الأضعف والأقوى

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٥٠ م

حسام بركات

شهدت اجتماعات مؤتمر الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية بنسخته الـ79 في دوحة الخير عاصمة قطر التئام شمل مئات الزملاء المتخصصين من مختلف أنحاء العالم، وكان الحضور العربي واضحا ومثيرا للإعجاب.

ربما يقول البعض إن الرياضة العربية لا ترقى لنظيرتها العالمية بأي جانب من الجوانب، وبما أن الإعلام هو مرآة الواقع، فإن الإعلامي العربي حتما هو أقل شأنا من نظيره الأوروبي أو الأمريكي الجنوبي مثلا، غير أن ما رأيناه في قطر يخالف ذلك تماما.

الثقافة والإلمام اللذان يحظى بهما زملاء المهنة من الناطقين بحرف الضاد يفوق بكثير نظراءهم الأجانب خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمشهد العالمي خارج إطار المناطق المحلية، وقد لوحظ أن الزملاء في الصحافة العالمية لا يبالون إلا بما يخصهم ولا يملكون أدنى معرفة عما يدور في مناطق بعيدة عنهم.

وسيذهب آخرون إلى استخلاص حقيقية واقعية وهي أن الطرف الأضعف دائما ما يكون متعلقا أكثر بالطرف الأقوى، فيبحث عنه دائما ويتابع أخباره، فيما لا يكون الأقوى مكترثا على الأغلب بيوميات الضعيف عديم الفائدة.

في الجلسات الجانبية للمجموعة العربية على هامش المؤتمر يجتمع زملاء وإعلاميون كبار منهم المتخصص جدا في مساحة محددة من العمل الصحفي، ومنهم المثقف الجامع بكرة القدم الأوروبية، ومنهم من يبحث باستمرار عن تحسين واقع الإعلامي الرياضي في منطقته، ومنهم من يتطلع بشغف وطموح لاعتلاء المناصب التنفيذية على المستويين القاري والدولي.

يطول النقاش الهادئ حول حقبة الثمانينيات التي كانت أفضل في كل شيء (من وجهة نظر غالبة نوعا ما) وحتى أفضل من حقبة الاحتراف «المجنون» الذي نعيشه حاليا.

كرة القدم العربية مثلا كانت تمتلك نجوما أفضل رغم أنها تمتلك الآن إمكانيات أكثر.. هذا ما يذهب إليه البعض مع استعراض عشرات الأسماء في كل دولة عربية على حدة، ومدى اختلاف معرفة الجمهور العربي بأغلب النجوم المحليين من المحيط إلى الخليج فيما مضى عما هو الآن.

ربما تغير المشهد مع اختفاء قسري للبطولات العربية وانخفاض مستوى الشغف التنافسي العربي - العربي، فلم يعد الاهتمام بمعرفة اللاعبين المميزين إلا إذا وجدوا فرصة الاحتراف في أندية ذات شأن ومقام في أوروبا تحديدا، وعندها يبدأ الاهتمام بهم ومتابعة أخبارهم.

الجزائري رياض محرز والمغربي مهدي بن عطية والمصري محمد صلاح نالوا أيضا قسطا من النقاش، فلا شك أن اللاعب العربي يستطيع امتلاك الساحة الإعلامية الأوروبية بنفس القدر الذي يمتلك فيه النجوم الأوروبيون والأمريكيون الساحة الإعلامية العربية، مع فارق التشبيه قياسا بالعدد.

وفي آخر المطاف كان لا بد من الاندفاع العاطفي تجاه ملف قطر وتحضيراتها المذهلة لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم في العام 2022، فقد استثمر المسؤولون القطريون فرصة احتضان بلادهم لهذا المؤتمر من أجل تأكيد جدارتهم بهذا التحدي أمام أعين وكاميرات كل من شارك بغض النظر عن جنسيته أو مواقفه المسبقة.

زيف الادعاءات ضد ملف قطر كان واضحا منذ البداية، وكان ينبغي على الصحفيين العالميين رؤية المشهد على حقيقته، وهو ما حصل فعلا على هامش اجتماعات الاتحاد الدولي الـ79 وقد أحسن المنظمون صنعا في استثمار هذه المناسبة العالمية.

وأخيرا.. هل يعيش الإعلام الرياضي العربي واقعه، وهل هو قادر على أن يكون فعلا مرآة الرياضة في بلاده؟ فكما يحتاج اللاعب العربي للتحدي والمنافسة حتى يتطور مستواه فإن الإعلامي أيضا بحاجة إلى تفعيل منظومة البطولات التي يقوم بتغطيتها حتى يخرج من الإطار التقليدي الذي أصبح سائدا في السنوات الأخيرة.

ننتظر بشوق الأخبار التي تتحدث عن التئام شمل البطولات العربية من جديد، وكذلك التحضيرات الجارية لتأسيس الاتحاد الخليجي لكرة القدم.