تخفيض الإنفاق ليس في الشاي والصحف!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٤/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م
تخفيض الإنفاق ليس في الشاي والصحف!

بعض الجهات الحكومية تصدر تعاميم تطلب تخفيض مصاريف القهوة و الشاي و الصحف و غيرها من المستلزمات البسيطة التي لا تعدو إلا أن تكون ذرة في أنفاق أي جهة للأسف، في حين تترك مجالات التخفيض في بعض الجوانب ذات التكلفة الباهظة، مثل العقود و المشتريات و تقليل المواصفات مع بقاء مستوى جودة تفي بمتطلبات العمل حتى لو . إلى حين...

الأمر الذي يتطلب أن نعي ماذا نرشد من استهلاك في الوزارات، فالقهوة و الشاي لن تحل عجز مئات الملايين، في الموازنة العامة للدولة و النفقات الجارية، وإنما تعميمه يعد إساءة ويضعف قدرة الحكومة على إيجاد حلول جذرية لمشكلة تخفيض الإنفاق على اختلافه. وأين تكمن مكامنه..

فبلا شك أن الكل مع تخفيض الإنفاق المتزايد في الجهات الحكومية على اختلافها، لكن أن يتركز على عدم شرب القهوة و الشاي و قراءة الصحف المحلية و غيرها من الأمور البسيطة التي أعلن عنها، فنحب أن نطمئن الجهات بأن هذه المصاريف لا تقدم و لا تؤخر كما يقال، كما أن اطلاع الرأي العام عليها يعكس ضيقا في الرؤية في ترشيد الإنفاق المزعوم في المصاريف الجارية ، في حين أن هناك مجالات كثيرة يمكن أن نقلل من خلالها المصاريف تعادل مئات المرات ما يتم اقتطاعه الآن في الوزارات، ‏فمجالات ترشيد الإنفاق يجب أن تتركز في عقود المشتريات و المواد المتكررة و تقليل المصروفات فيها من خلال تقليل المواصفات الموضوعة للعديد من المواد المستهلكة، في الوزارات أو المشتريات الحكومية، فهذه المواد تفي بالغرض في الوقت الراهن في ضوء تقليل المصاريف، فما يمكن شراؤه بألف على سبيل المثال يمكن شراؤه بـ 300 ريال ويؤدي نفس الغرض، فقط بمواصفات أقل ..

فيمكن للجهات الحكومية أن تخفض مشتريات كثيرة بتكاليف عالية، ليس لها قيمة مضافة إلا كونها ماركات عالمية كما يقال و موضات و موديلات.

فمثلا يمكن شراء سيارات للجهات حكومية بمواصفات وأسعار أقل فبعض السيارات التي يصل سعرها إلى 30 ألف ريال هناك بديل لها لا يزيد ثمنها عن 12 ألف ريال أو أقل و هي تؤدي نفس الغرض لمدة من السنوات إلى أن تنقشع هذه الأزمة على الأقل، فهذا المسلك في اعتقادنا سيوفر على الحكومة الملايين من الريالات.
أما أننا نتقشف في القهوة و الشاي فهذه أمور يجب ألا تذكر لكونها لا تضيف شيئا و لا تحدث فرقا في المصروفات. ثم أن القهوة و الشاي لها مدلولات الضيافة في حياتنا وتراثنا وقيمنا فلا يجب أن نقطعها مرة واحدة من مؤسساتنا، بل الموظف بعد جهد كبير يرغب في شرب فنجان قهوة أو كوب من الشاي لتعديل المزاج ولكي يستعيد نشاطه مرة أخرى بشكل أفضل لخدمة المراجعين ويصبح أكثر تركيزاً و أكثر خدمة للمراجعين، فضلا عن أن تقديم القهوة و الشاي للضيوف و الزوار من شأنه أن يقلل الاحتقان من عدم تخليص معاملة أو إنجاز أمر ما، فعندما يهدأ من خلال فنجان قهوة يمكن أن يسترجع أنفاسه ويهدئ روعه لكي يأخذ و يعطي في الكلام مع الموظفين.
أما تقليل الاشتراكات من الصحف اليومية فهو يضعف المؤسسات الصحفية التي تقدم خدمة متميزة للجهات الحكومية وهي تحتاج أن تعدل مزاجها من خلال عدم تقليل شراء الصحف أو تقليل الإعلانات، فهذا الأمر هو الآخر ليس ذو تكلفة كبيرة على ميزان الإنفاق الجاري المائل بشدة في جوانب أخرى.
بالطبع تضطر بعض الجهات أن تقلل الإنفاق و تجري بعض الخصومات ‏استجابة للأوامر العليا من وزارة المالية عبر الامتثال للمنشورات المالية رغم ما يعتري بعضها من نقص في تقدير تخفيض الإنفاق ومكوناته التي يجب أن يعاد النظر فيها، حتى أن بعض الموظفين يدفعون من جيوبهم لشراء مستلزمات المطبخ.
نأمل من الجهات المختصة أن توجه تقليل الإنفاق نحو الجوانب الكبيرة و ليست هذه المستلزمات التي لا تملأ محارة كما يقال، و تعيد صياغة مواصفاتها بشكل أقل مما كانت عليه، فالثوب قماش أو حرير يكسو الجسم، و السيارة مركبة سواء كانت موديل جرمن أو ياباني أو كوري ولو إلى حين.