رهانات الرئيس الأمريكي تعتمد على تجاوب موسكو سوريا.. منحة ترامب أم محنته؟

الحدث الخميس ١٣/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
رهانات الرئيس الأمريكي تعتمد على تجاوب موسكو 

سوريا.. منحة ترامب أم محنته؟

مسقط – محمد البيباني

تحولات درامية مفاجئة خلال أيام قليلة فائتة، شهدها موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الأزمة السورية ورؤيته لكيفية الدفع باتجاه الحل.. بداية، ظهرت إشارات على استهداف تنظيم داعش دون إظهار أية بوادر توحي برحيـــل الرئـــيس السوري بشار الأسد وهـــو ما اعتبـــره الكثيـــرون تحولاً في السياسة التي انتهجها سلفه باراك أوباما وهو الأمر الذي أثبتت الأيام الفائتة أنه مخالف للواقع وتحديداً مع إطلاق صواريخ أمريكية على أهداف عسكرية سورية، شيئاً فشيئاً ظهرت تأكيدات مباشرة على استهداف الأسد نفسه إضافة إلى تنظيم داعش. في السادس من أبريل، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: «يبدو أنه لن يكون هناك أي دور له- أي الأسد- في حكم الشعب السوري».

السؤال الذي يفرض نفسه هنا.. هل ينجح ترامب في الاختبار السوري ويحقق من خلاله مكاسب تعزز مكانته داخلياً وخارجياً خاصة في ظل الخسائر التي تكبدها داخلياً منذ بدء تنصيبه رسمياً؟
لا شك أن نجاح ترامب في هذا الإطار يعتمد بالأساس على موقف روسيا التي يسعى لإقناعها بالتخلي عن الرئيس السوري وهو الأمر الذي تحول دونه عقبات تتعلق بصعوبات عديدة تواجه أهدافه بخاصة إزاحة بشار الأسد.

منحة حتى الآن

حتى اللحظة الراهنة حقق ترامب هدفاً مرحلياً في الملف السوري بعد استهداف القاعدة السورية إذ شهدت شعبيته ارتفاعاً، وهو ما أشارت إليه مجلة «نيوزويك» الأمريكية حين أشارت إلى الاستطلاع الذي أجرته شبكة «سي بي إس» الذي أكد أن 43% من الأمريكيين يوافقون على أداء ترامب. وكانت النسبة في نهاية مارس الفائت قد وقفت عند 40%.
الهدف الآخر الذي حققه ترامب أشار إليه نجله إريك ترامب، حين قال إن قرار والده لشن قصف صاروخي على قاعدة «الشعيرات» في سوريا، أثبت أنه لا يتبنّى موقف روسيا، ولا يمكن لفلاديمير بوتين أن يعطيه تعليمات.
وأضاف في حوار مع صحيفة «التليجراف» البريطانية، أن والده لا يخشى حديث الرئيس الروسي بشأن الحرب، مؤكداً أنه لا يوجد من هو «أكثر صلابة» من الرئيس ترامب في حال «اعترضنا أحد».

بوادر المحنة

على الجانب الآخر، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تحليلاً سياسياً بشأن الاعتبارات التي سيواجهها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أثناء سفره إلى موسكو لمحاولة إثناء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دعمه لبشار الأسد بعد هجوم الأسبوع الفائت بغاز الأعصاب على بلدة خان شيخون السورية.
وكشفت التحليل السياسي عن الأسباب التي بسببها لن يتراجع بوتين عن دعمه لرئيس النظام السوري بشار الأسد، موضحة أن 5 سنواتٍ من الاستثمار السياسي، وما يربو على مليون طنٍ من الأسلحة، وعشرات البلايين من الدولارات، ودور روسيا سواء كلاعبٍ إقليمي مُهيمن موجود أو كقوةٍ عالمية صاعدة- كل ذلك سيكون على المحك إذا ما تخلَّى فلاديمير بوتين عن بشار الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الصراع، وخصوصاً منذ أن أصرَّ الكرملين على دعمه للأسد في سبتمبر 2015، اتَّبعت روسيا إستراتيجية الانتصار بأي ثمن، والتي تحدَّت وبصورةٍ منتظمة حدود الحرب الحديثة، ووضعت نظام الأسد في موقف المنتصر بميدان المعركة.

مؤشـــرات

فيما يُعد مؤشراً على موقف موسكو قالت وزارة الخارجية الروسية إن العلاقات بين موسكو وواشنطن «تمر بأصعب مرحلة منذ انتهاء الحرب الباردة» مطلع تسعينيات القرن الفائت.
ولفتت الخارجية الروسية، في بيان لها، قبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، إلى موسكو أن زيارة الأخير «مهمة من حيث المناخ العام في الساحة الدولية ومستقبل العلاقات بين البلدين».
وأضافت «إننا منفتحون على الحوار مع الولايات المتحدة في كل المواضيع، لكن روسيا لن تقبل إلا بالتعاون القائم على مبدأ المساواة بين البلدين، كما أنها لن تتخلى عن مصالحها المشروعة».
وأشار البيان إلى أن روسيا «ستعمل على تحسين العلاقات بين البلدين، وفهم موقف واشنطن حول سوريا وأوكرانيا وليبيا وأفغانستان وكوريا الشمالية وملفات أخرى».
ولفت إلى أن «موسكو مستعدة لأشكال التعاون كافة مع واشنطن للمساعدة في خفض التوتر الدولي». وختم البيان «نركز على التعاون البنّاء لا المواجهة، ونأمل أن تكون لدى واشنطن أيضاً رغبة مماثلة».

جانب آخر

من جانبه رصد «دايفيد ألفير»، الأستاذ المساعد في كلية تحليل النزاعات بجامعة «جورج ماسون» الأمريكية، أربعة أسباب تجعل عملية الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الحالي عملية صعبة، بخاصة مع التجارب التي شهدتها بلدان مماثلة، أدى فيها التدخل الغربي إلى الإطاحة برأس النظام، وما تلا ذلك من عمليات فوضى وصراعات داخلية.
وقال الكاتب في مقال نشره في موقع «The Conversation»، إن استهداف «الأسد» من المرجح أن يخلّف نفس النوع من الكارثة التي شهدناها في ليبيا بعد سقوط «معمر القذافي».
ورصد الكاتب جملة أسباب تجعل عملية الإطاحة بالرئيس السوري صعبة في الوقت الراهن، فقد أشار إلى أنه خلافاً لما يحدث في لعبة الشطرنج، فإن الإطاحة بالملك في الحرب ليست هي النهاية، ولكنها فقط بداية أخرى. علاوة على أنه اتضح مراراً أن الحلول اللازمة للمشاكل المعقدة لا يمكن فرضها من الخارج. لا تكون هذه الحلول مستدامة، وغالباً ما تضر ولا تنفع. يجب أن تأتي الحلول من داخل المجتمع المدني نفسه في بلد ما.
وأكد ألفير أن تغيير النظام يدخل البلاد في بيئة أكثر فوضوية وعنيفة، والتي سيكون من الصعب السيطرة عليها من قبل عدة دول تعمل معاً عسكرياً.
ختاماً أشار إلى أنه ما زالت معظم المناصب الدبلوماسية الأمريكية رفيعة المستوى شاغرة. هذه هي المناصب التي تدير العمليات المعقدة لوزارة الخارجية، والتي لديها الثقل السياسي للتنسيق مع وزارة الدفاع فيما يتعلق بعمليات التوجيه والقيادة خلال العمليات العسكرية.