السلطنة تدخل عصر «الزراعة الذكية»

مؤشر الأربعاء ١٧/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
السلطنة تدخل عصر


«الزراعة الذكية»

مسقط - فريد قمر

تشكِّل ندرة المياه إلى جانب تقلّص المساحات القابلة للزراعة في العالم إحدى أهم المعضلات التي تواجه الأمن الغذائي العالمي، ما فرض على الدول اللجوء إلى حلول ذكية في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، والسلطنة ليست بعيدة من هذا التوجه.

فإلى جانب الجهود التي تُبذل من قِبل وزارة الزراعة لتعزيز الأمن الغذائي بدأ القطاع الخاص، وتحديداً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بأخذ زمام المبادرة والاستثمار في تقنيات زراعية ذكية تقلّل من استخدام المياه بنسبة كبيرة وتستغني عن التراب التقليدي، بما يزيد الإنتاجية ويوفر من استخدام الأراضي. لعل أبرز ما يلفت في معرض «أجرو عُمان» الذي يُعقد في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، هو أساليب الزراعة غير التقليدية التي بدأت تنتشر في السلطنة، ومن بينها الزراعة المائية، ورغم أن التسمية تظهر أن تلك الزراعة تعتمد على المياه بشكل رئيسي، فإن المهندس أحمد الفقي، من شركة زراعة المستقبل، يشرح أن تلك التقنية توفر المياه بنسبة 70 أو 80 في المئة، وتقوم فكرتها على الزراعة في أنابيب ومن دون تربة. ويضيف الفقي في تصريح خاص لـ«الشبيبة» أن الزراعة المائية توفر العناصر الرئيسية التي يحتاجها النبات في المياه من خلال «أغذية» توضع في المياه بنسب مدروسة بحسب كل صنف، وتؤدي هذه التقنية إلى حصول كل نبتة على حاجاتها من دون زيادة أو نقصان لتنمو بطريقة سليمة. ويؤكد أن «الزراعة المائية باتت منتشرة بشكل كبير في العالم حتى أن الناس يأكلون من منتجات الزراعة المائية من دون أن يعرفوا»، ويوضح: «عندما نرى في المتاجر أن الطماطم مثلاً له مقاس واحد ولون واحد ومن دون تشوّه فهذا يعني أنه من الزراعات المائية، إذ تكون الثمار قد حصلت على جميع المواد الغذائية التي تحتاجها وهذا لا يحصل عادة في الزراعة التقليدية».

وعن الأثر الصحي لتلك الزراعات يقول الفقي: «المواد الغذائية المستخدمة هي مستخلصة من الطبيعة، وجميع الدراسات العالمية أثبتت أنها مطابقة للمواصفات العالمية». ويوضح الفقي: «يجب عدم الخلط بين مفهومي الغذاء والتغيير بالتركيبة الجينية، فنحن عندما نعطي الثمار الغذاء لا نمدها بأي شيء صناعي أو كيماوي من أجل تضخيم حجمها، بل هي تحصل فقط على ما تحصل عليه في التربة إنما بطريقة متوازنة غير عشوائية».
ويوضح الفقي أن «التقنية بدأت تلقى رواجاً في السلطنة وثمة شركات بدأت تنتج محصولاً وفيراً وتصدّر معظم محصولها خارج السلطنة».
ويقول: «إن قوة الزراعة المائية هي إمكانية الزراعة الرأسية إذ يمكن وضع أنابيب على شكل رفوف وهذا ما يستحيل تحقيقه في الزراعة التقليدية، وبالتالي بذات المساحة يمكن إنتاج أضعاف ما تنتجه الزراعة التقليدية».
ويؤكد أن الزراعة المائية تساعد في تحقيق «الزراعة البيتية» بحيث يمكن لأي إنسان أن يزرع داخل منزله ما يحتاجه من بقول وخضراوات، والحصول على الاكتفاء الذاتي لكل منزل. ويقول إنه «لا حد لأنواع المحاصيل التي يمكن زراعتها، من البقول والطماطم والباذنجان بالإضافة إلى الورقيات وغيرها الكثير».

استنبات الشعير

وإذا كانت الزراعات للاستخدام الإنساني تشكّل حاجة أساسية، فإن الزراعات التي تستخدم كأعلاف أو أطعمة للحيوانات لا تقل أهمية عن الزراعات الأخرى، لاسيما أن تأمين الأعلاف يساهم في استدامة الثروة الحيوانية وينعكس مباشرة كذلك على الأمن الغذائي، بحسب ما يشرح المدير العام لشركة الإتقان للمشاريع والخدمات سعيد البلوشي.

ويقول البلوشي في تصريح خاص لـ«الشبيبة» إن الشعير أساسي للتسمين ولإدرار الحليب لدى المواشي، ويحتوي على فيتامينات أساسية، ومع ندرة المياه وتقلّص المساحات الزراعية بات البحث عن تقنيات ذكية ضرورة ملحة». ويشرح البلوشي أن تقنية «استنبات الشعير» التي باتت توفرها شركته، وهي من الشركات الصغيرة والمتوسطة، تمكِّن من إنتاج ربع طن من الأعلاف من غرفة لا تتعدى مساحتها 15 متراً مربعاً.
ويضيف البلوشي أنّ ذلك يختصر مساحة زراعية كبيرة، وهو يوفر المياه بكميات هائلة، «فإنتاج طن واحد من الشعير بالتقنية الذكية يحتاج 600 لتر من المياه فقط، في حين أنه لو زُرع في الأرض سيحتاج من 4 إلى 5 آلاف لتر».
وعن توفير الوقت يؤكد أن إنتاج الشعير الذي يتم خلال 7 أيام في الغرف، يحتاج إلى شهر ونصف في الطبيعة، فضلاً عن إمكانية زرعه طوال السنة، بينما لا يُزرع الشعير بالطريقة التقليدية إلا في الشتاء، ويؤكد «أن نوعية الشعير المُنتج في الغرف أفضل من الشعير المزروع في التربة من حيث قيمته الغذائية، لاسيما أننا لا نستخدم إلا المياه من دون أي مواد كيماوية أو صناعية». وعن التكلفة يقول: «إن التكلفة الأساسية هي التي تدفع في المرة الأولى، لكن بعد أن يركب النظام تصبح تكلفة إنتاج الطن الواحد نحو 20 ريالاً عمانياً، بينما إذا أراد المزارع شراء الكمية من السوق فهي تزيد عن 120 ريالاً عمانياً». ويكشف البلوشي أن التقنية بدأت تلقى رواجاً في السلطنة، وهي قادرة على تطوير قطاع المواشي والأعلاف في السلطنة.