لميس ضيف
ضرب المواطن السعودي سعد محمد الشهراني يوم أمس نموذجاً في التسامح والصفح بعد عفوه لحظة القصاص عمن قتل اثنين من أولاده (أحدهما في الـ28 والآخر في الـ26) وذلك بعد خلاف شب بينهم استخدم فيه القاتل الرشاش لقتلهم فيما أصاب ابنه الثالث بجروح بليغة.
والقاتل ليس غريباً عن العائلة. فهو قريب الأب من الدرجة الثالثة. كما أنه زوج ابنته. وانقسم الرأي العام حول الواقعة. فالغالبية رأت في ما فعله نُبلاً لا يوصف. سيما أنه لم يقبل الدية في دم ولديه. بل عفا عن القاتل لوجه الله في وقت أصبحت فيه «الدم» تجارة تزايد العائلات في طلبها مع كل جريمة قتل متهورة أو مقصودة. من جهة أخرى خرجت أصوات ترى أن القاتل يجب أن ينال جزاءه أيا كان.. ويجب أن لا يتم التنازل عن الحق العام في مثل هذه القضايا كي لا يستفحل الاستهتار بالدماء عند الشباب.
فما رأيك أيها القارئ؟ هل كنت ستصفح لو كنت مكانه؟
سألت نفسي السؤال ذاته. نعم؛ لقد فعل الأب ما يرى أن فيه مرضاة الله بعد أن خسر ابنيه إلى الأبد ولن يعيدهما للحياة مال ولا قصاص ولكن.. هل من الحكمة أن يعيش مثل هذا الرجل مع زوجته بعد أن قتل أخويها؟ وكيف يُأتمن من هو مثله على زوجة وأطفال وما الضمانة أنه لن يفقد أعصابه في لحظة غضب ويقضي على حياتهم أيضاً؟
أننا - كأفراد- في هذه الحياة نعاني من تحد صعب.. فمن جهة العفو شيمة عربية وعرفان وعبادة أمرنا بها قربة لله تعالى.. ومن جهة أخرى كثيراً ما يعني العفو - لنا - التعرض المجازفة بالتعرض للأذى. لهذا فإن القاعدة هي أن نسامح ولا ننسى.. ولا نمنح أحداً الفرصــة لأذيتنا مجدداً.
يقول تعالى: «وأن الساعة لآتيةٌ فأصفح الصفح الجميل».
ونحن نجد صعوبة في الصفح في صغائر الأمور، ناهيكم عن كبائرها، لذا بدا لنا خبراً كهذا صدمة في عالم أصبحت الصدمات فيه خبزنا اليوم.
نسأل الله أن يفتح بصيرتنا، ويغسل قلوبنا من التعلق بصغار الضغائن، ويعلمنا العفو ويعفو عنا..