عامل تحت الشمس

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
عامل تحت الشمس

حمد الهادي

هناك أناس تكدح من أجل قوت يومها، فتجد المغترب الصابر بما أعطته الدنيا من نصيب، يسعى لأيام ليس مدركاً ما تخبئه له الابتسامة التي لا تفارق محياه، يعمل بجد واجتهاد طول يومه ليوفر معاشه الشهري إلى أهله في بلده، وفي فصل الصيف يقبع هذا العامل تحت أشعة الشمس الحارقة، واللهيب القاسي، يتصبب جبينه عرقاً وينهك جسمه تعباً ليكمل عدد ساعاته، ويرجع بعدها إلى مسكنه.

هنا تكمن الرحمة الموجودة بداخلنا والتي لا بد لنا أن نبحث عنها نحن بنو البشر بعدما بقي منها ما بقي، فنجد الكثير منّا لا يعير أي اهتمام لهؤلاء العمّال الذين يعملون خاصة في أوقات الصيف التي قد تصل درجة الحرارة فيه أحياناً إلى 50 درجة، وبخاصة كوننا مسلمين فمن واجبنا أن نخفف عليهم بتقديم قنينة من الماء البارد تذهب الظمأ وترطب الأجواء أو علبة عصير يمكن أن تخفف معاناتهم أو مساعدتهم في خدمة بسيطة أو رمي المخلّفات في مكانها.
إنها مبادرات فردية تهدف إلى تحقيق أهداف إنسانية وتسهم في تعزيز هذه الفئة مما يجعل الترابط بين بني البشر وثيقاً، غنيهم وفقيرهم، قويهم وضعيفهم، كبيرهم وصغيرهم، وهذا ما يسهم بوضع ملامح البهجة والسرور في وجوه هؤلاء الناس.
وهذا ما دلنا عليه ديننا الحنيف بالرحمة حيث قال عليه أفضل الصلاة والسلام (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، ونشيد ببعض المبادرات التي نسمع عنها في مواقع التواصل الاجتماعي وعن بعض الجمعيات الخيرية التي من شأنها زيادة ترابط المجتمع وزيادة أواصره.
أخيراً أقول في هذه المقالة إن الإنسانية هي أسمى المراتب التي يجب أن نصل إليها، والرحمة والتسامح والرفق معانٍ راقية يجب أن يتحلى ويتخلّق بها الإنسان في تعامله ونفسه وكل مراحل حياته، والرحمة لا تقتصر على إنسان دون آخر وهي تتجلى في التعامل مع المخلوقات كافة من أصغرها وأضعفها إلى أكبرها وأقواها ورحمة تنتقل من إنسان لإنسان، رحمة على الحيوان والنبات، رحمة في الإنسانية بالتعامل مع كل أشكال البشر وأجناسهم وجنسياتهم وألوانهم.