حتمية تعيين رؤساء الجامعات الخاصة حكومياً

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
حتمية تعيين رؤساء الجامعات الخاصة حكومياً

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

الكل يلمس اهتمام الدولة بالتعليم العالي سواء بالابتعاث الداخلي أو الخارجي، والكل يلحظ الجهود الرامية لتعزيز الكليات والجامعات الخاصة، بل ورفدها بالمعينات التي تمكنها من أداء دورها المنوط بها أكاديميا، إضافة لتعزيز المنشآت من خلال المنح المالية التي تقدر بـ17 مليون ريال، وتسهيلات غير محدودة للاستثمار في هذا المجال الحيوي، إضافة لمنح سنوية للطلاب، وفق قدرات كل جامعة وكلية، حيث يتراوح عدد الطلاب المستفيدين من هذه المنح ما بين 400 إلى 800 طالب.

إلا أن هناك حاجة ماسة يجب أن تدركها الحكومة، وهو تعيين رؤساء الجامعات والكليات من جانبها لضمان مستويات عالية للتعليم العالي، وتأكيد فحوى الرسالة الحكومية الخاصة بأهداف التعليم، ومؤداها أنه يجب أن يتم الابتعاد قدر المستطاع عن الأغراض التجارية المحضة، كما يجب تحقيق التوازن المطلوب ما بين الأهداف التعليمية والأكاديمية، وما بين الأهداف التجارية، المشروعة أيضا، في إطار تأكيد قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
إن توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء جامعات في البلاد لتكون منارات علم ومعرفة ومراكز إشعاع حضارية وبذل كل الدعم لها، لها دلالاتها الكبيرة في ترسيخ التعليم العالي في البلاد، وإشارة واضحة لاكتمال منظومة التعليم من الحضانات إلى الجامعات.
إن الرعاية والاهتمام بهذه المؤسسات العلمية ينبغي أن يتواصل بإيجاد آليات هرمية حكومية وأكاديمية يتم بموجبها تعيين رؤساء هذه الجامعات من قبل الحكومة في إطار حرصها على أن تؤدي هذه المؤسسات رسالتها على أكمل وجه، وفي ذات الوقت فهم -أي الرؤساء المعينون- يمثلون الدولة في تلك المؤسسات وسيطبقون حرص الحكومة على نوعية التعليم المقدم كما وكيفا، حرصا على أجيال المستقبل التي سيؤول لها الأمر ذات يوم في إدارة الدولة برمتها.
ومن خلال تلك الخطوة يمكننا القول إن الميول التجارية الصرفة قد تم كبحها وتم إيجاد التوازن المقبول ما بين الطموحات التجارية والربحية المشروعة وما بين الأهداف السامية والرامية لتقديم تعليم راق يليق بحاضر ومستقبل هذا الوطن.

إن حداثة تجربة الاستثمار في التعليم العالي في البلاد والمخاضات التي يمر بها تستوجب الالتفات لهذا التعليم الذي أصبح حكوميا أصلا وبامتياز من خلال التسهيلات والمنح المقدمة له وغيرها من الامتيازات، إلا أن إضفاء الصفة التجارية الخالصة عليه من خلال جامعات خاصة أو إنشاء شركات ثم نجد تحت مظلتها جامعات تعليمية مسألة لم تنضج بعد، ولم تطرح ثمارها بعد على نحو جلي، وهو ما يفرض على الحكومة إيجاد الآليات والأدوات التي تسهم في تعزيزها لضمان جودة وملائمة نوعية التعليم المقدم عبرها لطلابنا.

هناك جهود تبذل في تعزيز الاعتماد الأكاديمي من خلال هيئة الاعتماد الأكاديمي وغيرها من الجهات التي تتطلع إلى تعزيز الجودة، ولعل اتخاذ خطوة كهذه من شأنها أن تسهم في تطوير العملية الأكاديمية وتجويدها من خلال إيجاد نقاط تواصل موضوعية ما بين الجوانب العلمية والتجارية.
هناك تجارب كثيرة في هذا الشأن يمكن الوقوف‏ عليها والاستفادة منها في دول العالم في تعيين رؤساء الجامعات الخاصة من قبل الحكومات ومدى الاستفادة منها في السلطنة لما لها من مردود إيجابي في توجيه بوصلة التعليم العالي نحو الغايات المنشودة منه.
قد يرى البعض أن تحمل الحكومة لتلك التكاليف وبدون مقابل واضح هو أمر لا ينسجم والمنطق الصحيح، لكن المكسب المرتجى من هذا التوجه له مردود بالغ الأهمية في إطار ضمان حاضر ومستقبل هذا الوطن وهي نقطة تهم كل مواطن حريص على مصلحة وطنه وبالقطع نحن جميعا كذلك.
نحن لا نشكك في كفاءة من تعينهم الجامعات وملاكها فهم مثلنا جميعا ينشدون ذات الغايات وذات الأهداف، إلا أن هذا الجانب يفترض أن يكون حكوميا لما له من أهمية في تعزيز جودة التعليم كما وكيفا كما أوضحنا.
نأمل دراسة مثل هذه الأفكار وتطبيقها قدر الإمكان لعلها تسهم بشكل إيجابي فيما ننشده من تعليم عال يحقق التطلعات ويصنع علامة تجارية عُمانية مضيئة ليلا ونهارا في سوق التعليم العالي في العالم.