«إعانات الأسرى».. فخ إسرائيلي.. كيف يتفاداه عباس؟ هل ينجح «نتنياهو» في تلغيم الطريق أمام ترامب؟

الحدث الثلاثاء ٠٩/مايو/٢٠١٧ ٠٥:٠٥ ص
«إعانات الأسرى».. فخ إسرائيلي.. كيف يتفاداه عباس؟ 

هل ينجح «نتنياهو» في تلغيم الطريق أمام ترامب؟

مسقط – محمد البيباني

ما زالت إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يمارسون سياسة عرقلة أي فرصة لمباحثات قد تقود لإقرار الحق الفلسطيني. استبقت تل أبيب المحاولة الجديدة التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخوضها لإحياء عملية السلام بوضع لغم جديد متذرعين بفزاعة الإرهاب التي يتحدث العالم بشأنها خالطاً في أحيان كثيرة بينه بين مفاهيم أخرى أهمها المقاومة المشروعة.

ماذا يريد نتنياهو من خلال إثارة الحديث عن إعانات السلطة الفلسطينية لأهالي المعتقلين الفلسطينيين؟ هل يريد إجهاض أي محاولة للتسوية أم إنه يختبر استعداد الطرف الفلسطيني على تقديم التنازلات؟ على الجانب الآخر... هل بمقدور الرئيس الفلسطيني الاستجابة للضغوط الأمريكية في هذا الصدد؟

قلق إسرائيلي

في مارس الفائت سلّط موقع «إسرائيل اليوم» الناطق بالألمانية، الضوء على التحول السياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن قضية الصراع العربي الفلسطيني، إذ أشار إلى نوايا ترامب، حول التوصل لحل للمشكلة الفلسطينية في الفترة الأخيرة، فقال: «الآن حان الوقت للسلام بين فلسطين وإسرائيل».
وأوضح الموقع في تقرير له، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، موضحاً له أن الوقت قد حان للسعي إلى اتفاق سلام حقيقي مع إسرائيل. ومن جهته أكد عباس أن حكومته تسير على خطى من سبقوها في حل القضية الفلسطينية، في إشارة منه إلى «حل الدولتين».
وأشار الموقع إلى أن الاتصال الهاتفي بين ترامب وعباس -الذي وصفه البعض بـ«الودي»- بالإضافة إلى دعوة «ترامب» للرئيس الفلسطيني بزيارة واشنطن، والتي تحققت مؤخراً، أثارت القلق في المجتمع الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي لن يغيّر سياسته مع الحكومة الفلسطينية فحسب بل إنه يلعب دور الوسيط في تخفيف حدة التوتر بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبين محمود عباس، بخاصة بعد تقرب السلطة المصرية من حركة حماس، ومنعها دخول عضو اللجنة المركزية بفتح، جبريل الرجوب، أراضيها، هو دليل آخر على انهيار العلاقات بين السيسي وعباس.
وأضاف الموقع أن دونالد ترامب، دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى تحسين العلاقات بين مصر وفلسطين، مشيراً إلى أن ترامب يلعب في الوقت الحالي دور «حمامة السلام» بين البلدين، لأسباب لا يعلمها إلا رؤساء الدولتين، على حد قول الموقع.
ولفت التقرير النظر إلى التحول الكبير في سياسة ترامب بشأن القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن في السابق كان ترامب يرى أن مبدأ «حل الدولتين» لا يمكن تنفيذه على أرض الواقع، بل إنه اقترح أنه سيكون مستعداً للعودة إلى حل «الدولة الواحدة»، الذي تتبنّاه دولة إسرائيل، موضحاً أن ترامب كان يرى أن حل إسرائيل هو الأكثر ملاءمة للوضع القائم، فما سر التغيّر الحالي في سياسة ترامب بهذا الشكل؟

ضغوط إسرائيلية - أمريكية

أدّت إسرائيل دوراً رئيسياً في دفع ترامب لإثارة قضية إعانات الأسرى الفلسطينيين، إذ قادت حملة إسرائيلية مكثفة تهدف لإجبار السلطة الفلسطينية على وقف المخصصات تحت ذريعة أن هذه الرواتب هي شكل من أشكال دعم «الإرهاب»، وركَّزت الحملة الإسرائيلية الموجهة نحو الولايات المتحدة والدول الغربية على أن السلطة تدفع سنوياً نحو 300 مليون دولار، أي ما نسبته 6 إلى 7% من موازنتها لمَن يسميهم الاحتلال «مخربين» على شكل رواتب شهرية، وتصر دولة الاحتلال على وقف هذه المخصصات بحجة أنها «تغذية للإرهاب»، وهي تريد من العالم أن يعتبر المقاومين الفلسطينيين «إرهابيين وقتلة».

من جهتها أوضحت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن ترامب أثار قضية الإعانات خلال اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني في البيت الأبيض، الأربعاء الفائت، مؤكدة أن ذلك الأمر حالياً محل تدقيق من جانب مجموعة من النواب الجمهوريين بالكونجرس، والذين يوافقون إسرائيل في آرائها حول كون الإعانات محفّزة للإرهاب.

كما رأت أن الإدارة الأمريكية والنواب الجمهوريين يأملون في أن وقف هذه الإعانات سيساهم في تخفيف التوتر مع الإسرائيليين بما يساهم في إعادة بدء محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.

ونقلت الصحيفة عن السناتور الجمهوري توم كوتون قوله إن الإعانات «ليست برنامجاً للرفاهية الاجتماعية»، مضيفاً «إذا كانت السلطة مهتمة حقاً برفاهية الإنسان، فينبغي لها أن تظهر اهتماماً أكبر قليلاً بشأن الأشخاص الأبرياء الذين قتلهم هؤلاء الإرهابيون»، على حد تعبيره.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوتون والعديد من النواب الجمهوريين الآخرين قد أعادوا، في مارس الفائت، طرح مشروع قانون معَدّ من العام الفائت لحظر تمويل السلطة الفلسطينية طالما أنها تقدّم الإعانات، التي بلغت قيمتها العام الفائت نحو 300 مليون دولار، لعشرات الآلاف من عائلات الشهداء والمعتقلين الفلسطينيين.

ماذا يريد نتنياهو؟

أشارت الصحيفة الأمريكية إلى تضخم الانتقادات الإسرائيلية للإعانات الشهرية في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن تل أبيب تستخدم تلك القضية «كاختبار لقدرة الفلسطينيين على تقديم تنازلات» تراها إسرائيل ضرورية لخوض محادثات.

الصحفي في وكالة أسوشيتد برس، محمد دراغمة، في سياق طرحه لسيناريوهات قد ينتهج الرئيس الأمريكي ترامب، إحداها للدفع باتجاه مبادرة سياسية جديدة على طاولة الإسرائيليين والفلسطينيين، أشار بعد عقده لمقابلات معمّقة عدة مع عدد من المسؤولين والخبراء الغربيين والفلسطينيين، إلى أن نتنياهو قد يتوجه في حال الضغط عليه من قِبل ترامب، إلى اتباع سياسة المقايضة التي يعلم مسبقاً أن الرئيس عباس لا يمكنه اللجوء تنفيذها، ألا وهو مقايضة وقف رواتب الأسرى مقابل وقف الاستيطان.

يرى محللون فلسطينيون أن نتنياهو يريد إضافة مواضيع جديدة إلى مفاوضات الوضع النهائي التي بدأت تظهر على السطح؛ لذلك قام بالتحريض على رواتب الأسرى، ومن ضمن أهدافه مقايضة مخصصات الأسرى بالاستيطان، وذلك بوضع «عباس» أمام خيار وقف رواتب الأسرى والجرحى والشهداء مقابل وقف الاستيطان، يقول الصحفي في وكالة «AP» محمد دراغمة: «إن نتنياهو قد يتوجه في حال الضغط عليه من قِبل ترامب، إلى اتباع سياسة المقايضة التي يعلم مسبقاً أن الرئيس عباس لا يمكنه اللجوء لتنفيذها، ألا وهو مقايضة وقف رواتب الأسرى مقابل وقف الاستيطان».

ماذا يفعل عبّاس؟

بسبب الموقف الشعبي الفلسطيني المتشدد تجاه رفض الاقتراب من حقوق الأسرى والجرحى والشهداء، تتجه الأنظار إلى إمكانية اضطرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن البحث عن طرق بديلة لتحويل الأموال إلى العوائل الفلسطينية المستفيدة بحيث يلتف على آليات الرقابة الأمريكية. من جانبه، يقول مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى، فؤاد الخفش، بحسب موقع «ساسة بوست»: «لا يمكن وقف المخصصات، فبعد أن حوّلت السلطة وزارة الأسرى إلى هيئة تتبع منظمة التحرير تجاوزت الضغط الأوروبي الممول، لذلك لا يمكن أن يتم وقف مخصصات الأسرى وقد يتم تخريجها بطرق أخرى، كتحويل الوزارة إلى هيئة تتبع منظمة التحرير».

ومن هذه الخيارات أيضاً تحويل مؤسسة «رعاية الشهداء والجرحى» و«هيئة شؤون الأسرى والمحررين» إلى جمعيّتيْن أهليّتيْن تخضعان لإشراف وزارة الداخلية الفلسطينية، وهو ما يعني أن أي تأزم مالي تُواجهه الجمعية الأهلية يفتح الباب لقطع مخصصات الشهداء والجرحى، ومعهم الأسرى.