالم قد يعيشون في البلدان التي تعاني من النقص في المياه بحلول العام 2025 إذا استمرت أنماط الاستهلاك الحالية. ومن أجل تحقيق عالم خال من الجوع بحلول العام 2030، علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة اليوم. وليس هناك إلا ثلاثة مجالات يمكننا العمل فيها لإنقاذ هذا المورد الثمين، وهي المجالات التالية:
1الزراعة

تشكل الزراعة سبباً رئيسياً في ندرة المياه وهي تعاني من هذا النقص في الوقت نفسه. إذ تشكل نحو 70 في المائة من جميع عمليات ضخّ المياه، وتصل إلى 95 في المائة في بعض البلدان النامية. لكن هناك تحسينات يمكن أن نحققها فيما يتعلق بكيفية استخدام المياه لإنتاج الأغذية. فإن اختيار المحاصيل مثلاً يؤثر بشكل كبير على كمية المياه المطلوبة. هل تعلم أن محاصيل البقول لها بصمة مائية صغيرة تعني أن إنتاج كغم واحد من العدس لا يحتاج إلاّ إلى 1250 لترا من الماء؟ قارن هذا بكمية 13 ألف لتر من الماء اللازمة لإنتاج لحم البقر!
2تغير المناخ

من المتوقع أن تتفاقم ندرة المياه نتيجة لتغير المناخ. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم فيما بين 1,6 درجة مئوية و 6 درجات مئوية بحلول عام 2050. وبالنسبة لكل درجة من درجات الاحترار العالمي، سيشهد 7 في المائة من سكان العالم انخفاضا بنسبة 20 في المائة أو أكثر في موارد المياه المتجددة. ويترتب على الجفاف المتكرر والشديد تأثيراً على الإنتاج الزراعي، في حين تتجسّد درجات الحرارة المرتفعة في تزايد الطلب على المياه من أجل المحاصيل. وبالإضافة إلى التحسينات في كفاءة استخدام المياه والإنتاجية الزراعية، يجب علينا اتخاذ إجراءات في استخدام موارد المياه العذبة المحيطة بالمحاصيل وإعادة استخدامها، وزيادة الاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحّي. إذ إن ذلك لن يمنع حدوث الجفاف، لكن يمكن أن يساعد في الحؤول دون أن يؤدي الجفاف إلى المجاعة والفوضى الاجتماعية الاقتصادية.
3الفاقد والمهدر من الأغذية

يؤدّي الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية دورا مهما في استخدام المياه استخداماً أكثر حكمة. فكل سنة، يفقد أو يُهدر ثلث الإنتاج الغذائي العالمي - ويترجم إلى ضياع حجم من المياه الزراعية يعادل حوالي ثلاثة أمثال حجم بحيرة جنيف. وعلينا ألا ننسى أنه عند رمي الطعام، فإننا أيضا نهدر الموارد اللازمة لإنتاجه. ويمكننا جميعا إجراء تغييرات صغيرة في حياتنا اليومية للحد من النفايات الغذائية، بطهي أطباق من بقايا الطعام وشراء ما نحتاجه فقط.

4النظم الغذائية

كثيراً ما تستخدم المياه بشكل غير مُجدٍ في سلسلة القيمة الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، كثيرا ما تُتَّخَذ القرارات الرئيسية مثل اختيار المواقع والتكنولوجيا والموردين دون مراعاة آثار هذه العملية على توافر ونوعية الموارد المائية، خاصة عندما لا تكون المياه عاملاً مقيداً إما بالكميات أو فيما يخص السعر. ويمكننا أن نساعد على زيادة الممارسات الجيدة التي يتخذها القطاع الخاص وأن نشجع الآخرين على إدراج هذه الآثار صراحة في خطط أعمالهم.وتعمل المنظمة مع البلدان لضمان جعل استخدام المياه في الزراعة أكثر كفاءة وإنتاجية وإنصافا ومراعاة للبيئة. وينطوي ذلك على إنتاج المزيد من الغذاء مع استخدام كميات أقل من المياه، وبناء قدرة المجتمعات الزراعية على التصدّي للفيضانات والجفاف، وتطبيق تكنولوجيات المياه النظيفة التي تحمي البيئة. إن مسألة ندرة المياه هي جوهر التنمية المستدامة. وعلينا أن نعمل الآن للحفاظ على هذا المورد الثمين حتى يظلّ متاحاً للأجيال المقبلة.