أين المبرمجون العرب؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٥/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٩ ص
أين المبرمجون العرب؟

إعداد:
فريق إدارة المحتوى

تحفل منطقة الشرق الأوسط بالكثير من المكاتب الإقليمية التي تخدم بائعي التكنولوجيا الرئيسيين كافة حول العالم، إلّا أنّ هذه المقار الإقليمية قد تأسست لتكون منافذ مبيعات «تابعة»، وليس لتكون مراكز إبداعية لتطوير البرمجيات. وفي هذا الإطار، يتساءل الكثير من الخبراء المعنيين بصناعة التكنولوجيا اليوم عما إذا كنا سنشهد صعود المواهب العربية المحلية في هذا المجال. متى سيحين الوقت الذي نرى فيه تطبيقات برمجية حقيقية صممها مطورون محليون هنا في المنطقة؟ وما المطلوب من حيث البنى الأساسية أو التغيرات الجوهرية في المواقف والاتجاهات؟

أسس التكنولوجيا العربية الجديدة

بدأت المناقشات تدور على نطاقٍ واسع حول فكرة استنساخ نموذج وادي السيليكون في منطقة الشرق الأوسط. إلّا أن تكرار نسخة طبق الأصل غير ممكن بهذه السهولة.
فإذا كنا لا نستطيع تقليد الحاسوب الشخصي وثورة تطوير التطبيقات، فكيف يمكننا إذًا إرساء أسس التكنولوجيا العربية الجديدة؟
وفي هذا السياق، مدير الحلول المؤسسية في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشركة «Pentaho بنتاهو» علَّق وائل الرفاعي قائلًا: «ممّا لا شكّ فيه أن هذا السؤال مهم جدًا، ويمكن صياغته بأسلوب أوضح لنسأل: كيف يمكن أن تشارك الأجيال المقبلة من العرب في اقتصاد المعرفة العالمي مستقبلًا؟ وسأستهل إجابتي بقولي إن العالم العربي غير متجانس بقدر ما توحي به المظاهر». يذهب وائل الرفاعي من منظور اقتصادي بحت إلى أن منطقتنا تضمّ دولاً مثل قطر، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالى 140 ألف دولار أمريكي، مقارنةً بما يقارب 70 ألف دولار أمريكي في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما يمكننا مقارنة هذه الأرقام بنصيب الفرد في لبنان البالغ حوالى 17 ألف دولار أمريكي وفي اليمن البالغ 4 آلاف دولار أمريكي. أضاف وائل الرفاعي: «تلعب متطلبات الأجور دورًا أساسيًا، فرغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تضم العديد من المهنيين الموهوبين من الشباب، سيصعُب على شركة أمريكية تعهيد أعمالها إلى دول أخرى مرتفعة الأجور. لكن تشهد دول أخرى، مثل لبنان والأردن والمغرب، توسعًا ملحوظًا في قطاع تعهيد التكنولوجيا، غير أنها لا تزال تواجه تحديات بارزة، لا سيما في ما يتعلّق ببنيتها الأساسية».

معضلة التطوير

رغم أننا قد نصف استشرافنا للمستقبل في منطقة الشرق الأوسط بالشمولية، يؤكد، نائب رئيس المنتجات في شركة «CloudBees كلاود بيز» لتطوير البرمجيات السحابية هاربريت سينغ أن المسألة ليست مجرد تأسيس مكاتب مترفة واستضافة مؤتمرات دولية معنية بالتكنولوجيا وحسب.
ويضيف في هذا الإطار: «يكمن التحدي الرئيسي في الأهمية الكبيرة المعقودة على المهارات في عالم المطورِّين سريع الخطى. فالمطورون في بحث مستمر عن أحدث صرعة في العمل. وفي غياب ذلك، لن تتمكّن من استقطاب المطورين إليك والاستفادة منهم في هذا المجال. وفي المقابل، إن لم تنجح في جذب هؤلاء المطوِّرين للعمل ضمن بيئتك، فلن تتمكن من الوصول إلى أحدث صرعة في العمل».
يقول، مسؤول الحوسبة السحابية المؤسسية والمدير الأول لمنطقة شرق وسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشركة «أوراكل» أحمد عدلي: «تتعاون «أوراكل» أيضًا مع الجامعات العربية المحلية من أجل تعزيز مهارات الخريجين من خلال اعتماد منهجيات التطوير السحابي التّي تشكِّل نموذجاً تطوير التطبيقات الحديث الذي يركِّز على تطوير التطبيقات السحابية فقط أو التطبيقات التي ستبدأ بالتقنية السحابية ثم تتخذ أشكالاً أخرى».
وهنا يضيف أحمد عدلي من «أوركل»: «من منظور التنمية المستقبلية، لا بدّ من توجيه مساعي الاستثمار الأساسية نحو قطاع التعليم وتعزيز سبل الاستعداد للمستقبل. ودائمًا ما يُعتبر عدد الخريجين الذي يتقنون استخدام أُطر وأدوات البرمجة الحديثة أولوية للشركات متعددة الجنسيات كي تتجه باستثماراتها في أيّ بلدٍ».

إذا كان الهدف تعزيز الكفاءات العربية المحلية لتطوير البرمجيات وتصميم التطبيقات التّي سيستفيد منها السوق المحلي، لا بدّ من النظر إلى عنصر مهم للغاية، ألا وهو مجتمع المطوِّرين. وغالبًا ما يُساء تفسير شخصيات مطوِّري البرمجيات (بمن فيهم المطوِّرون العرب) واعتبارهم مهووسين بأنفسهم وهواياتهم وذلك نظرًا لانطوائهم على أنفسهم في عالم التكنولوجيا والتقنيات الذي يعيشون فيه. وبسبب ذلك، فهم يميلون إلى التواصل فيما بينهم ولذا يقدِّرون قيمة العلاقات في مجتمعهم الخاص. وترى رئيسة تسويق أعمال المطوِّرين في شركة «Mozilla موزيلا» المتخصصة في تطوير برمجيات الإنترنت، آلي سبيفاك، أن شركتها تحقق هذه المعادلة.

خطة خماسية

نظراً لأهمية الدور الذي تلعبه البرمجيات في عالمنا الرقمي، يمكننا القول إن الافتقار للمبرمجين العرب موضوع حساس لا بدّ من مناقشته ومعالجته. ويبدو أن الخبراء المعنيين بهذا المجال يتفقون على أركان خطة عمل خماسية لتنمية المواهب التقنية العربية، والمتمثلة في إتاحة رأس المال المغامر وضمان حماية الملكية الفكرية وإعادة توجيه مسار القوة الشرائية المحلية للتكنولوجيا، وذلك للتركيز على التكنولوجيات المنتجة محليًا ومواصلة بذل الجهود لتذليل العقبات التي تعترض ريادة الأعمال العربية، بما في ذلك المخاوف التنظيمية وما إلى ذلك ومواصلة التركيز على تعليم التكنولوجيا في العالم العربي على المستوى الشعبي، على النحو الذي تعتمده جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية وتكوين العلاقات والاتصالات بين أفراد مجتمع المبرمجين العربي وإثرائها.