الحرسوسي والمشــيخي: المعلومـــة الصحيحة أهم إجراء لمواجهة الشائعات

بلادنا الثلاثاء ١٦/فبراير/٢٠١٦ ٠١:١٠ ص
الحرسوسي والمشــيخي: المعلومـــة الصحيحة أهم إجراء لمواجهة الشائعات

مسقط -
أكد كل من رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى سعادة حمودة بن محمد الحرسوسي ورئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة المكرم د. أحمد المشيخي أن نشر المعلومة الصحيحة والإسراع بتوضيح كافة المعلومات هو أهم الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمواجهة انتشار الشائعات في المجتمع.

وقالا إن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها أثر كبير في زيادة انتشار الشائعات وترويجها بشكل أسرع وأكثر انتشاراً بين أكبر قطاع من أفراد المجتمع، وأكدا أن مؤتمر الإشاعة والإعلام الذي سيعقد في السلطنة في 27 و28 مارس المقبل سيكون له نتائج إيجابية على مستوى توعية المجتمع بأخطار الإشاعة وكيفية مواجهتها والتعامل معها.

وقال سعادة الحرسوسي: إن لجنة الإعلام والثقافة تبنت في الدورة السابعة من مجلس الشورى مسودة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتداولها، والدول التي تطبق هذا النظام من الدول الـ 90 ذات الشفافية، وهو يصد ويرد على الإشاعات، وهذا القانون قد تم إعداده في اللجنة من خلال فريق قانوني بمعية الأكاديميين في جامعة السلطان قابوس، وقد أعدت له القوالب والنصوص القانونية ويضم 5 فصول تقريباً تشمل حوالي 38 مادة منها ما يتضمن الجزاء لمن يسرب المعلومات، والتأكيد على أن المعلومة حق للصحفي وللباحث ولكل من يريد أن يستغلها اقتصادياً، وأيضاً يجرم نشر الشائعات، حيث تمت التوصية من خلال اللجنة بإنشاء المركز الوطني للمعلومات.
وأكمل بالقول: في هذه الدورة تعكف حالياً لجنة الإعلام والثقافة على دراسة لتفعيل دور المتحدث الرسمي في الجهات الحكومية والخاصة، يكون من دوره الرد الرسمي على أي شائعة، ولهذا نقوم باستكمال الجهود في هذا السياق استكمالاً لمشروع قانون حق الحصول على المعلومة وتداولها، وبحسب الأنظمة والقوانين في السلطنة هناك متحدثون رسميون وكذلك الأمر في بعض المؤسسات شبه الحكومية إلا أن ذلك لم يتم تفعيله. وقال: نعلم جميعاً أهمية الوضوح وعدم الضبابية وسهولة الوصول إلى المعلومة، وهذا القانون يوفر تواصلا دائما مع ما يطرح من شائعات ومن ثم الرد عليها في الوقت المناسب للقضاء على الشائعات قبل استفحال خطرها.

أهمية المؤتمر

وحول مؤتمر الإعلام والإشاعة قال سعادة رئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشورى: إن من المتوقع أن تكون له آثار إيجابية على مستويات عدة أهمها توعية المجتمع بخطورة الشائعات وتأثيراتها المختلفة على الدولة والأفراد، وكيفية تداول المعلومات بشكل آمن، بخاصة أن المؤتمر يغطي كافة الجوانب القانونية والاجتماعية والإعلامية بشكل علمي مدروس من خلال أوراق البحث والمناقشات المتوقعة.
وأشار سعادته إلى أن وجود الشائعات في مجتمعنا يعد أمراً طبيعياً، بخاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأجهزة الحديثة والهواتف الذكية التي سهلت من تبادل الأخبار والشائعات وترويجها بسرعة وعلى أكبر نطاق.
وذكر أن هناك الكثير من الشائعات منها ما يؤثر على الأفراد أو يؤثر على الاقتصاد ومؤسسات الدولة المختلفة، لكن مجتمعنا ما زال أقل تأثراً بها، حيث إن هناك منطقا وعقلا يتحكمان في عملية رواجها.

شبكات التواصل

من جهته، قال المكرم د. المشيخي: إن شبكات التواصل الاجتماعي تعد سبباً رئيسياً لرواج الشائعات في المجتمع والتي صارت مادة دسمة لتلك المواقع وبخاصة «واتساب وتويتر وفيس بوك»، بينما يختلف الأمر مع الشبكات الاجتماعية التي تعتمد على الصورة مثل انستجرام واليوتيوب على سبيل المثال لأن الصورة تعد وثيقة في حد ذاتها، وهي بحاجة إلى تقنية وبرامج متخصصة للتلاعب فيها، ما يعقدها ويصعب تزييفها، بعكس المعلومات المكتوبة التي يمكن أن تروج أياً كانت صحتها.
وأضاف: ساهمت تلك الشبكات في انتشار الشائعات بشكل أكبر وأوسع، عكس الوسائل التقليدية سابقاً حيث كانت الشائعة تنتقل عبر الرواة ومن شخص إلى آخر أو لمجموعة أشخاص، لكن الآن تغريدة واحدة يمكن أن تصل إلى عشرات الآلاف من المتلقين، أو رسالة واحدة تصل إلى مئات الأشخاص المشتركين في مجموعة على واتساب مثلاً، وما يزيد من خطورة الشائعة أن كل متلق يقوم بإعادة نشرها وإرسالها للأطراف الأخرى وأحيانا دون أن يقرأ المضمون، ولهذا فإن ظاهرة الشائعات في المجتمع الحديث أكثر خطورة وأكثر انتشاراً، أكثر سرعة وتأثيراً.

إجراءات

وحول أهم الإجراءات التي يجب اتباعها لمواجهة خطورة الإشاعة قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة: الحل بسيط جداً ويتمثل في الإسراع بنشر المعلومة الصحيحة وتصحيح المعلومات الخاطئة التي تتناولها شبكات التواصل أو وسائل الإعلام المختلفة.

وأشار المكرم د. أحمد المشيخي إلى أن الإعلام الرسمي لا يتأثر بالشائعات كثيرا، بحكم أخلاقيات العمل الإعلامي التي تحتم عليه أن تكون مصادر معلوماته موثوقة وصحيحة، ولهذا نجد أن الشائعات لا تؤدي دوراً أساسياً في التغطيات الإعلامية، بحكم أن كل وسائل الإعلام لابد أن تستقي موادها المختلفة من مصادر موثوقة مثل وكالات الأنباء أو الأشخاص المعنيين مع ذكر أسمائهم.

وأكد أن وسائل الإعلام تتحمل المسؤولية كاملة عن نشر المعلومات الصحيحة، وإذا لم يحدث فإن القانون يلزم الجهات المعنية بالتصحيح في نفس المساحة والمكان.

وقال: بحسب معرفتي بوسائل الإعلام العمانية فهي لا تنشر أية معلومة أو خبر دون وجود أكثر من مصدر رسمي، عكس شبكات التواصل حيث الفرصة أكبر لنقل الشائعات. لكن هناك إمكانية الآن للوصول إلى هؤلاء الأفراد حتى لو كانت حساباتهم بأسماء وهمية بخاصة إذا كانت الشائعات لها تأثير على الدولة أو المجتمع أو الحياة الخاصة للأفراد، ففي هذه الحالة يتم التدخل وفق نصوص قانونية تحكم ذلك.
وقال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة: إن الشائعات تشمل مختلف جوانب الحياة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهناك شائعات تؤثر على الأفراد أو على الدولة والمجتمع بوجه عام وعلى النظام العام، والشائعات كمفهوم تتمثل في نقل المعلومات عبر أشخاص وتداولها دون التأكد من مصادرها، وتعتمد على مصدر سماعي (قيل لي...أو سمعت) وعندما تسأل عن المصدر الأساسي للمعلومة لا تجد إجابة، كما أن انتقال الشائعة من فرد إلى فرد يضيف جزءا جديدا على المعلومة، كل مرحلة يضاف إليها جديد، وإذا أجرينا دراسة على شائعة من الشائعات وكيف انطلقت وكيف وصلت في نهاية المطاف فقد نجد أنها وصلت إلى الأفراد الآخرين بمفهوم آخر.
وأشار إلى دراسة أجراها أظهرت كيف تتطور الشائعة، وأن كل من يتداولها يضيف إليها بحسب مفهومه أو علاقته بالمادة المتضمنة، أو بحسب اهتماماته الخاصة، وتتغير حتى في المعنى، ولهذا الأساس تتطور الإشاعة وتأخذ عدة أشكال. وقال: في أكثر الأحوال يكون هناك أحداث متزامنة أو أسباب على ارض الواقع مرتبطة بالشائعة وربما تتسبب في انتشارها.

وضرب المكرم د. أحمد المشيخي مثالاً بشائعة قوية انتشرت عام 2005 حول وجود سيارات تجوب القرى والولايات البعيدة حيث أماكن تجمعات الأطفال وتقوم بحقنهم بفيروس الإيدز. وقد انتشرت هذه الشائعة في كل ربوع السلطنة وأثارت الذعر، وكان ذلك بالتزامن مع واقعة الممرضات البلغاريات في ليبيا اللواتي قمن بحقن الأطفال بفيروس الإيدز، وصادف أن وزارة الصحة العمانية كانت في تلك الآونة قد قامت باستئجار سيارات دفع رباعي لتقوم بتطعيم الأطفال في الأماكن البعيدة، وهو ما أدى إلى أن تصبح الشائعة شبه حقيقية، وسارعت وزارة الصحة لتوضيح الحقيقة ووضعت ملصقاً على السيارات وانتهت الشائعة، ولهذا يمكن القول إن الشائعات قد تكون مرتبطة بحدث حقيقي، ويبني عليها الجمهور الكثير من الخيال فتخرج بهذا الشكل.

دور مجلس الدولة

وحول دور مجلس الدولة في الحد من الشائعات قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة: لا ننظر للموضوع باعتبار أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات أو لا، فالإشاعة سلوك بشري موجود مع الإنسان منذ فجر التاريخ، وبالتالي لا يمكن وضع قوانين أو إجراءات لمنع الشائعات لأنك لن تستطيع تكميم أفواه الناس، ومن هذا المنطلق نحاول قدر المستطاع إيجاد آلية معينة تساعد الجهات المعنية سواء حكومية أو خاصة أو أفرادا للتأكيد على نقل المعلومات والحقائق إلى الناس لكي تخفف من حدة الشائعات المنتشرة في المجتمع، فالشائعة تموت وتنتهي عندما تتوفر المعلومة من مصادرها الأصلية، وكلما أسرعت في ذلك عملت على إنهاء الشائعة في المهد، وكلما تأخرت انتشرت الشائعة اكثر وتم تحويرها.
وحول الدور المأمول من مؤتمر الإشاعة والإعلام والتأثير المتوقع قال المكرم د. أحمد المشيخي إن المؤتمرات العلمية بشكل عام هي مؤتمرات النخبة والمتخصصين والباحثين في قضايا مختلفة، وأي مؤتمر علمي كان تقدم فيه أوراق وأبحاث ودراسات لابد أن يكون له فائدة للمجتمع، وعلى الأقل سيستفيد المجتمع عندما يتعرف على الإشاعة وأنواعها وكيفية انتشارها ومدى تأثيرها، وتبصير الجهات المعنية بإمكانيات الحد من هذه الظاهرة والسيطرة عليها لعدم انتشارها بشكل واسع في المجتمع من خلال الأوراق والمناقشات العلمية التي يشهدها المؤتمر. واعتبر أن المؤتمرات في نهاية المطاف تجارب علمية ودراسات تقدم للناس وتعطي توصيات يجب الأخذ بها.