يوريكو كويكي
بينما يميل العديد من الناخبين في العالم – وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية- لطرفي النقيض ،خالف الناخبون في تايوان هذا الإتجاه وأختاروا الحلول الوسط . إن إنتخاب تساي انج-وين رئيسة الحزب الديمقراطي التقدمي في 16 يناير كرئيسة هي إشارة على أنه مهما كان تردد الناخبين التايونيين بالنسبة للدخول في علاقات أكثر عمقا مع الصين ،فهم يريدون كذلك تجنب أي قطع للعلاقات مع جارتهم القوية وخصمهم السابق.
يقال أن تساي والتي سوف تصبح أول إمرأة تتولى منصب الرئاسة في تايوان دعمت في السابق إستقلال تايوان ولكنها تجنبت التعبير عن مشاعر مماثلة خلال الحملة الإنتخابية وتعهدت عوضا عن ذلك بالمحافظة على الوضع القائم وفي الواقع كانت تساي حذرة بحيث نأت بنفسها عن معلمها الرئيس السابق لي تينج-هوي وهو مؤيد صريح للإنفصال الواضح عن الصين.
إن إنتصار تساي على حزب كيومينتانج وهو الحزب الصديق للصين يوحي بإن العلاقات مع الصين ،والتي تعتبر تايوان كمقاطعة إنفصالية سوف تستعيدها في نهاية المطاف، ستكون علاقات أكثر إتزانا بشكل كبير كما أنها كأستاذة سابقة في القانون ستركز كثيرا على تفاصيل أي مفاوضات مع الصين .
إن من السخرية بمكان إن الخلفية الأكاديمة لتساي (لقد درست في جامعة كورنيل وكلية لندن للإقتصاد) ربما كانت أحد أسباب خسارتها أمام الرئيس ما ينج-جيون في إنتخابات سنة 2012 وهي حملة بدت فيها وكأنها جامدة وغير معتادة على سياسة التنازلات المتبادلة ولكن في السنوات الأربع الماضية تحسنت مهاراتها الخطابية وأسلوب الحملة بشكل دراماتيكي ولدرجة أن شخصيتها التي تنطوي على البساطة والحيوية حظيت بشعبية خاصة بين الناخبين الشباب .
لقد كانت أعظم حليفة لتساي في آواخر حملتها الإنتخابية تشو تزيويو وهي مغنية تايوانية تبلغ من العمر 16 عاما وهي عضوه في فرقة الفتيات الكورية الشعبية توايس . لقد تعرضت تشو لإنتقادات واسعة في الصين بعد أن تم إلتقاط صور لها وهي تحمل العلم التايواني .إن إعتذار تشو العلني على عمل ذلك – على اليوتيوب – هو عبارة عن تذكير للكثيرين في الجزيرة بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه الصين من أجل أن تضغط على الناس حتى يصمتوا. يعتقد الكثيرون في تايوان أن هذا قوض من الدعم للرئيس ما والذي كان يعمل من أجل تعزيز الروابط وتوثيقها مع الصين . إن فشل حزب كيومينتانج في الدفاع عن تشو جعل الكثير من جيل ما تحت سن الثلاثين عاما والذين يدعمون بقوة الهوية التايوانية ينفرون من الحزب .
إن قمة الرئيس الصيني شي جينبينج مع الرئيس ما في سنغافورة في نوفمبر ربما كان ضررها أكثر من نفعها كما أن الإعلان في ديسمبر بإن الولايات المتحدة الإمريكية سوف تبيع أسلحة بقيمة 1،3 مليار دولار أمريكي لحكومة ما كانت أيضا إشارة واضحة على دعم تايوان والتي بدت مستعدة بالفعل للتخلي عن حزب كومينتانج. إن مثل هذه الصفقة في مرحلة مبكرة من الفترة الرئاسية لتساي كانت ستزعج الصين وتعقد العلاقات ليس فقط بين الصين وتايوان بل ايضا بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
إن إنتخاب تساي بنسبة 56،1% من الأصوات يظهر أنه بينما يريد العديد من التايونيين علاقات جيدة مع الصين ،إلا أنهم يعارضون سياسة "الصين الواحدة "والتي تم التأكيد عليها مرارا وتكرارا في بيجين ولكن بالنسبة لعلاقاتها مع الصين يتوجب على تساي أن تسير في طريق ضيق فلو نأت بنفسها بشكل واضح من الصين الواحدة فإنها سوف تقوض مبادرة الرئيس الصيني شي "حزام واحد ،طريق واحد" وهي رؤية مستقبلية عظيمة من أجل ربط الصين ببقية آسيا وأوروبا وهي مبادرة يتوقع أن تلعب فيها تايوان دورا حيويا وعوضا عن ذلك فإن من المتوقع أن تعزز تساي الوضع القائم والذي سوف يزعج الرئيس شي ولكن ليس بالدرجة الذي تجعله يسعى لتقويضها.
إن من المحتمل أن الخلافات مع الصين في المجالات الإقتصادية لا يمكن تجنبها ولكن يجب بذل الجهود لتأمين السوق التايواني من أجل تبني القواعد والأحكام المشتركة وهذا يتطلب بالتحديد إيجاد الوسائل للمشاركة في الشراكة عبر المحيط الهادىء مع دول أخرى في المحيط الهادىء من أجل تسهيل التجارة.
لن يتم تنصيب تساي إلا بعد مرور أربعة أشهر مما يعني أن سلوك حكومة ما في هذه الفترة الإنتقالية سيكون حاسما وخاصة لو تجاهل التوبيخ الإنتخابي الذي تلقاه وأستمر في مغازلة الصين ونظرا لمطالبات الصين المتعلقة بتايوان فإن أي إشارة جدية لزعزعة الإستقرار السياسي فيها يمكن أن تؤدي إلى رد غير متناسب من الرئيس شي. بالنسبة لتايوان فإن الأشهر الأربع القادمة يمكن أن تكون أكثر أهمية من الحملة الرئاسية.
وزيرة الدفاع ومستشارة الأمن القومي لليابان سابقا.