أحلام خليجية متجددة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٧/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
أحلام خليجية متجددة

فريد أحمد حسن

في العديد من المناسبات يتحدث أمين عام مجلس التعاون د.عبد اللطيف بن راشد الزيانـــي عن «المسيرة التكاملية» لمجلـــس التعـــاون، ومقومـــات الاستمرارية والنجاح فيها، وهو يستغــل كل مناسبـــة ليؤكـــد على «الرؤية الطموحة التي يعمـــل مجلس التعاون على تحقيقهـــا والمتلخصة في توفير بيئة آمنة ومستقـــرة مزدهـــرة ومستدامــة لدول مجلس التعاون ومواطنيها من خلال التنسيق والتعاون والتكامل والترابط»، وليؤكـــد على أن «أهـــداف تنفيذ استراتيجية العمل الخليجي المشترك متمثلة في تحصين دول المجلس أمنيا داخلياً وخارجياً، وزيادة النمو الاقتصادي واستدامته، والحفاظ على مستوى عالٍ من التنمية البشرية، وتحسين السلامة العامة من خلال إقرار استراتيجيات للتوعية بالمخاطر وإدارة الأزمات، وتحسين مكانة مجلس التعاون إقليميا ودوليا».

أيضا يستغل أمين عام المجلس المناسبات المختلفة للتحدث عن بعض جوانب إنجازات مجلس التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، ويهتم بتوصيل فكرة أن هذه الإنجازات «تؤكد على نجاح النموذج الخليجي في التكامل، وسلامة منهجه، وأن التكامل وسيلة فعالة لتحقيق الأهداف الوطنية».

أما عن مستجدات العمل الخليجـــي المشترك فيهتم بالتأكيد على أن مسيرة مجلس التعاون «شهدت نقلة نوعية وتسارعا في وتيرة الأداء - خلال العامين الأخيرين - في ضوء الرؤية الحكيمـــة لتعزيـــز العمــل الخليجي المشترك التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- إلى إخوانه قادة دول مجلس التعاون في قمة الرياض في ديسمبر 2015 واعتمـدها المجلس الأعلى لمجلس التعاون» وأن «ما تضمنته هذه الرؤية من أهداف عديدة تبرهن على عمق الالتزام لدى قيادات دول مجلس التعاون بتعــزيـــز الكيان الخليجي من خلال تذليل العقبات التي تعترض استكمال بعض المسارات، ووضع أهداف جديدة ترفع سقف التكامل الخليجي».
هذه التصريحات وغيرها تدفع إلى التكامل بين دول المجلس وهو الخيار البديل، والأفضل والعملي والواقعي، وأن التكامل الاقتصادي والأمني هو ما ينبغي التركيز عليه في مثل هذه الظروف غير الطبيعية التي تمر بها المنطقة.
الإشكالية التي ينبغي الإشارة إليها هنا هي أن اتخاذ مثل هذا القرار يجب ألا يكون سرياً وأن يتم إطلاع شعوب دول المجلـــس عليه وبيان أسبابه وحيثياته، كي تكون في الصورة على الأقل، ولربما نصحت هذه الشعوب لو استمزج رأيها بتجربة حل آخر أو وجدت نفسها موافقة على هذه الخطــوة كمــا أن اتخاذ قرار بتأجيل أو إلغاء مشروع ظل الجميع يتداوله ويناقشه وصار كل فرد من أبناء مجلس التعاون يرسم له صورة في خيالـه ويحسب إيجابياته وسلبياته ينبغي إطلاع المجتمع الخليجي عليه من خلال وسائل الإعلام، فالمجتمع الخليجي جزء من المشروع ومن منظومة المجلس نفسه ومن دونها لا يمكن نجاح أي مشروع وأي بديل له عليه.
إطلاع شعوب التعاون على ما يدور في الكواليس أمر يفترض أنه اليوم من الأمور التي ينبغي عدم تجاوزها أو التهاون فيها خصوصا في مثل هذه الموضوعات، إذ عدا أن هذا من حقها فإنها يمكن أن تبلي برأيها بلاء حسناً وتعين على التوصل إلى قرارات ربما ظن المعنيون للحظة أنه صعب التوصل إليها.
ليس صحيحاً القول إن العواطف تحكم قرارات شعوب دول مجلس التعاون، ففي مثل هذه الموضوعات، وإن كان صعباً التحرر إزاءها مــن العواطف، إلا أنها تظل سبيلاً لمعرفة ما تريد بدقـــة، وسببا قد يفتح الباب على عقول لم يتم الانتباه إليهـــا بعـــد، فدول التعاون «ولادة» وتعلق شعوبها بمجلـــس التعاون يعينهـــا على تفهم كل جديد من الظروف، وكل مفاجئ من الأحداث، أي أن حلمهــــا بالتحول إلى اتحاد لا يعني عدم تفهمها لظروف المرحلة، فالمستوى التعليمي الذي وصلت إليه هذه الشعوب وقدرة الكثيرين من أبنائها على قراءة الواقع وتطور الأحداث استنادا إلى ما اكتسبوه من خبرة وتجربة، كل هذه أمور تعين هذه الشعوب على فهم طبيعة المرحلة وتفهم عدم اتخاذ القادة هذا القرار أو ذاك، في هذا الوقت أو ذاك، لهذا السبب أو ذاك.
لا بأس أن يتم تأجيل أي مشروع أو تأجيل ترجمة أي حلم شعبي خليجي إلى واقع، ولكن ينبغي أن يكون مثل هذا القرار نابعاً عن قناعة الجميع وتفهم الجميع لما يجري. إن ترك الأمور لقدرات أبناء التعاون على الاستنتاج والاجتهاد في تفسير ما يجري حولهم قد يكون غير صائب، فما يجري هي في كل الأحوال جزء منه، وأي نجاح لأي قرار لا يمكن أن يتحقق من دونها ومن دون تفهمها واقتناعها وتفاعلها وهذا يشمل قرار التكامل.

كاتب بحريني