د. سلمى الحراصية تقدم أول كتاب بحثي عن متلازمة داون في السلطنة

بلادنا الأحد ٠٧/مايو/٢٠١٧ ١٨:٠٧ م
د. سلمى الحراصية تقدم أول كتاب بحثي عن متلازمة داون في السلطنة

مسقط - ش
يعد كتاب "متلازمة داون في سلطنة عُمان: المسببات وانتشارها وعوامل الخطورة المحتملة للإصابة بالمتلازمة"، للباحثة د.سلمى الحراصية استشارية المختبرات الوراثية ورئيسة المختبرات في المركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني أول دراسة عن هذه المتلازمة في السلطنة. وقد تضمن الكتاب دراسة مواليد متلازمة داون في السلطنة للتعرف على الأسباب الجينية أو الوراثية المسببة لهذه الحالات ونُشر مؤخراً عن طريق دار النشر ((scholars ووُزع في أكثرمن 40 دولة في العالم.

وتكمن أهمية الكتاب كونه منشوراً طبياً يتناول بعمق حالات متلازمة داون في السلطنة والذي سيسهم في فهم المسببات وعوامل الخطورة ثم الوسائل الوقائية والتشخيصية لهذه المتلازمة ونتائجها بما يخدم القطاع الصحي في عمان.

في بداية الكتاب تناولت الدكتورة موضوع متلازمة داون (أو تناذر داون أو متلازمة التثلث الصبِّغي 21) لأهميته الطبية عالمياً، فعرفتها بأنها متلازمة صبغوية تحدث نتيجة خلل كروموسومي يؤدي إلى تأخر في النمو البدني والعقلي، وهو من أكثر التشوهات الكروموسومية شيوعاً في العالم. ويولد طفل مصاب بمتلازمة داون لكل 600 - 1000 من حديثي الولادة.
لقد اكتُشفت متلازمة داون من قبل الطبيب البريطاني جون لانجدون في العام 1887م، وسميت متلازمة داون باسمه وأطلق على الأطفال المصابين بالمتلازمة بـ "المنغولي" لملاحظته السمات الوجهية المميزة المشتركة بين المصابين بمتلازمة داون وبين الأشخاص من العرق المنغولي، إلا أن منظمة الصحة العالمية منعت استخدام مصطلح المنغولي في تسمية المتلازمة واستبدلته باسم مكتشفها في العام 1961م.

تحدث متلازمة داون نتيجة اختلالات في الانقسام الخلوي، فالخلايا الطبيعية تحتوي على 46 كروموسوماً، أما الأطفال المصابين بمتلازمة داون فيحدث لديهم خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21، إذ إن الانقسام الخلوي غير الطبيعي يحدث بسبب عدم انفصال الكروموسومات المتشابهة أثناء الانقسام مما ينتج عنه اختلاف في عدد الكروموسومات في الخلايا الناتجة عن هذا الانقسام والذي يسبب خللاً وظيفياً في الخلايا التي بها نقص أو زيادة في المحتوى الوراثي.

وتناول الكتاب غموض السبب الحقيقي للزيادة في الكروموسوم 21، إلا أن العامل الوحيد المعروف بارتباطه بمتلازمة داون هو عمرالأم الحامل إذ تشير الدراسات إلى العلاقة التناسبية الطردية في حدوثه مع تقدم عمر الأم؛ فكلما تقدمت الأم فى السن زادت نسبة احتمال إنجابها لطفل مصاب بمتلازمة داون، وعلى سبيل المثال إذا كان عمر الأم 20 سنة فإن نسبة حدوث ذلك الخلل في الكروموسومات هو حالة واحدة لكل 1500 ولادة، وإذا كان عمر الأم 35 سنة فالاحتمال هو حالة واحدة لكل 350 ولادة، أما في سن الـ 45 سنة فتزيد النسبة إلى حالة واحدة لكل 30 ولادة، وإذا أنجبت الأم طفلاً مصاباً بمتلازمة داون فإن احتمال ولادة طفل آخر مصاب بالمتلازمة أيضاً يرتفع إلى 1% بالإضافة إلى عمر الأم.

وأشارت د.سلمى في أحد فصول الكتاب أنه منذ العام 2000 لوحظت زيادة في نسبة تشخيص حالات متلازمة داون في السلطنة، إذ تشير الإحصائيات المختبرية إلى تشخيص 100 إلى 120 حالة متلازمة داون جديدة في كل عام؛ بناءً عليه قامت وزارة الصحة بالتعاون مع مستشفى جامعة شاريته في برلين بألمانيا بمشروع دراسة حالات متلازمة داون في السلطنة، وكان الهدف من تلك الدراسة التعرف على نسبة المواليد المصابين بمتلازمة داون في السلطنة. واستعرضت في الفصل الثالث للكتاب نتائج الدراسة التي أظهرت أن نسبة معدل انتشار متلازمة داون في السلطنة هي 25.88 حالة لكل 10.000 من المواليد الأحياء للفترة 2000-2004 ومتوسط عمر الأمهات لأطفال متلازمة داون هو 33.5 سنة، بالإضافة إلى تفاوت في نسبة انتشار الحالات بين المناطق الجغرافية المختلفة في السلطنة بنسبة تتراوح بين 15.13 إلى 37.97 حالة لكل 10.000 ولادة.

كما أشارت النتائج إلى فروق في عدد المواليد خلال شهور السنة مع زيادة في عدد المواليد في الفترة من شهر أكتوبر إلى يناير، إضافة الى أن النتائج الأكثر إثارة هو تجمع الزمان والمكان في انتشار متلازمة داون مما قد يشير إلى وجود عوامل أخرى قد تكون عوامل خارجية متعلقة بالبيئة بدون تفسير مرضي أو سببي لهذه الظاهرة.

أخيراً، أوضحت مؤلفة الكتاب أنه لا يوجد علاج لحالات متلازمة داون بعد حدوثها ولكن بالإمكان الوقاية منها عن طريق تجنب الأمـهـات الأكـبـر عـمـراً (فوق 35 سنة) الحمل، كما أشارت إلى أن على الأسرة الاهتمام بالعناية بالأطفال المصابين وذلك من خلال حمايتهم من المضاعفات المصاحبة كونهم أكثر عرضة من الأطفال الطبيعيين للإصابة ببعض الأمراض، إضافة إلى تطوير القدرات العقلية لدى الأطفال المصابين إذ إن أطـفـال متلازمة داون يختلفون في قدراتهم العقلية وقدراتهم على الفهم اللغوي والمعرفي والتواصل الإجتماعي لذا لابد من العمل على رعايتهم في الأسرة والمراكز الخاصة لكي يجري تأهيلهم وإدماجهم تدريجياً في الحياة العملية والمجتمع علماً أن العمر الافتراضي للمصابين بمتلازمة داون قد يصل إلى 60 سنة.