أهمية إنشاء محاكم مختصة بالمرور

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
أهمية إنشاء محاكم مختصة بالمرور

علي بن راشد المطاعني

على الرغم من الجهود المبذولة والهادفة لتخفيض نسبة وعدد وفيات ومصابي حوادث المرور عبر حملات التوعية المستمرة في كل وسائل الإعلام فإن الحوادث لا تزال تقع والضحايا لا يزالون يسقطون على مدار الساعة، لذلك فإن الدراسات العلمية الرامية للوقوف على أسباب الحوادث لاستقصاء العبرة منها وتضمينها في حملات التوعية اللاحقة يعد أمرا حيويا، والأهم من كل ذلك هو تقديم المتسببين في تلك الحوادث للعدالة الفورية وإنزال العقاب المكافئ لإزهاقهم لتلكم الأرواح البريئة أو إحالتهم لأناس كانوا أصحاء وما بين غمضة عين وأخرى وجدوا أنفسهم وقد فقدوا أطرافا من أجسادهم، وهذا يعد النقطة الأهم على الإطلاق في كل الجهود المبذولة للحد من هذه الحوادث المرورية المؤسفة.

إذن كل هذه المآسي تتطلب التعجيل بإنشاء محاكم مختصة بحوادث المرور فقط وفي كل محافظات السلطنة لتضطلع بدورها في تلجيم المتهورين والحد من خطرهم على المجتمع وعلى الأبرياء أيضا، فالتخصص هنا له جدواه وأهميته فحوادث المرور لها تعقيداتها ولها مخاطرها وتتداخل فيها جهات عديدة كشركات التأمين وشركات السيارات وسلطات المرور والمصارف والمستشفيات وغيرها من الجهات ذات الصلة، إذ لكل جهة من هذه الجهات شيء ما ستقوله أمام عدالة المحكمة فهناك تعويضات ستدفع، وهناك أضرار ستجبر، وهناك تسويات ستنجز، وهناك تعهدات ستوقع، وهناك رخص قيادة ستنزع، والقائمة تطول، وهذه القضايا كلها تكتسب صفة الاستعجال، لذلك ولكل ذلك لابد من إنشاء هذه المحاكم المختصة وذات الصلاحيات الواسعة لتقوم بدورها في وقت غطى فيه غبار الحوادث صفاء سماواتنا على نحو كامل.

إن إنشاء محاكم للمرور في البلاد يكتسب أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات التي تحتم التسريع بها نظرا لتزايد القضايا المسجلة لدى المحاكم والتي تنتظر الفصل فيها وقد تطول فترة وجودها في المحاكم نظرا لتشابكها كما أشرنا، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن قسم الحوادث المرورية أحال أكثر من 1608 قضايا مرورية لإعادة التحقيق فيها، بناء على أوامر الندب التي تصدرها الجهات القضائية، وذلك للكشف عن الأسباب الحقيقية للحوادث الجسيمة من خلال البحث والتحقيق في الأدلة والآثار وتقديم تقارير فنية واضحة مدعمة بالبراهين المادية، ومن ثم وضعها أمام الجهات القضائية للوصول من خلالها إلى قناعات قضائية عن حقيقة الحوادث والفصل في النزاعات فيها في إطار الحقوق المتوفرة للتقاضي والترافع وإتاحة المجال للدفاع، وهو ما يفرض إيجاد محاكم مختصة كما أوضحنا تكون على درجة عالية من التخصصية التي تسهم في معالجة هذه القضايا على نحو يكفل إعطاء الحقوق لأصحابها وبأسرع فرصة ممكنة.
فإنشاء المحاكم المرورية ضرورة تقتضيها المصلحة العامة في العديد من الأوجه لعل من أهمها مبدأ تعزيز التخصص في المحاكم باعتبار أن قضايا المرور ذات جزئيات فنية دقيقة تتطلب كادرا قضائيا ذا خبرة وإطلاع مستمر على هذا النوع من القضايا.
إن أعداد القضايا التي تمت إحالتها للتحقيق بلغت أكثر من 1600 قضية حتى نهاية مارس الفائت، فضلا عن القضايا التي تم الفصل فيها وهي قد تعادل المطلوب إعادة التحقيق فيها، أي إننا أمام كم هائل من القضايا تستوجب سرعة البت والفصل فيها نظرا لأهميتها لرفع الضرر عن المتضررين سواء من الناحية المادية أو المعنوية، فطول فترة التقاضي وإتاحة المجال للترافع بجميع مراحله يجعل بعض القضايا تمكث في المحاكم سنوات طوال وعبر ذلك يتأخر استرداد الحقوق وتتضاعف الآلام وتبقى الجراح نازفة والآلام مستمرة.
ثم إن إنشاء المحاكم يعد في حد ذاته عامل توعية وترهيب في آن معا وسيكون له تأثير نفسي فاعل سيجبر قائدي المركبات على توخي الحيطة والحذر اللازمين، ففي ذلك ترسيخ لمفهوم فاعلية العقوبات وجدوى الردع للحد من الظاهرة.
ندرك بأن قضايا المرور تنظرها المحاكم الموجودة في محافظات السلطنة كغيرها من القضايا، لكن من الطبيعي أن يكتنفها التأخير في إطار الكم الهائل من القضايا التي تنظرها المحاكم.
بالطبع إنشاء المحاكم وتبعاتها مسألة ليست بالبسيطة، لكنها ضرورية للعديد من المقتضيات التي تتطلب أن يُعجل فيها بشكل أكبر ولأضرارها على الفرد والمجتمع.
نأمل التعجيل في إنشاء هذه المحاكم وتوفير مستلزماتها ورفدها بالكوادر القضائية المختصة حتى يتسنى لها القيام بواجبها على الوجه الأكمل.