لميس ضيف
" NEW MONEY " برنامج أجنبي يعرض مقابلات مع محدثي الثراء في الولايات المتحدة، أولئك الذين كان الفرنسيون سباقين في تصنيفهم كطبقة أو مجموعة بإطلاق لقب " NOUVEAU RICHE" عليهم.
البرنامج "مسلي"، فهو يريك كيف يحيط هؤلاء أنفسهم بأشياء ثمينة براقة من شاكلة تلك التي تسأل نفسك عندما تراها في واجهة المحال " من عساه سيشتري قطعة كهذه ؟"..!!
في مجتمعاتنا رهط كثير من هذه الشاكلة، أولئك الذين ذاقوا طعم النعمة بعد طول حرمان فاستمطروا الثقة عبر التباهي والتفاخر بممتلكاتهم المادية واستعراض حياتهم بطريقة كارتونية.
في حلقة من البرنامج الذي تابعته لما وجدت فيه من " تشابه " بنوعيات عديدة نراها في مجتمعاتنا، عرضت الحلقات لقاء مع روسية كانت من الفقر بمكان لم تملك بسببه إلا فردتي حذاء احداهما للصيف والأخرى للشتاء حتى تزوجت ملياديرا أمريكا، فتحت للكاميرات خزانة أحذيتها لتكشف عن امتلاكها لـ1300 زوج أحذية لا تقل كلفة الزوج منها عن 4 آلاف دولار وتصل أسعارهم لـ30 ألف دولار ورددت بتعالً " سأمرض إن لم أكن محاطة بالأشياء الجميلة "!
كما وعرضت الحلقة مقابلة مع أخوين من ضاحية أمريكية أجبرتهما الظروف على العمل مبكرا في بيع مواد البناء وبعد أن علا نجمها وتراكمت ثروتهما أصيبا بهوس تكديس السيارات والدراجات النارية والمقتنيات الثمينة والحال ذاته بالنسبة لزوجة بطل كمال أجسام روت بفخر كيف أنها أشترت ذات مرة سيارة أوستن مارتن الفاخرة " بالخطأ" لأنها ظنتها من طراز بنتلي !
تزامن "اكتشافي" لهذا البرنامج بانتشار صورة لميلندا جيتس ، زوجة أغنى أغنياء العالم مؤسس مايكروسوفت الشهير بيل جيتس الذي يجني – رغم تقاعده – 30 ألف دولار في الثانية الواحدة جراء امتلاكه لامتياز الشركة العملاقة . ميلندا – التي تقاسم بيل ثروته المهولة – تقول بأن من يعطون أبنائهم مصروفا يزيد عن حاجتهم هم في الواقع يكرهون أبنائهم فهي لا تعطي أبنائها إلا ما يكفيهم لشراء غداء من كافتيريا المدرسة وترى أن المال الفائض عن الحاجة يؤدي بصاحبه للفشل أو المخدرات لذا فإن من يغرقون أبنائهم بالمال " يكرهونهم " ولا يعطونهم سببا للتطور . علما بإن ميلندا – نفسها – سليلة عائلة ارستقراطية ولا تقل عن بيل غيتس نفسه في الذكاء والإبداع لذا أسرت قلبه دون نساء العالم .
وأصدقكم القول بأني طيلة حياتي قابلت كثيرا من فاحشي الثراء – نساء ورجال – من أولئك الذين ورثوا الأملاك أبا عن سالف جد ولم أجد منهم إلا التواضع والبساطة رغم الحرص على المظهر الأنيق الراقي في حين لم أجد التكبر والمبالغة الرخيصة إلا من محدثي النعمة وصدق والدي عندما كان يردد على مسامعنا صغارا " أحذروا أثنين : أنصاف المتعلمين وأنصاف الأثرياء" وما أكثرهم للأمانة في يومنا هذا .. !!
هي رسالة للمبهورين بهؤلاء ، أولئك الذين يحرصون على متابعتهم وتقليد نمط حياتهم ظنا منهم بأنه أنموذج الرفاهية الحقيقي : دعكم منهم ، هؤلاء عقد نفسية ناطقة ، ومثار للتندر والسخرية حول العالم.