الموت أو التحرير أيهما يسبق؟ محاصرو الموصل.. إلى متى يستطيعون الانتظار؟

الحدث الاثنين ٠٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
الموت أو التحرير أيهما يسبق؟

محاصرو الموصل.. إلى متى يستطيعون الانتظار؟

مسقط – محمد البيباني

بين الحصار وشبح الموت وبين انتظار «قادمون يا نينوى»، وهي التسمية التي أطلقها رئيس وزراء العراق حيدر العبادي على عملية تحرير الموصل، التي بدأت في السادس عشر من أكتوبر الفائت، ما زال بعض مدنيي الموصل يعيشون ويلات تلك الحرب.

ترتفع آمالهم أحياناً ويخيم عليهم اليأس من النجاة أحياناً أخرى، خاصة مع تأخر إتمام عملية التحرير من جهة وتراجع قدرتهم على الصمود والبقاء أحياء في انتظار للخلاص من جهة أخرى. أيهما يسبق الآخر؟ الموت جراء الحصار أم النجاة جراء إتمام التحرير؟ هذا هو التساؤل الذي لا يملكون إجابته.

وعود لم تتحقق

ها هو يوم الثلاثين من أبريل ينقضي دون تحقق نبوءة رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بتحرير كامل المدينة من قبضة تنظيم داعش الجهنمية التي أذاقتهم أنواع الرعب كافة..

كان مصدر في مكتبه قد أكد في التاسع عشر من أبريل استعداده لإعلان تحرير كامل المدينة بحلول الثلاثين من أبريل الفائت. وبيَّن المصدر أن «الأحياء المتبقية هي 6 فقط، وسيتم تحرير المدينة القديمة في غضون يومين، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.
بعدها وفي الأول من شهر مايو الجاري قال المتحدث باسم العمليات المشتركة في العراق يحيى الزبيدي، إن الأحياء التي لا تزال خاضعة لسيطرة (داعش) الإرهابي في الجانب الأيمن من المدينة مطوقة بشكل كامل من جانب القوات العراقية، مشيراً إلى نسبة ما تبقى من مناطق تحت سيطرة داعش تبلغ نحو 30 في المئة.
وأضاف الزبيدي - في تصريحات لـ«راديو سوا» الأمريكي - أن تنظيم «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن معاناة السكان في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرة التنظيم لن تطول.

مراكب متهالكة

في مشهد مأساوي رصدته عدسات مصوري وكالة «رويترز»، سجى رجل عراقي جثمان زوجته الملفوف في كفن أسود برفق على مقدمة قارب خشبي صغير وتشبث به، في حين كان رجل ثان يجدف ببطء لانتشال أطفال الرجل الثلاثة الواقفين على بعد بضعة أمتار.

وصعدت الفتاتان المراهقتان والصبي إلى القارب بحرص لعدم الإخلال بتوازنه بغية العبور للضفة الشرقية لنهر دجلة لنقل جثمان أمهم التي قتلت في ضربة جوية.
لكن ذلك العبور ليس من قبيل الطقوس القديمة، بل إنه مشقة جديدة ألقيت على عاتق الأسرة بسبب فيضان نهر دجلة وتفكيك آخر جسر عائم كان يربط ضفتي النهر الذي يقسم الموصل التي تقاتل فيها قوات عراقية بدعم أمريكي لطرد تنظيم داعش الذي سيطر على المدينة في العام 2014. وتعبر مئات الأسر المنهكة من الحرب، النهر في تلك القوارب الخشبية المتهالكة المخصصة أصلا للصيد والتي لا تسع إلا لخمسة أو ستة أفراد يحملون على متنها كل شيء بدءاً من الملابس والغذاء وحتى أقاربهم المصابين أو قتلاهم.
ويغادر الكثير ضاحية مشيرفة في غرب الموصل بعد أن سيطرت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة عليها من يد داعش، أمس الأول الجمعة، على أمل الوصول لبر أمان نسبي على الضفة الشرقية للنهر.

مئات الآلاف محاصرون

قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن مئات الآلاف ما زالوا محاصرين غربي الموصل، التي تعمل القوات العراقية على تحريرها من داعش، مؤكدة أن استمرار القتال والوضع الإنساني الصعب يفرضان تحديات هائلة على المنظمة باعتبارها واحدة من المنظمات القليلة التي تعمل على الأرض هناك، وتقدم الإغاثة الطبية للرجال والنساء والأطفال من المصابين في المعارك الجارية في الموصل وحولها.

وأضافت المنظمة الدولية غير الحكومية العاملة في المجال الطبي والإنساني - في تقرير، أمس الأول السبت، في جنيف - أنها وسعت عملياتها وتقوم بدعم المستشفيات التي تعاني من نقص في الإمدادات، قائلة على لسان «مارك فان دير مولين»، رئيس بعثتها في العراق، إن معظم المستشفيات في الموصل تعرضت لأضرار أو دمرت.

إصابات بلا إسعافات

ولفت إلى أنه في غرب الموصل تعطلت الخدمات الطبية بشدة، كما تسبب القتال الدائر في العديد من الإصابات والوفيات، منوها بأنه في شرق الموصل تعود المرافق الطبية ببطء ولكن هناك نقص في الخدمات الطبية مثل الرعاية اللاحقة للعمليات ورعاية الأم والطفل ورعاية المرضى الداخليين وحيث تعمل منظمة أطباء بلا حدود على معالجة هذا الأمر.

وأشارت المنظمة، إلى أنها تعمل في غرب الموصل باستراتيجية تعتمد على المراكز الطبية المتقدمة والتي يمكن فتحها بسرعة ونقلها وفقا للاحتياجات الطبية المتغيرة، مؤكدة أن المرضى الذين يصلون من غرب الموصل أفادوا بوجود نقص كبير في المياه والغذاء كما أن الإمدادات القليلة المتاحة مكلفة للغاية والوصول إلى الرعاية الصحية يكاد يكون مستحيلا.
ولفتت المنظمة، في تقريرها، أنه مع تقدم الجيش العراقي، في غرب الموصل، تمكنت العائلات من الفرار، وبدأت فرق المنظمة تقف على حالة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة لنقص الغذاء، موضحة أنها ومن أجل علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ولا سيما الرضع دون سن 6 أشهر أنشأت مركزا للتغذية العلاجية المكثفة من 12 سريرا في مستشفى القيارة وفي حمام العليل كما تدير برنامجاً للتغذية المتنقلة.

لا يجدون ماء للشرب

من جهته قال عضو مجلس محافظة نينوى، حسام العبار، إن سكان مدينة الموصل القديمة، والأحياء المتبقية غير المحررة، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة للغاية، ولا يملكون حتى ماء للشرب سواء أكان صالحاً أو غير صالح وهم يتجاوز عددهم الـ 40 ألف أسرة. وأكد أن النقص الشديد في المياه سيقتل الكثير من المدنيين، لاسيما في ظل هذه الأجواء الحارة، داعيا للحفاظ على أرواح المدنيين واعتبارها قيمة عليا.
وطالب العبار، القوات الأمنية العراقية، بعدم استخدام القصف الجوى أو المدفعي لاكتظاظ المنطقة بالسكان والمدنيين، ولطبيعة المنطقة الشديدة القدم والمتهالكة، والتي لا تحتمل القصف العنيف. وطالب المجتمع الدولي، والتحالف الدولي لمحاربة «داعش»، بالنظر إلى المدنيين في الموصل، على أنهم ضحايا ورهائن لأعتى تنظيم إرهابي يشهده العالم.
وأشار إلى أن عملية التحرير المدن تجري بوتيرة جيدة ووفق الخطط، معرباً عن خشيته من سقوط المزيد من المدنيين نتيجة السرعة في التحرير.