إيران تحتفل بالذكرى الـ37 للثورة الإسلامية

الحدث الخميس ١١/فبراير/٢٠١٦ ١٩:١٩ م
إيران تحتفل بالذكرى الـ37 للثورة الإسلامية

مسقط - العمانية

بينما تحتفل الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة هذه الأيام بالذكرى السابعة والثلاثين ليومها الوطني، الذي يصادف الحادي عشر من فبراير من كل عام، فإنه من المؤكد أن احتفالات هذا العام تأتي في مناخ إيجابي مختلف بالنسبة للشعب الإيراني الصديق عما كان عليه على امتداد السنوات الماضية.

وإذا كان فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني قد وصف تنفيذ الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بين إيران ومجموعة (5+1) بأنه "انتصار تاريخي"، فإن الشعب الإيراني يحتفل باليوم الوطني له في ظل شعور عميق بالاعتزاز والثقة والقدرة على تحقيق ما يتطلع اليه من آمال وما ينشده من أهداف في مختلف المجالات، خاصة بعد سنوات تعرض خلالها لعقوبات أمريكية ودولية بسبب البرنامج النووي الإيراني التي لم تؤثر على عزيمته، ولا في تصميمه على تحقيق مزيد من التقدم في العديد من المجالات.

وإذا كانت السلطنة قد قامت بأوامر سامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بالمساعدة في إخراج شحنة من الماء الثقيل إلى خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بطلب من كل من الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقتين للمساعدة في تنفيذ الاتفاق النووي، فإن ذلك لا يعبر فقط عن عمق الثقة المتبادلة بين السلطنة وكل من هاتين الدولتين الصديقتين، ولكنه يعبر أيضا عن الإسهام الإيجابي والنشط الذي تقوم به السلطنة انطلاقاً من علاقاتها الطيبة والوثيقة مع القوى الإقليمية والدولية، لحل الخلافات بالحوار الإيجابي وتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية عبر بناء الثقة المتبادلة وإرساء العلاقات على أسس ومبادئ تحقق المصالح المشتركة والمتبادلة وتتفق كذلك مع مبادئ وقواعد القانون الدولي.

وفي هذا الإطار فإنه ليس من المبالغة في شيء القول إن العلاقات بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة قد نجحت في تقديم نموذج عملي واضح وبناء في القدرة على إقامة علاقات صداقة وتعاون حققت المصالح المشتركة بين الدولتين والشعبين الصديقين على امتداد أكثر من أربعين عاما مضت.

وقد نجحت الدولتان الصديقتان بفضل بعد نظر قيادتيهما في الحفاظ على هذه العلاقات الطيبة والوثيقة وزيادة مساحات التعاون بينهما رغم كل التطورات والظروف التي مرت بها المنطقة وتعرضت أو تتعرض لها حتى الآن. وعلى الرغم أيضا من أنهما يطلان على واحد من أهم ممرات الملاحة الدولية على مستوى المنطقة والعالم، وهو مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي ظل مفتوحًا أمام حركة الملاحة الدولية من وإلى المنطقة على امتداد العقود الماضية، وكان ذلك في جانب منه ثمرة من ثمار العلاقات الطيبة بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم تهتز أمام ما مرت به منطقة الخليج من أحداث.

جدير بالذكر أنه في حين أن العلاقات العمانية الإيرانية هي علاقات ممتدة عبر الزمن بين الدولتين والشعبين الصديقين، فإن القيادتين العمانية والإيرانية ومنذ الاتفاق على الترتيبات المشتركة بينهما للحفاظ على حرية واستمرارية الملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي، قد التزمتا بشكل حقيقي وعميق وعلى قاعدة راسخة من الثقة المتبادلة بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون بحسن نية من أجل تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة. وقد أثبتت الأحداث والتطورات على مدى العقود الماضية قدرة الدولتين وحرصهما المتبادل على تنمية وتطوير العلاقات فيما بينهما في العديد من المجالات.

وفي هذا الإطار، فإن مما له دلالة عميقة أن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - قام بزيارة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في شهر مارس 2013م، وكان جلالته أول قائد عربي يزور طهران بعد تولي فخامة الرئيس روحاني رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي شهر مارس 2014م، وقام الرئيس روحاني بزيارة مسقط وهي أول زيارة له لدولة عربية بعد توليه مهام منصبه. وقد فتحت هذه الزيارات رفيعة المستوى وغيرها من الزيارات وتبادل وجهات النظر على مختلف المستويات المجال أمام مزيد من تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية في المجالات النفطية والنقل والاتصالات والسياحة وغيرها.

ويسجل التبادل التجاري بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية زيادة مطردة، حيث توجد استثمارات متبادلة تتم بين الدولتين خاصة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التي تسعى السلطنة إلى جعلها واحدة من أهم المراكز اللوجستية في المنطقة والمنطقة الصناعية في صحار، حيث سيقام مصنع للسيارات الإيرانية بشراكة عمانية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وسيتم انشاء خط انابيب لنقل الغاز الإيراني إلى السلطنة بين صحار وبندر عباس.

من جانب آخر فإنه تم في الأسابيع الأخيرة الماضية تدشين خط ملاحي لنقل السائحين والتجار والبضائع بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية وزيادة عدد الرحلات الجوية بين مسقط وطهران، ما يعزز العلاقات الثنائية ويخدم المصالح المشتركة بين الدولتين الصديقتين.

على أنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى حقيقة مهمة هي أن السلطنة في إدارتها لعلاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء تحرص دوما على أفضل مناخ ممكن لخدمة المصالح المشتركة ليس فقط على الصعيد الثنائي، ولكن أيضا على صعيد المنطقة ككل، إدراكا منها لترابط المصالح ولحيوية وضرورة استتباب الأمن والاستقرار لصالح كل دول وشعوب المنطقة.

ولم تكن العلاقات العمانية الإيرانية استثناء من ذلك، بل إنها أكدت ذلك في العديد من المراحل والظروف، وآخرها ما تم من اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي بدأت مقدماته في مسقط في سبتمبر 2013م ، وتم التوصل إلى الاتفاق النهائي في 3 يوليو 2014م، وتم البدء في تنفيذه في ديسمبر الماضي، لتتخلص المنطقة من شبح حرب مدمرة خيم عليها، ولترسخ سبل السلام والاستقرار بشكل أكبر، ولصالح كل دول المنطقة وشعوبها.

وفي ضوء ذلك ، فإن العلاقات العمانية الإيرانية كانت وستظل ركيزة استقرار وعنصر ازدهار لصالح الشعبين العماني والإيراني ولكل شعوب المنطقة أيضا.