جمال زويد
فجأة ، وعلى غير موعد أو توقع سابق ؛ يصحو العالم على حالة تأهب واستعداد مصحوبة بشيء غير قليل من الخوف والذعر ينتشر في أرجاء مختلفة من المعمورة جرّاء إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطواريء تحسباً لتفشي الجائحة المسمّاة ( زيكا) بعد أن هزّت عدواها (24) دولة حتى الآن ، خاصة في أمريكا اللاتينية ، وبالذات البرازيل التي تستعد حالياً لتنظيم منافسة عالمية هي دورة الألعاب الأولمبية ،بات يُخشى من تنظيمها في ربوعها خوفاً من ( زيكا ) .
تقول الدكتورة مارغريت تشان ، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية " إن زيكا انتقل من مرحلة التهديد البسيط إلى التهديد المثير للقلق" ووصفته بأنه "أمر مفجع" مضيفة أن "هناك خوفا من إمكانية انتشاره على المستوى العالمي".
الإحصائيات المتداولة عن الإصابة بهذا المرض تتحدّث عن أرقام وصلت خانة المليون فيما يشير خبراء منظمة الصحة العالمية إلى أن التوقعات تشير إلى ما بين (3) إلى (4) ملايين شخص قد يصابوا بفيروس زيكا في الأمريكتين خلال العام الحالي فيما توقعاتهم وتحذيراتهم الجديدة تقول بوجود خطورة جدية في انتقال ( زيكا) إلى مناطق أخرى خاصة في الشرق الأوسط وذكرتها ، وهي مصر، السعودية، السودان، اليمن، الصومال، باكستان وجيبوتي .
أهل الاختصاص بالصحة ومكافحة الأمراض الوبائية صاروا في سباق مع الزمن ، اجتماعات ولقاءات ومشاورات محلية وإقليمية ودولية لاتهدأ ، وحملات توعية مكثفة ، رسمية وغير رسمية تحسباً لمقاومة وصدّ هذا الـ ( زيكا) الذي تكون عوارضه المرضية مشابهة للانفلونزا ، الحمى والصداع وآلام في العضلات والمفاصل والطفح الجلدي ومعها اضطرابات في العيون ، لكن أسوأ نتائجه وأخطرها الولادات المشوّهة إذ يمكن أن يولد من الأمهات الحوامل المصابات بـ ( زيكا) أطفال برأس صغير أو تشوّه في الرأس يتسبّب في أضرار عصبية حادة وانخفاض تطور قدرة الدماغ وما إلى ذلك من تشوّهات دفعت مؤخراً السلطات البرازيلية إلى الطلب من النساء تجنّب الحمل حتى التوصل إلى حلِّ لهذه الأزمة التي يبدو أنها قد تخطّت الحدود وأضحت خطراً عالمياً ، يقضّ المضاجع وتشحذ له الهمم ، وتتداعى الدول للوقوف ضدّه ، وترتفع إلى أقصى الدرجات حالات الجاهزية والاستعداد لمنعه وصدّه والحدّ من انتشاره .
بقي أن نشير إلى أن هذا الخطر فيروس ( زيكا) الذي يرعب العالم الآن وتُعلن لمجابهته حالة الطواريء إنما يتسبب فيه نوع من أنواع البعوض ، فقط مجرّد بعوضة متناهية الصغر !! لانتمكن من رؤيتها ومعرفة تفاصيلها إلاّ من خلال المجاهر الدقيقة ، ومع ذلك استطاعت هذه البعوضة أن تتسبب في نشوء حالة طواريء في هذا العالم وتتخطّى قوّته وجبروته لتخبرنا أن قدرة الله سبحانه وتعالى أكبر مما يملكون من عتاد وربما عناد وغطرسة . ويجدر بنا أمام ذلك أن نستحضر قوله تعالى : " إنَّ اللَّه لا يستَحْيِي أَن يَضرِبَ مثلًا مَّا بَعوضَةً فَما فوقَها ۚفأَمَّا الذينَ آمنوا فيَعلمونَ أَنّهُ الحقُّ مِن ربِّهِم وأَمَّا الّذينَ كَفروا فيقولون ماذا أَرادَ اللّهُ بهَذَا مثلًا ".
كاتب بحريني