اليوم «انتخابات الكراهية» تضع الفرنسيين في حيرة هل تفعلها «لوبان» كما فعلها «ترامب»؟

الحدث الأحد ٠٧/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
اليوم «انتخابات الكراهية» تضع الفرنسيين في حيرة 

هل تفعلها «لوبان» كما فعلها «ترامب»؟

مسقط - محمد البيباني

اليوم يجد الفرنسيون أنفسهم مضطرين للاختيار بين مرشحين تعتبر عملية التنبؤ بفوز أحدهما غاية في الصعوبة، إذ يعتبرا معا، إلى حد كبير، غير مقبولين لدى قطاع عريض من الناخبين، وهو الأمر الذي يمكن الاستدلال عليه من شعار «لا لوبان ولا ماكرون» الذي نطقت به حناجر عشرات الآلاف عبرت عن رفضها لكليهما خلال مسيرة باريسية منذ أيام عدة.

هذه الحالة عبرت عنها صحيفة نيويورك تايمز عندما عنونت تقريرها بعد إعلان نتائج المرحلة الأولى واصفة تلك النتيجة بالقول: «الفرنسيون يرون الخيار بين لوبان وماكرون مثل «الطاعون والكوليرا».. من هنا لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تسفر عنه جولة الحسم اليوم.

رغم أن كل التوقعات واستطلاعات الرأي ترجح كفة منافسها إيمانويل ماكرون إلا أن الأيام القليلة التي سبقت اقتراع اليوم لا شك أنها أعادت لوبان إلى المنافسة.
هل يمكن أن تتكرر الحالة الأمريكية وتفعلها اليمينية مارين لوبان كما سبق وفعلها دونالد ترامب؟

أمريكا أمس وفرنسا اليوم

أوجه تشابه كثيرة بين انتخابات الولايات المتحدة وما تنتظره فرنسا اليوم، وهو ما تناوله تقرير لمعهد «بروكنجز» الموجود بواشنطن، حينما خلص إلى أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية أصبحت مشابهة تماما للتي جرت في الولايات المتحدة العام الفائت، مشيرا إلى أنه كما كان في انتخابات أمريكا مرشحون رئيسيون، هما هيلاري كلينتون، ودونالد ترامب، قبل فوز الأخير، فإن فرنسا أيضا تشهد نموذجين آخرين في الجولة الثانية من الانتخابات التي تجرى اليوم، في إشارة إلى المرشح الوسطى، إيمانويل ماكرون، ومنافسته رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف ماري لوبان.

وأوضح التقرير، أن ماكرون الذي فاز بنسبة 23.8 % من الأصوات في الجولة الأولى قبل أيام، كان أغلب مؤيديه من الأوروبيين والمتعلمين، فيما تمكنت منافسته ماريان لوبان من الحصول على نسبة 21.4 %، وأن لوبان التي تصف نفسها بـ«المدافعة عن فرنسا ضد الإرهاب والهجرة»، كان أغلب مؤيديها من الشرائح الفقيرة ممن يأملون في مستقبل أفضل.
وأشار التقرير إلى أنه مثل ترامب والزعيم السابق لحزب استقلال لندن المناهض لأوروبا نيجل فاراج، فإن لوبان ستواصل تصوير نفسها كممثل لمن هم أقل حظا والمهمشين في فرنسا.

روسيا مرة أخرى

أعلن عدد من قيادات الحزب الديمقراطي وأنصار المرشحة الخاسرة في الانتخابات الأمريكية هيلاري كلينتون عن تضامنهم مع المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة الفرنسية إيمانويل ماكرون بعد تسريبات بريده الإلكتروني، متهمين روسيا بالتورط في تلك التسريبات.

وأشار موقع ويكيليكس في وقت سابق إلى تسريب كبير وخطير لرسائل البريد الإلكتروني الخاصة بحملة المرشح الرئاسي الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال إن الحديث يدور عن مئات الآلاف من الرسائل الإلكترونية والصور والتطبيقات التي يعود تاريخها إلى فترة ما قبل 24 أبريل 2017. وكتب بريان فالون المتحدث السابق باسم المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون في مدونته على موقع تويتر: «بوتين يشن حربا ضد الديمقراطيات الغربية، ورئيسنا يقف على الجانب الخطأ».

فرنسا منقسمة

من جانبها قالت شبكة «سي.إن.إن»، الأمريكية: إن الفرنسيين يتجهون اليوم إلى صناديق الاقتراع وسط انقسام تشهده البلاد بين لوبان، وماكرون.
وأرفقت الشبكة الإخبارية في تقرير على موقعها الإلكتروني أمس السبت، خريطة لفرنسا تظهر مناطق وحجم التأييد الذي يحظى به كل مرشح داخل البلاد، إذ تظهر الخريطة تقاربا كبيرا بين المرشحين في حجم التأييد، وهو ما يشير إلى انقسام البلاد بين اليمين المتطرف والوسط.
ويقول التقرير، إن الفرنسيين يواجهون خياراً بين لوبان، التي أمضت سنوات محاولة حشد الدعم والتأييد الشعبي للحزب الذي أسسه والدها والذي يستند على كراهية الأجانب ومناهضة المهاجرين، وإيمانويل ماكرون، الوافد الحديث نسبياً في عالم السياسة، الذي لم يشغل مناصب انتخابية قبلا، كما لا يتجاوز عمر حركته السياسية «إلى الأمام» الـ18 شهرا.
ويخلص التقرير إلى أن الفروق بين قواعد الدعم بين لوبان وماكرون تظهر الانقسامات العميقة في المجتمع التي سيواجهها الرئيس الفرنسي الجديد -أيا كان هو- إذ الانقسام بين سكان المناطق الحضرية والريفية، الأغنياء مقابل الفقراء، النخبة مقابل الطبقة العاملة.

حظوظ لوبان

منذ أيام عدة وقبل أربعة أيام من انطلاق جولة اليوم الحاسمة، قالت صحيفة روسيسكايا جازيتا الروسية: إن لوبان تتمتع بذكاء منقطع النظير، كما أن احتمالات فوزها تعتبر شبه مؤكدة على أرض الواقع، بغض النظر عن الاستطلاعات التي لم تشمل طبقات متعددة، فهي استغلت الأيام القليلة الفائتة في كسب شعبية حقيقية وتقليص الفارق مع منافسها المستقل إيمانويل ماكرون.

ووفقاً للصحيفة الروسية ذاتها، تمكنت مارين لوبان من تعزيز موقعها خلال الأسبوع الفائت بشكل واضح، إذ أحرزت انتصارا نفسيا كبيرا على ماكرون بعد زيارتها الخاطفة إلى مصنع «ويرلبول» في مدينة أميان، مسقط رأسه، والذي كانت إدارة المصنع تخطط لنقله إلى بولندا، وبالتالي إبقاء 300 عامل من دون عمل، ولكن استغلت لوبان تلك المشكلة ووعدت بالحفاظ على فرص العمل، ولذلك استقبلت بحفاوة وتصفيق حار، في حين استقبل ماكرون الذي جاء بعدها بالصفير وشعار «مارين رئيسةً»، مما جعل لقاءه وحديثه دون جدوى حقيقية.

الانتصار الأكبر

أما الانتصار الأكبر، الذي حققته لوبان فكان، بحسب الصحيفة الروسية، عندما أعلنت تحالفها مع زعيم حزب «انهضي يا فرنسا» اليميني الصغير نيكولا ديبون إينيان، الذي خاض انتخابات المرحلة الأولى وحل في المركز السادس بحصوله على 4.7 في المئة من الأصوات، وعلى الرغم أنه بالطبع، إن جميع الذين صوتوا لمصلحته (1.7 مليون شخص) لن يصوتوا لمصلحة لوبان في الجولة الثانية، ولكنّ هناك الكثيرين منهم سوف يصوتون لمصلحتها تنفيذا لتوجيهات زعيم الحزب.

ويقول العديد من المراقبين والخبراء، إن حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف تمكن هذا العام من كسر الحصار المفروض عليه من جميع الأحزاب السياسية الفرنسية لأول مرة في تاريخه، ويؤكد المراقبون، أن ما يسمى بـ«التحالف الجمهوري» ضد «الجبهة الوطنية» قد فارق الحياة، ولكم يعد له فائدة حقيقية.

كتلة ميلونشون

كما كان موقف زعيم اليسار الردايكالي جون لوك ميلونشون (الذي حصل على نحو 20 في المئة من الأصوات في المرحلة الأولى) في صالح لوبان إلى حد ما، فهو رغم كونه معارض لـ«الجبهة الوطنية» من منطلق أيديولوجي، إلا أنه لم يصدر أي توجيهات إلى أنصاره بشأن التصويت في المرحلة الثانية، أي أن كلاً سيصوت للمرشح الذي يعجبه، وحتى في كلمته لأتباعه أعلن أن لوبان خطيرة على الدولة ولكن في الوقت ذاته أكد أن ماكرون لا يصلح أن يكون رئيسا ولا يستطيع قيادة الجمهورية، وإنه ينتهج النهج الاقتصادي نفسه الذي سار عليه هولاند.

وعن آخر مجهوداتها في كسب الأصوات قالت لوبان أمام نحو خمسين شخصاً هم أفارقة يعيشون في فرنسا أو فرنسيين من أصل أفريقي، خلال اجتماع في باريس مخصص للسياسة الأفريقية، إن «الدول الأفريقية متروكة، ومساعدات التنمية انخفضت كثيراً، أتعهد أن أخصص، قبل العام 2022، 0,7 %» من الناتج المحلي الإجمالي للتعاون مع أفريقيا، مضيفةً «سنحرص على الاستخدام السليم» لهذا المبلغ.
وأوضحت أن «0,7 % تشكّل تقريباً زهاء 15 بليون يورو، وهي نسبة أعلى بكثير من الـ400 مليون يورو المخصصة حالياً للتنمية في أفريقيا».
من جهتها ذكرت حركة «فرنسا الآبية» التي يتزعمها جون لوك ميلونشون مرشح اليسار المتطرف الخاسر في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إن نتائج الاستطلاع الذي أجرته عبر الإنترنت أظهرت أن 34.83 % من أعضائها فقط سيصوتون لصالح مرشح الرئاسة الفرنسية الوسطى إيمانويل ماكرون في الدور الثاني من الاقتراع.
كما كشف الاستطلاع الذي شارك فيه 243128 من نشطاء الحركة أن 36.12 % سيقومون بالتصويت الأبيض أو الباطل فيما سيمتنع 29.05 % عن التصويت.
وأكدت الحركة أنه، انطلاقا من تمسكها الشديد بمبادئ «المساواة والحرية الإخوة»، لم يكن خيار التصويت لحزب جبهة الوطنية (يمين متطرف) الذي تتزعمه مارين لوبن مطروحا.