مسقط – محمد البيباني
ملفات عديدة شائكة تحملها أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض والتي وصلها صباح أمس السبت، في أول زيارة خارجية له منذ توليه رئاسة أمريكا، وكان ترامب غادر واشنطن، مساء الجمعة، متوجهاً إلى المملكة العربية السعودية، للمشاركة في 3 قمم، تستضيفها العاصمة السعودية.
وتستضيف الرياض 3 مؤتمرات قمة أمس السبت واليوم الأحد، تحت عنوان «العزم يجمعنا»: «سعودية أمريكية، وخليجية أمريكية، وعربية إسلامية أمريكية». والقمم الثلاث، برؤية واحدة، وهي: «سوياً نحقق النجاح» تستضيفها الرياض، لتأكيد الالتزام المشترك نحو الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية العميقة والتعاون السياسي والثقافي البنّاء تحت شعار العزم يجمعنا. وستُناقش ملفات مهمة على مدى يومين كاملين، أهمها مكافحة الإرهاب وسبل تعزيز العلاقات الدولية للتصدي له.
تأتي الزيارة في ظل استمرار تراجع شعبية ترامب، إذ أظهر استطلاع لمؤسسة رويترز/إبسوس نُشر أمس الأول الجمعة، أن شعبية الرئيس الأمريكي هوت لأدنى مستوى لها منذ تنصيبه بعد اتهام ترامب بإساءة التعامل مع معلومات سرية والتدخل في تحقيق لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي).
وخلص الاستطلاع الذي أجري في الفترة بين 14 و18 مايو، إلى أن 38 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون ترامب، فيما كان 56 في المئة معارضين له، أما الستة في المئة الباقون فكانت لديهم آراء مختلطة بشأنه.
ماذا يريد ترامب؟
ذكرت وكالة أسوشيتد برس للأنباء نقلاً عن مسودة خطاب يلقيه الرئيس الأمريكي في السعودية اليوم الأحد، أن دونالد ترامب سيدعو للوحدة في مكافحة التطرّف في العالم الإسلامي وسيصف الجهود بأنها «معركة بين الخير والشر».
ونقلت الوكالة عن مسودة الخطاب أن ترامب سيتجنب اللغة الشديدة المناهضة للإسلام التي استخدمها خلال حملته الانتخابية فضلاً عن تجنب الأحاديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وسيقول ترامب بحسب مسودة الخطاب «لسنا هنا لإلقاء محاضرة... لنقول للشعوب الأخرى كيف تعيش وماذا تفعل أو من أنتم. نحن هنا بدلاً من ذلك لتقديم شراكة في بناء مستقبل أفضل لنا جميعاً».
وقالت أسوشيتد برس إن الخطاب يدعو أيضاً القادة العرب والمسلمين إلى «طرد الإرهابيين من أماكن العبادة».
يُذكر أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، قال إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أمرت بشن «حملة لتصفية» الإرهابيين في العراق وسوريا؛ للحد من عدد المقاتلين الأجانب الذين يعودون إلى بلدانهم قدر الإمكان.
وأوضح ماتيس، في مؤتمر صحفي في البنتاجون مقر وزارة الدفاع الأمريكية، أن «حملة التصفية» هذه تعني أن «تطوق» قوات التحالف مواقع تنظيم داعش قبل مهاجمتها، حتى لا يتمكن المتشددون من الفرار أو التجمع في مكان آخر.
وأضاف: «باختصار، هدفنا هو ألا يفر المقاتلون الأجانب» أو على الأقل أن يكون عدد الذين يتمكنون الفرار «قليلاً جداً»، وأكد ماتيس أن «المقاتلين الأجانب يشكلون تهديداً استراتيجياً سواء عادوا إلى تونس أو إلى كوالالمبور أو باريس وديترويت أو غيرها».
يأتي هذا متزامناً مع زيارة ترامب ومع تأكيد مسؤول سعودي، أن المملكة ستفتتح مركزاً رقمياً لمراقبة مَن أطلقت عليهم المتشددين الإسلاميين على الإنترنت.
«شراكة جديدة»
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد دعا إلى «شراكة جديدة» بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية التي سيشارك العشرات من قادتها في قمة تستضيفها الرياض اليوم الأحد ويحضرها ترامب. وبحسب فيليب جوردون، الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، فإن ترامب لن يلقي أمامهم محاضرة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيلقى التصفيق. لكن المسألة الأهم تبقى معرفة ما الذي سيطلبه منهم وما الذي يمكنه أن يأمل الحصول عليه».
ويدعو البيت الأبيض باستمرار دول الخليج العربية إلى انخراط أكبر في مكافحة ما يحرص ترامب على تسميتهم «الإرهابيين المتشددين».
وبحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال أتش. آر. ماكماستر، فإن ترامب «سيشجع شركاءنا العرب والمسلمين على أخذ قرارات شجاعة لنشر السلام ومواجهة أولئك الذين، من تنظيم داعش إلى القاعدة، يزرعون الفوضى والعنف اللذين تسببا بآلام في العالم الإسلامي وخارجه».
وكان سلفه أوباما ألقى قبل ثماني سنوات في جامعة القاهرة خطاباً دعا فيه إلى «انطلاقة جديدة» بين الولايات المتحدة والمسلمين في العالم أجمع، «انطلاقة أساسها المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل».
حلم السلام.. هل يحققه؟
في مقاله لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، تناول الكاتب تسفي بارئيل التحول الأخير في الوضع السياسي الإقليمي في الشرق الأوسط مع وصول دونالد ترامب إلى الحكم، وحلمه الكبير بتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، ويتناول ذلك في ضوء التقارير التي تتحدث عن احتمالات وجود تعاون خليجي مع ترامب حول هذا الشأن.
من جانبها نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم» مقتطفات من الحوار الذي أجرته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مكتبه بالبيت الأبيض، والذي رفض فيه التعليق على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس بالقول نبحث هذا الأمر مع المعنيين.
وقال ترامب للصحيفة إذ سيُنشر الحوار كاملاً اليوم الأحد قبل يوم من زيارته لإسرائيل، إنه يحب الشعب الإسرائيلي، وأوضح «ترامب» أنه مصرٌّ على دفع عمليات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال القيام بمباحثات مباشرة بين الطرفين.
من جهة أخرى أعرب مسؤولون إسرائيليون عن غضبهم، الجمعة، إزاء نشر الإدارة الأمريكية خريطة لإسرائيل لا تتضمن المناطق التي احتلتها الأخيرة العام 1967.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس السبت، عن وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، انتقادها الخريطة التي لم تشمل مناطق الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان، في حدود دولة إسرائيل.
وقالت الوزيرة «شاكيد» للصحيفة: «آمل أن يكون هذا مجرد جهل وليس سياسة». وأضافت: «سياسة تل أبيب واضحة، وهي ضمان عدم إقامة دولة فلسطينية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس».
وشددت شاكيد على أن «نقل السفارة وعد قدّمه (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب لقاعدته السياسية في إسرائيل، وليس لنا»، في إشارة منها إلى الحكومة الإسرائيلية.
الأسلحة
تملك السعودية التي ستضع اللمسات الأخيرة على اتفاقيات شراء أسلحة أمريكية بأكثر من 100 بليون دولار خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أفضل الجيوش عتاداً في الشرق الأوسط.
وتعد السعودية من كبار مشتري الأسلحة في العالم، كما أنها شريك الولايات المتحدة الرئيسي في المنطقة لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق.
وأفاد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية- مركز أبحاث مقره لندن- أن «القوات المسلحة في السعودية ما زالت أفضل تجهيزاً من جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل».
والاحتياجات العسكرية للمملكة آخذة في الازدياد بسبب انخراط جيشها منذ العام 2015 في حرب اليمن، رغم أن مهمته تقليدياً هي الدفاع عن حدودها.
ومن جهته، أشار معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إلى أن الرياض كانت في العام 2016 رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم مع 63.7 بليون دولار.
ويعتبر سلاح الجو رأس الحربة ويتألف أساساً من الطائرات المقاتلة إف- 15 الأمريكية، ولكن هناك أيضاً مقاتلات وقاذفات تايفون وتورنادو تم شراؤها من المملكة المتحدة.
وطلبت السعودية في الآونة الأخيرة شراء 84 مقاتلة من طراز إف- 15 إس أي النسخة الأكثر تطوراً من القاذفات الأمريكية في عقد قيمته نحو 30 بليون دولار أُبرم العام 2011، ويلحظ كذلك شراء مروحيات من طراز بلاك هوك وأباتشي.
ومن المتوقع أن تؤدي رئاسة ترامب التي أشاد بها قادة المملكة إلى المزيد في هذا الاتجاه.