القاهرة- خالد البحيري
أقل من 48 ساعة مرت ثقيلة على أجهزة الأمن المصرية، تنفست بعدها الصعداء بمجرد أن استقل قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان الطائرة من مطار القاهرة الدولي عائداً إلى بلاده، فقد مرت الزيارة دون أية معوقات أو تهديدات لهذه الشخصية غير الاستثنائية.
وبرغم قصر وقت الزيارة إلا أن المراقبين للشأن المصري أكدوا أهميتها وفاعليتها على أكثر من صعيد، وقطف ثمارها سريعا كل من الأزهر الشريف الشريف ممثلا في شيخه د.احمد الطيب الأكبر، ثم النظام المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بينما يتأهب قطاع السياحة للاستفادة هو الآخر، آملا أن ينتعش وألا يصطدم بتفجير هنا أو هناك يعيده إلى حالة الركود والسكون من جديد.
تسامح الأزهر
الدكتور محمد وهدان رئيس قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر قال في لقاء خاص مع «الشبيبة»: جاءت الزيارة بمثابة هدية سماوية لشخص د.أحمد الطيب في الوقت الذي يتعرض فيه لهجوم عنيف من مختلف الشخصيات السياسية والبرلمانية، والاتهامات «الملفقة» لمؤسسة الأزهر باعتبارها مؤسسة تعليمية تعمل على تخريج المتطرفين فكريا، مع جهود خبيثة لتحميل الأزهر وشيخه مسؤولية تفشي الفكر المتطرف في البلاد، مع أن الأزهر هو منبع الوسطية والاعتدال ومناهجه تؤصل لقبول الآخر والتعايش مع أتباع الديانات والرسالات.
وأضاف: إن الصورة التي نشرت على صدر صفحات عشرات الصحف والمجلات في كل دول العالم لفضيلة الإمام وقداسة البابا فرانسيس قطعت الألسنة التي تقول بأن الأزهر غير قادر على التفاعل مع قضايا العصر، وكانت بمثابة رسالة سلام لجميع المسلمين بأن الأديان السماوية مصدرها واحد وبإمكانها قيادة البشرية نحو الأمن والسلم العالمي.
دعم للسيسي
وعن المستفيد الثاني من زيارة بابا الفاتيكان لمصر قال اللواء د.علاء عبد المجيد الخبير الأمني، ومدير عام المؤسسة الثقافية العمالية، إن الزيارة جاءت لتشد على يد النظام المصري وتؤيد توجهه في ملفين مهمين يعمل عليهما الرئيس السيسي منذ اعتلائه سدة الحكم في البلاد وهما تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية على قاعدة عدم التمييز بين المصريين بسبب انتماءاتهم الدينية، والتشديد على مسألة الأمن، التي أصبحت هاجساً لا يقلق الأقباط وحدهم، بدليل اتساع رقعة الأعمال الإرهابية إلى مناطق واسعة من مصر.
وتابع: جاءت الزيارة بعد نحو أسبوعين من هجمات دامية تعرضت لها كنيستين بمديني طنطا والإسكندرية لتقول للعالم إن مصر لا تزال بلد الأمن والسلام، وها هي تستقبل بابا الفاتيكان وقادرة على حمايته، وإنجاح الزيارة رغم تعدد الأماكن التي شملتها الزيارة وفعالياتها ومن ذلك القداس الإلهي الذي أقيم في استاد وحضره 35 ألف مسيحي، فضلا عن أن البابا اعتذر عن الإقامة في المكان الذي حددته رئاسة الجمهورية وأصر على المبيت في مقر سفارة الفاتيكان بحي الزمالك وسط القاهرة.
توحيد المعمودية
وبحسب الإعلامية دميانة عماد فإن البابا تواضروس بابا الإسكندرية هو المستفيد الثالث من الزيارة فقد ظهر التقارب واضحا جليا بين رأس الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، وتوج ذلك بتوقيع وثيقة توحيد المعمودية بين الكنسيتين، وهو طقس كنسي مختلف عليه منذ مئات السنين، ويتمثل في تعميد المؤمن بالمسيحية عن طريق تغطيسه في الماء بحسب عقيد الأرثوذكس ورش طبق صغير من الماء على رأيه فقط بحسب عقيدة الكاثوليك، وكانت الكنيسة الأرثوذكسية في مصر لا تعترف بتعميد من يريد الانتقال لها من الكاثوليك وتصر على إعادة تعميده من جديد، لكن بعد زيارة بابا الفاتيكان بإمكان أي شخص أن ينتقل من ملة إلى أخرى دون حاجة إلى هذا الطقس الكنسي.
وبعيداً عن المكاسب المعنوية والسياسية، قال الخبير الاقتصادي محسن على: شكلت زيارة البابا فرانسيس لمصر دعاية مجانية لا تقدر بثمن يجب أن يجتهد قطاع السياحة في تعظيم الاستفادة منها.