لسماحته العتبى حتى يرضى

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٧/مايو/٢٠١٧ ٠١:٣٤ ص
لسماحته العتبى حتى يرضى

علي بن راشد المطاعني

البعض فهم التغريدة التي نشرناها في تويتر حول استخدام طائرة خاصة في مهام رسمية أو خاصة بشكل خاطئ أو إنها إساءة موجهة لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة‏، وهذا في الواقع عار عن الصحة تماما، فلم يخطر ببالنا على الإطلاق شيء من هذا القبيل، إذ لطالما كتبنا مقالات عديدة دافعنا فيها وببسالة عن سماحته عندما تلقى أسئلة ذات دلالات غير جيدة في أحد البرامج الدينية في تلفزيون سلطنة عُمان وغيرها الكثير من المواقف، والدليل الآخر على أننا لم نعنِ ولم نقصد ذلك المعنى أننا قمنا وعلى الفور بإلغاء تلك التغريدة التي أثارت ذلك اللغط وذلك الجدل عندما اتضح لنا أن التغريدة قد أسيئ فهمها، وأنها قد اقتربت بنحو غير مقبول من مكانة سماحته الدينية والاجتماعية عالية المستوى، ثم ذهبنا أعمق من ذلك للاعتذار عن تلك الكبوة غير المقصودة، فالكمال لله وحده كما نعلم، ونحن كبشر لا يحق لنا الاعتداد ببشريتنا إن لم نخطئ ونصب، نسقط وننهض، نصمت ونتحدث، نغفو وننام، تلك هي سمات بشريتنا، وتلك ملامح إنسانيتنا، وإذا قلنا بأننا معصومون من الخطأ فذلك يعنى بأننا لسنا بشرا، وإذا زعمنا ذلك فالقطع أننا لسنا ملائكة أيضا، إذن علينا الإقرار ببشريتنا والاعتراف أن لا مهرب لنا من الخطأ، ولكن العبرة تكمن في العودة عنه، والاعتراف به، تلك هي الشجاعة التي تمليها أمانة الكلمة وتلك هي المسؤولية الجسيمة التي يتعين علينا تحملها، إذ نحن حملة أقلام.

لقد جاءت ردود الأفعال التي تواترت في مواقع وحسابات التواصل الاجتماعية هادرة كالطوفان، والذين غضبوا لهم الحق في ذلك فسماحته خط أحمر بالنسبة لهم ولي ولكل مريديه في العالمين العربي والإسلامي، وهم وأنا وجميعنا لن نرضى عن أي إساءة تمس سماحته مهما كان وزنها أو لونها أو صيغتها، والكاتب أي كاتب وبما أنه قد ارتضى هذه المهنة الشاقة فعليه أن يتقبل النقد الذي يوجه إليه تماما بذات المستوى الذي يتقبل عبره المدح عندما يصيب، هما إذن كفتا ميزان يجب احترامهما في مطلق الأحوال، وبطبيعة الحال فإن هناك فرقا ما بين النقد البناء والهادئ وما بين التجريح والقذف، فالأخير لا يخدم القضية عكس الأول الذي يصحح الخطأ وصولا للصواب الذي ننشده جميعا.

لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة‏ مكانة خاصة وسامية في نفسي وأكن له تقديرا وإعزازا كبيرا وسامقا وعاليا، ذلك ليس إطراء أو مجاملة أو نفاقا، فلطالما وقفت مدافعا عن سماحته كما أكدت وأشرت، وما فعلته في هذا الشأن ليس إلا تأكيدا على مكانته المرموقة في نفسي، وإقرارا بمكانته العالمية باعتباره أحد أكبر المفكرين الإسلاميين الذين يقف العالم جميعه احتراما لهم.

علوم الشبيبة - علي المطاعني يعتذر لسماحة المفتي .. وهذا ما قاله ؟

فأنا أكن حبا خاصا لسماحته لأسباب عديدة ربما لا يعرفها الكثيرون، باعتبارها غير منظورة للعامة وهذا بديهي حكما، فيقيني كامل من أنه في طليعة الذين ساهموا في تعزيز الوحدة الوطنية في السلطنة منذ بواكير النهضة المبكرة، وعبر منهج الوسطية المبتعد كليا عن الغلو والتشدد أكسب لنفسه والسلطنة كذلك ذلك الصيت الحسن في عالم يموج بالعنف، وأسهم وبقدر لا يوصف في إيجاد ذلك التآلف والتسامح والانسجام بين كل الطوائف والشرائح في المجتمع العُماني المسالم، وبقدر أضحى فيه المواطن العُماني يوصف بالاعتدال وبالأدب وبالوسطية، كل ذلك استمده الناس من الفتاوى والمواعظ والمحاضرات التي يلقيها سماحته على مريديه عبر وسائل الإعلام المختلفة.

فلهذا الشيخ الجليل في نفوسنا وفي نفوس المواطنين جميعهم مكانة عالية مضمخة بالود والتقدير والاحترام لا لشيء إلا لمواقفه الواضحة ومبادئه العادلة ليس في السلطنة وحدها وإنما في العالمين العربي والإسلامي بل وفي العالم بأسره.
فإذا كنت قد أخطأت في حق سماحته كما ذهب البعض لذلك المعنى، فإنني أقدم باقة اعتذار فواحة وعطرة لسماحته، هو اعتذار الابن لوالده، والطالب لأستاذه، والمحب لمحبوبه، هذه هي الشجاعة التي يجب أن نتحلى بها إذ نحن حملة أقلام، وأن نقدم اعتذارنا واضحـا وساطعا ولا لبـس فيه لهذا الهرم العُماني الأشـم سماحة أحمد بن حمد الخليلي، إذ له العتبى حتى يرضى..