تربـيــة نحــل العـســل واستخـــراجه إرث تقليدي حافظ عليه الآباء والأجداد

مزاج الاثنين ١٥/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
تربـيــة نحــل العـســل واستخـــراجه

إرث تقليدي حافظ عليه الآباء والأجداد

رخيوت - علي بن محمد باقي

تعد السلطنة من الدول التي تتمتع ببيئة غنية تتنوع فيها الأشجار المثمرة والزهور المختلفة بأنواعها وروائحها العطرية وتضاريسها الطبيعية، الأمر الذي يناسب تربية نحل العسل، ونظراً لما تمثله هذه الحرفة من أهمية اقتصادية ومردود وفير من الإنتاج فقد أولت الحكومة الرشيدة في العهد الزاهر الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- اهتماماً ملحوظاً بهذا القطاع من خلال الدعم والتشجيع وتأهيل المربيين والعاملين في مجال تربية نحل العسل بهدف تحقيق المزيد من المعرفة في استخدام التقنية الحديثة وكسب المهارات في مجال استخراج العسل.

«الشبيبة».. التقت شابين من أبناء ولاية رخيوت وهم مشعل مسلم سعيد باقي، وسالم أحمد سالم شماس ليتحدثوا عن تجربتهم بالعمل في هذه الحرفة التقليدية العمانية.
تعلم مشعل مسلم باقي هذه الحرفة منذ الصغر، ويعد حالياً من الشباب الذين يتمتعون بخبرة جيدة في هذا المجال الحرفي، يقول: فكرة إقامة مشروع تربية نحل العسل بدأت مع الوالد في العام 1992، إذ كان أول نحال يمتلك صناديق خشبية في الولاية وكانت الانطلاقة منذ تلك الفترة، إذ جاءت فكرة تربية نحل العسل لأهداف عدة، أولها أنها حرفة تقليدية مشهورة لدى العمانيين، وأيضا لمردودها الاقتصادي وتوفيراً لمصدر دخل آخر، وكانت البداية بما يقارب خمسة مناحل خشبية وضعناها في المنزل الذي نقطنه وبعد مرور ثلاثة أعوام، انتقلنا بها إلى موقع آخر يبعد عن القرية ما يقارب 2 كيلو متر لعدة أسباب منها دخول النحل إلى المساكن، وكذلك البعد عن التجمعات السكانية لإيجاد التغذية وجمع الرحيق من النباتات والزهور.
وحول دور البيئة والتضاريس في استقرار النحل يقول: «يلعب التنوع البيئي دوراً مهماً في توفير البيئة المناسبة لتربية النحل وجمع الرحيق مما يساعد النحل على البقاء في مواقعه وتكاثره بشكل كبير وأيضا زيادة الإنتاجية.
وحول مدى الإقبال على عسل الجبال مع ارتفاع سعره يقول مشعل: هناك فرق كبير بين عسل المناحل الخشبية وعسل المناحل الجبلية، وعادة فإن المشتري يفضل دائماً عسل المناحل الجبلية ويرى بأنه أفضل وأجود من المناحل الخشبية المتطورة.

أنواع العسل

يوجد لدى مشعل ثلاثة أنواع من العسل هي العسل الأبيض وهو من أفضل وأجود أنواع العسل والمستخرج من الزهور البيضاء أو ما يسمى محليا (آروت) والنوع الثاني العسل الأحمر المعتاد عليه غالباً والنوع الثالث هو عسل اللبان والذي تزيد فيه نكهة رحيق أشجار اللبان، نظراً لجمع الرحيق من النجد أو البادية.
ويبقى العسل الأبيض من أفضل وأجود أنواع العسل لدينا ويصل حجمه إلى 80% من إجمالي الإنتاج سنوياً.
وحول عدد المواسم في السنة وأفضل الفترات إنتاجا له يقول مشعل: لا توجد فترة زمنية محددة لإنتاج العسل ولكن غالباً ما يكون هناك موسمان في السنة ويعتمد ذلك على طبيعة وبيئة ومواسم المنطقة نفسها، ولكل منطقة خصوصيتها وفي رخيوت لدينا موسم في شهر مايو وهو موسم الصيف (القيظ) وأيضا شهر أكتوبر أو نوفمبر في موسم الربيع (الصرب) وهو من أفضل الأوقات لإنتاج العسل نظراً لمواسم الزهور.
وفيما يتعلق بآلية التسويق والبيع للعسل يقول: «لا توجد لدينا أي محلات لبيع العسل ولا يوجد من يستقبل منا هذا المنتج الذي أصبح يشار إليه بالبنان نظراً لأهميته في كثير من الجوانب، وبحكم أقدميتنا في هذا العمل لدينا زبوننا الخاص الذي يأتينا بطريقة مباشرة.
ويختم مشعل حديثه بالحديث حول الدعم الحكومي الذي يتلقونه ويقول: «لا ننكر دور وزارة الزراعة والثروة السمكية التي ساندتنا ببعض الآلات، إذ قدمت لنا آلة يدوية لفرز العسل وأيضا آلة كهربائية بالإضافة إلى الالتحاق ببعض الدورات التدريبية في مجال تربية النحل.

حكاية سالم شماس

أما النحال سالم بن أحمد سالم شماس والذي تحدث قائلا: بداية استخراج العسل الطبيعي من الجبال كنت مع والدي وكان ذلك في العام 2000 في ولاية رخيوت وكنت أساعد والدي وأخواني في هذه الحرفة، فقد نزلت لأول مرة من على جبل بطول 50 متراً علما بأن المنحل في الجزء العلوي من الجبل، وكان ذلك بتوجيه من الوالد فهو من ربط الحبال وحدد مسار النزول وكذلك أمّن لي وضعية النزول ووجهني كيف أتصرف في حالة مواجهتي لأي مشاكل أو صعوبات.
ويضيف سالم: «والدي -حفظه الله- وعمي -رحمة الله عليه- من الشخصيات المعروفة على مستوى محافظة ظفار في هذا المجال، وتتم الاستعانة بهما في بعض الولايات الأخرى في حالة وجود منحل في مكان يصعب على الآخرين الوصول إليه».

وحول عدد المناحل الموجودة والمعروفة منهم يقول: لدينا ما يقارب 3000 منحل طبيعي من سمحان وإلى رخيوت وكل مناحلنا طبيعية وبمختلف المواقع الجبلية البعض منها طبيعي جداً وبدون تعب يتم استخراج العسل منها والبعض منها يلزمه قطع مسافات قصيرة والبعض الآخر في أعالي الجبال ويتطلب النزول إليها بالحبل.

وهنا تحديداً تكمن الصعوبة التي نواجهها في استخراج العسل من هذه المناحل التي تقع على امتداد الشريط الجبلي للمحافظة. وعن أفضل المواسم لاستخراج العسل يقول سالم: «لا يوجد هناك موسم معين لاستخراج العسل نظراً لتضاريس وبيئة المحافظة، ولكن هناك موسماً نهاية فصل الربيع ونهاية فصل الصيف، وهما بالنسبة لي أفضل موسمين لاستخراج العسل». وعن أجود أنواع العسل المتوفرة لديهم يقول سالم: «عسل المعتق ولونه أسود داكن، وعسل النحل ولونه أبيض فاتح وعسل السدر ولونه أحمر داكن، وهناك أيضا عسل باللون الأصفر وهذا عادة يكون بعد أمطار فصل الصيف وفي الآونة الأخيرة أصبح نادراً جداً».

تأثير المناخ

المناخ له دور كبير ومن ضمن الأسباب التي تترك أثرها على النحل هطول الأمطار بعد نضوج الأزهار، إضافة إلى قوة الرياح التي تؤدي لتساقط الزهور وجمع الرحيق، كما تتكاثر في بعض المواسم الحشرات والزواحف التي تترك أثرها على العسل.
ويختم سالم بالحديث حول أسلوبهم في تسويق إنتاجهم من العسل ويقول:
لا يوجد لدينا محل لتسويق وبيع العسل ولكن ومنذ العام 1997 لدينا زبائننا الخاصين، ورغم أن الطلب على العسل الطبيعي المستخرج من الجبال كبير جداً إلا أن قلة الأمطار الموسمية في المحافظة في الفترة الأخيرة أدت إلى تراجع في كمية العسل المستخرج من الجبال.

وتشير الإحصائيات الأخيرة المنشورة في الكتاب الإحصائي السنوي للعام 2016 الصادرة عن المركز للإحصاء والمعلومات أن كميــــة العسل المنتج قد بلغت 434.622 كيلو جراماً إلى جانب 6 وحدات للنحالين ومحطتين لبحوث النحل.