مسقط -خالد بن ثابت المحروقي
يشهد حصن جبرين بولاية بهلاء حراكاً ثقافياً كبيراً بإقامة العديد من الملتقيات والندوات والأمسيات الثقافية، وذلك لما يتمتع به حصن جبرين من روعة البناء وإبداع التصميم الهندسي وما احتواه في زواياه من إرث تاريخي عظيم يحكي حقبة من الزمن وسـط واحة واسعة من النخيل في قـريـة جبرين والذي جاء منها تسميته، والذي يعد من أجمل الحصون في السلطنة، إذ تم ترميمه في الفترة بين 1979-1986 ليتم افتتاحه للزوار ويصبح وجهة سياحية يقصدها السياح من كل مكان.
بناء الحصن
بني حصن جبرين في عهد الإمام بلعرب بن سلطـان بن سيف بن سلطـان اليعربي في الفترة ما بين (1680 ـــ 1692م) ومرحلة بناء الحصن كانت في فترة تميزت بمرحلة السلم الداخلي والذي دل عليه الطابع المعماري للحصن والذي يجمع في مختلف أركانه صورة هندسية تشكل تحفة بناء معمارية جميلة.
لذا يعد حصن جبرين انعكاساً لتلك الدلالات والاستفادة من خبرات البناء التي سبقت هذا المعلم، والذي جمع بين كونه مقراً لإقامة الإمام في وقت السلم، ومعقلاً حصيناً في وقت الحروب ومنطلقاً لصد هجمات المعتدين، لذا فإن الحصن يعد متميزاً عن غيره من حيث روعة التصميم والإبداع الهندسي.
تصميم حصن جبرين
الحصن عبارة عن بناء كبير مستطيـل الشكل يبلغ طوله حوالي (43 متراً) وعرضه (22 متراً) ويبلغ ارتفاعه في بعض أركانه (16 متراً) وفي البعـض الآخر (22 متراً)، يوجد في ركنين منه الشمـالي والجنوبي برجا مدفعية دائريان قـطر كل منهما حوالي (12 متراً) واللـذان يشكـلان بوضعيهما المتقـابلين حمـاية لجهات الحصن الأربعة، وهذه الطريقة في بناء الأبراج نجدها أيضاً في حصن الحزم والذي يجعل من تمكين الحماية لجميع جوانب الحصن دون الحاجة لبناء أربعة أبراج كما هو موجود في كثير من القلاع والحصون الأخرى.
يحيط بمبنى الحصن سور يوجد في الجهة الشمالية الشرقية منه بوابة كبيرة هي المدخل المؤدي إلى الحصن يحصنه في أعلاه برج مـربع صغيـر به فتحــات لصب العسل أو الزيت الحار على المهاجمين في وقت الحرب وبرج للمراقبة في وقت السلم.
والبنـاء الرئيسي للحصن يتألف من أقسـام عدة منها مكون من طابقين ويبلغ ارتفاعه (16 متراً) وبه عدد من الغرف أهمها، غرفة الاجتماعات، ومخزن التمور، ومربط الخيل، وجزء آخر منه مكون من ثلاثة طوابق ويبلغ ارتفاعه (22 متراً) ومن الغرف التي يضمها، غرفة الصلاة، وجناح الإمام، وصالة الشمس والقمر بالإضافة إلى غرفة البنات وتمتاز الغرفتان الأخيرتان منها بالنقوش الجصية والخشبية الرائعة. وفي بعض أجزاء الحصن الأخرى نجد أن المبنى يعلو لأربعة طوابق إذ توجد الحجرات الرئيسية في الطوابق العلوية ومن السمات الخاصة بهذه الحجرات أن بها طاقات يسد الجانب السفلي منها دفتان صغيرتين من الخشب في حين يكون الجزء العلوي مكونا من شبكة جصية في الجانب الخارجي تسمح بالتهوية والإنارة.
قاعة الشمس والقمر
إن الناظر لقاعة الشمس والقمر ليجد الدلالة الواضحة على الإبداع الزخرفي في حجرات الحصن إذ نجد أن العوارض والألواح الخشبية قد زخرفت جميعها بأشكال هندسية وأشكال زهور مختلفة منها زهور تقليدية ومنها أزهار وأغصان لنباتات متسلقة ومتشابكة كما أننا نجد بين الروافد كتابات قرآنية منقوشة داخل إطارات مزخرفة.
سقوف حصن جبرين
يتميز حصن جبرين بوجود ثلاثة أنواع من السقوف المختلفة عن بعضها، النوع الأول السقف المسطح والذي تختلف زخرفته باختلاف المقصد الذي عملت من أجله، أما النوع الثاني وهو السقف ذو العقود البرميلية فإننا نجده في الطرفين الشمالي والجنوبي من المبنى في ركني الحصن.
وثالث أنواع السقوف وهو السقف ذو العقود أو القناطر المضلعة والذي يمتاز بزخارفه الجصية الجميلة فإننا نجده في ثلاث غرف من الحصن.
زخرفة الحصن
يمتاز حصن جبرين عن غيره من قلاع وحصون عمان بزخارفه الجميلة المتنوعة والتي أعطت هذا الحصن شهرته من حيث توظيف الفن الزخرفي إذ نجد أن تلك الزخارف تجمع بين الأشكال الهندسية والنباتية والكتابة الزخرفية والتي ظهر في البعض منها التأثير الفارسي في نمطها وعلى وجه الخصوص زخارف الحجرات الثلاث الموجودة، في الطابق الأرضي، إذ لم يقتصر التأثير على نمط الزخرفة في هذه الغرف فحسب وإنما نجده أيضاً في الهيئة المعمارية لحنايا البناء المستدقة الرأس والحلي الزخرفية التي تصل بين الحنايا والأقواس الحاملة لما فوقها.
والزخارف الهندسية نجد منها زخارف مركبة من مربعات، وأخرى مركبة من أضلاع رباعية وثمانية الشكل. وأما بالنسبة للزخارف الكتابية فهي منتشرة في معظم أرجاء البناء ومكتوبة بمواد متنوعة وأشكال مختلفة فمنها ما هو محفور على الخشب ومنها الصاروجي النافر والجبسي الغائر ومنها ما مكتوب على الخشب المطلي فوق الأبواب وعلى الجدران والسقوف وإطارات الشبابيك المختلفة.