منهج ومدارس المونتيسوري

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٣/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
منهج ومدارس المونتيسوري

د. محمد ناجي الكـعـبي

شهد العالم الغربي منذ بضعة سنوات اهتماماً متزايداً بمنهجية المونتيسوري (The Montessori Method). وقد أنشئت العديد من المدارس الأهلية والحكومية في دول العالم المختلفة التي تبنت هذه المنهجية النوعية. وقد تبنى هذه المنهجية أيضاً سلمان خان المُعلم الأكثر شهرة في العالم اليوم، من خلال إنشائه لمدرسة تحمل اسم مدرسة مختبر خان (Khan Lab School) في ولاية كاليفورنيا. وتعود شهرة سلمان إلى كونه مؤسس أكاديميته الافتراضية الشهيرة التي تحمل اسم أكاديمية خان (Khan Academy).

يعود الفضل في ابتكار منهجية المونتيسوري (The Montessori Method) إلى الطبيبة والمُربية الإيطالية ماريا مونتيسوري (Maria Montessori). ولا بد لنا أن ننوه إلى أن مبتكرة هذا المنهج قد طورت العديد من الأفكار الخاصة بالتعليم نتيجة لعملها في مدارس لأطفال يعانون من التخلف الذهني. وقد أكدت منهجية هذه التربوية الكبيرة على ضرورة التركيز على استقلال الطالب في عملية التعلم وإعطاء الطالب الحرية الكافية ولكن ضمن حدود، واحترام الكادر التعليمي للتطور النفسي والجسدي والاجتماعي للطفل (الطالب). لذا فإن المدارس القائمة على هذه المنهجية ترقب التطور والنمو النفسي والجسدي والاجتماعي للطالب إضافة إلى تطوره وأدائه الأكاديمي.

يلاحظ الزائر لصفوف الطلبة ضمن المدارس التي تنتهج منهجية المونتيسوري أن هناك تركيزا على الحياة العملية والحسية للبيئة التي نحيا فيها، إضافة إلى التركيز على الرياضيات والجغرافيا وعامل الوقت. ويتمثل الاهتمام بجغرافيا العالم من خلال سعي الطلبة للتعرف على قارات العالم، والمحيطات والبحار، والدول وعواصم هذه الدول مستعينين بالوسائل الإيضاحية الموجودة في مدارسهم. يتضمن التركيز على الجانب الحسي للطفل تعليمه أسلوب استغلال حواسه الخمسة مبكرا وقبل دخوله المدرسة الابتدائية، ويشمل ذلك تحسس السطوح الخشنة والناعمة وتحسس النغمات ابتداءً بصوت الجرس وقرع الباب، إضافة إلى تحسسه للأشكال الهندسية الثنائية الأبعاد مثل الدائرة والمربع والمستطيل والمثلث، ومن ثم الانتقال إلى تحسس الأشكال الهندسية ذات الأبعاد الثلاثية مثل الكرة والمكعب والأسطوانة والشكل المخروطي. ويشمل التركيز على الحياة العملية من ضمن ما يشمله تعليم الطلاب أن عليهم أن يهتموا ببيئتهم (البيت، المدرسة، الشارع، الحدائق والمتنزهات، الأسواق، الملاعب...إلخ) التي يحيون فيها، وأن عليهم تطوير مهارات التركيز. والنقطة الأساسية هنا تتركز على إقناع الطالب بضرورة الاعتناء بالبيئة والمحافظة عليها ليحيا بصحة هو وعائلته ومجتمعه. والمثير في المدارس القائمة على هذه المنهجية خلوها من أي جهاز تلفزيوني أو أي أجهزة رقمية (الحواسيب والهواتف بأنواعها)، إضافة إلى خلو المدرسة من أية ألعاب آلية تعتمد على البطاريات (Toys powered by batteries). لذا نرى أن صفوف المدارس مليئة بالمواد الطبيعية مثل النباتات والأشجار والتي يتم الاعتناء بها من قبل الطلبة، كما تضم الصفوف عينات من مملكة الحيوان ممثلة بالأسماك الصغيرة وأسماك الزينة تسبح داخل الأحواض الزجاجية، إضافة إلى بعض الزواحف والثدييات.
تُركز هذه المنهجية على تعليم الأطفال في مرحلة الروضة على صوت كل حرف وليس اسم كل حرف باستخدام حروف الورق الرملي (Sandpaper letters) بهدف إعداد الطالب لتعلم القراءة والكتابة. ووفقا لهذه المنهجية يتعلم الطالب الكتابة من خلال ترتيبه للحروف النقالة قبل تعلمه للقراءة والكتابة اليدوية. وبالطبع يتم في هذه المرحلة تعليمه للكلمات التي تتألف من حرفين مثل أم وأب وجد وعم وأخ وبط وبن وبر.. إلخ، وبعدها يتم الانتقال إلى الكلمات التي تتألف من عدد أكبر من الحروف الأبجدية. وتقوم منهجية المونتيسوري على العناصر الأساسية التالية: دمج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنتين ونصف أو ثلاثة إلى ستة (2.5-6) سنوات في صف واحد. وتعتمد أغلب المدارس القائمة على منهجية المونتيسوري في دول العالم المختلفة على دمج طلاب هذه الفئة العمرية في صف واحد لكي يتعلموا من بعضهم البعض ويتحاورا، وهذا أيضا ما قامت به مدرسة مختبر خان. وتتيح هذه المنهجية للطالب حرية اختيار النشاط (Activity) الذي يرغب القيام به والذي يفترض أن يكون ضمن قائمة الأنشطة الواجب على الطالب القيام بها. ويُعطى الطالب وفقا لهذه المنهجية الوقت الكافي لإنجاز النشاط المطلوب، ويعتقد المختصون في هذا المجال أن 3 ساعات من الوقت هي أفضل فترة زمنية تُعطى للطالب لإنجاز نشاطه. وتتضمن هذه المنهجية تشجيع الطالب على الاكتشاف والبناء من خلال تعلم الطالب للأفكار نتيجة تعامله مع المواد، وليس من خلال التوجيه المباشر للمعلم أو الأستاذ. كما يلزم أن يمنح الطالب ضمن هذه المنهجية حرية الحركة داخل الصفوف الدراسية. وتختلف المواد التعليمية والدراسية التي تقوم عليها هذه المنهجية والتي تُدرس لطلابها عن المواد التعليمية والدراسية التقليدية.

باحث ومتخصص بجودة التعليم وتكنولوجيا المعلومات