سهيل بهوان..هكذا بنى امبراطوريته الاقتصادية من الصفر

مؤشر الأربعاء ١٢/أبريل/٢٠١٧ ١٦:٣٠ م

مسقط-ش
ليست هناك وصفة للنجاح أهم الإرادة الصلبة والرؤية الثاقبة، ولعل هذه الوصفة هي التي قادت رجل الأعمال العماني سهيل بهوان، ليؤسس امبراطورية اقتصادية، انطلاقاً من بداية متواضعة كان رأسماله الوحيد خلالها طموحه الكبير وشغفه.
وبحسب موقع فوربس الشرق الأوسط الذي نشر تقريراً عن بهوان، فهو "من بداياته المتواضعة حين كان يجوب بحر العرب بحثاً عن فرص تجارية، أسس سهيل بهوان إمبراطورية ببلايين الدولارات في سلطنة عُمان".
ويضيف التقرير:"ولد سهيل بهوان في صور- ميناء بحري صغير محاذٍ للساحل جنوب شرق العاصمة مسقط ب 100ميل. وهو ميناء قريب من المنطقة التي يتوسع فيها مضيق هرمز في المحيط الهندي، مما جعله مر قرون، نقطة توقف مفضلة للسفن المبحرة بين الهند والعراق وزنجبار، وما يليها. وما أن اشتد عوده قليلاً، حتى رافق سهيل وشقيه سعود والدهما في رحلاته البحرية لمقايضة التمور والأسماك بالأرز والسكر، وغيرها من السلع. وللدلالة على حجم أسرة والدها الممتدة، تشير أمل بهوان إلى أنها لا تعرف بدقة عدد عماتها وأعمامها لكثرتهم".
ويتابع:"أما عن التعليم البسيط الذي تلقاه في صغره، فقد ارتاد بهوان المدرسة الابتدائية في الهند، لكنه تركها بعد الصف السادس. حينها أوكل إليه والده مسؤولية الإبحار على متن قارب داو، فتعلم أول دروسه عن كيفية مساومة التجار من مختلف بقاع العالم، وتمييز الصفقات الجيدة من غيرها. آنذاك، كانت صور تشهد آخر أيام مجدها بوصفها مركزًا للمواصلات. فالعالم كان في طور التغير، وقناة السويس، التي افتتحت منذ عام 1869، غيرت مسار طرق التجارة التقليدية، كما كانت السفن الحديثة أسرع من قوارب داو، مما أضر بكثير من التجار.
وحين لم يجنِ بهوان الكثير من الأموال من التجارة في صور، اضطر إلى ابتداع أساليب أخرى. إذ ينقل الموقع عن ابنته أمل بهوان: “التجارة تسري في دمه. فقد حصل على قروض من التجار الهنود، واستغلها لشراء الذهب، ثم بيعه لاحقاً في عُمان. إلا أن الأرباح كانت ضئيلة بعد تسديد أموال المقرضين. وفي ستينات القرن الفائت، كثيرًا ما خرج في رحلات بحرية من صور إلى العاصمة مسقط، بحثاً عن فرص أوفرعلى لبيع سلعه. لكنه قرر الانتقال إلى العاصمة بصفة دائمة، فافتتحا متجرًا في سوق مطرح ذي الأزقة والممرات الضيقة، لبيع شباك الصيد ومواد البناء".
ويقول التقرير :"كانت العاصمة مسقط تختلف اختلافاً كبيرًا عن صور الصغيرة، لكنها تميزت وقتها بميناء بحري هادئ. حينها حاول الدخول في مجتمع رجال الأعمال هناك، فعمد سهيل بهوان إلى التعرف على نظرائه من أصحاب المتاجر والشركات حول المدينة، بحثاً عن الفرص المناسبة. وشارك في المناسبات الاجتماعية، وصادق المسؤولين الحكوميين، وأقام الصلات والعلاقات الاجتماعية المتنوعة. فعادت عليه جهوده تلك بفوائد عظيمة".
كما لم يكتفِ الشقيقان ببيع شباك الصيد، بل كانا تواقين إلى الحصول على حقوق امتياز أجنبية. فحصلا فعلاً على أول امتياز لبيع منتجات شركة صناعة الساعات اليابانية (Seiko) عام 1968، ثم مع شركة الصناعات الإلكترونية (Toshiba). ولا تذكر أمل تحديدًا كيف اتصل الشقيقان من آل بهوان بالشركات اليابانية، لكنه كان توقيتاً جيدًا على أي حال.
وبوضح التقرير الفضل الكبير لجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- في تاسيس بيئة أعمال ناجحة في السلطنة إذ يقو التقرير إن جلالته فتح "أبواب بلده على العالم الخارجي، مطلقاً برنامج التحديث وتحرير الاقتصاد، مما أوجد مزيدًا من الفرص، وزاد من الإقبال على السلع الاستهلاكية والمشروعات الصناعية. وفي تلك الفترة، كانت شركة (Toyota) تبحث عن شركاء في منطقة الخليج العربي، فلاحت فرصة رائعة يصعب على الشقيقين التخلي عنها، سيما أنهما لم يكونا الوحيدين الذين ينافسون على هذه الصفقة، إذ كانت عائلة الفطيم العريقة في الإمارات تنافس للحصول عليها، ليس في موطنها فحسب، بل في عُمان أيضاً. فوجب على الشقيقين بهوان إثبات امتلاكهم الأموال الكافية لهذا الاستثمار، وعقدا في العام 1974 شراكة مع رجل الأعمال العماني عمر زواوي، لتأسيس شركة صناعة الأنابيب (Amiantit Oman). وخلال عام واحد فقط، جمعا إيرادات كافية لرأس المال المطلوب".
مع ذلك، كانت عائلة الفطيم الأقرب للفوز بالصفقة، لولا تدخل جلالة السلطان الذي أراد شركة عُمانية لتمثيل علامة Toyota التجارية في السلطنة بحسب الموقع. وفي عام 1975 بدأت السفن تفرغ حمولتها من السيارات اليابانية في ميناء مسقط، وأصبحت عائلة بهوان رائدة سوق السيارات في السلطنة خلال 3 أعوام فقط. وعلى نحو متسارع، هبت الرياح بما تشتهي سفن الشقيقين سهيل وسعود بهوان؛ إذ حصلا خلال العقد التالي على العديد من حقوق امتيازات الشركات الأجنبية، بما فيها (Ford) وصانعو المعدات (Komatsu) وKubota و(Bomag) .كما أسسا وكالة سفريات، وتعاونا مع (Thai Airways) و(Pan Am) و(Air France) وأطلقا شركة لتأجير السيارات. ثم باشرا عام 1977 بالعمل في مشروعات البنى التحتية في قطاعي الإنشاءات والطاقة، واستحوذا عام 1984 على شركة لتطوير محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء في أرجاء السلطنة جميعها. في نهاية الثمانينات، نمت الشركة مع نمو الأعمال، وضمت ما يزيد على 4 آلاف موظف. كما تعددت نشاطاتها في قطاعات الاتصالات، والشحن والخدمات اللوجستية، والإلكترونيات، والأغذية، وغيرها". قبل ان تواصل االمجموعة نموها، لتصبح أمبراطورية اقتصادية كاملة، على رغم من انتفاق الشقيقين سهيل والراحل سعود على الانفصال بأعمالهما ليكمل كل منهما مسيرة نجاحه الخاصة.
ويضيف التقرير:"إن الإرث الذي عهده سهيل بهوان إلى الجيل الثاني في العائلة، مختلف هذه الأيام عما كان عليه في السابق. إلا أن تلك البدايات المتواضعة، ما زالت عالقة في ذاكرته كشذرات من الماضي- الحاضر بمظاهرعدة. ففي غرفته الخاصة في مقر الشركة، تزين البنادق القديمة ولوحات قوارب الداو الزيتية جدران المكان. وعلى الطاولة المحاذية لمقعده المخصص للقراءة صورة قديمة، يظهر فيها إلى جانب شقيقه الأصغر سعود، بما يعكس حياة البساطة التي كانت من سمات ذلك الزمن".