مؤشرات على افتقاره لخطة واضحة هل يكرر «ترامب» قصف سوريا؟

الحدث الاثنين ١٠/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٢٥ ص
مؤشرات على افتقاره لخطة واضحة

هل يكرر «ترامب» قصف سوريا؟

مسقط - محمد البيباني

بالتأكيد ليست الأغراض الإنسانية المبرر الحقيقي لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقصف سوريا منذ يومين، فالرئيس الأمريكي الأقرب لرجل الأعمال منه إلى رجل الدولة يبعث بإشارات متتالية منذ بدء ظهوره على مسرح الأحداث تؤكد على برجماتيته وعدم اهتمامه بالاعتبارات الإنسانية التي قد لا يهتم بها السياسة ورجالها من الأساس، وإلا كيف يمكن فهم محاولات حظر دخول اللاجئين إلى بلاده وتبرير عمليات التعذيب في استجواب المعتقلين وتقليل مساعدات بلاده في عمليات الإغاثة التي تشرف عليها الأمم المتحدة.

إذا كان الأمر كذلك فلماذا لجأ ترامب إلى قصف مواقع تابعة للنظام السوري؟ وما هي دلالات هذا القصف على صعيد الأزمة السورية المشتعلة؟ وهل من الممكن أن يكرر ترامب قصفه لسوريا؟ وأخيرا أين يقف ترامب من أطراف الصراع المسلح داخل الأراضي السورية؟

ترامب ضد ترامب

ما من أحد إلا ويذكر التغريدة الشهيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أن يصبح رئيساً، وبالتحديد في الخامس من سبتمبر العام 2013 عندما كادت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما على وشك القيام بضربة عسكرية جوية ضد سوريا.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية قول ترامب حينها في تغريدته متوجهاً إلى أوباما: «مرة أخرى، أتوجه إلى رئيسنا وأقول، لا تهاجم سوريا، وإن فعلت ذلك فإن العديد من الأمور السيئة سوف تحدث، كما أن الولايات المتحدة لن تحصل على شيء من هذا الصراع».
كانت كلمات «ترامب» بهدف تغيير مسار المعركة الجارية على الأرض بين النظام السوري وبين الجماعات المسلحة والدول الداعمة لها. يذكر أن الذريعة كانت آنذاك نفسها التي تتردد اليوم عن الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي من قبل الدولة السورية ضد معارضين لها، حسبما ذكرت وكالة «سبوتنيك».

ليست لديه خطة

من جانبها قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إنه رغم تلويح مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هايلي باستعداد الولايات المتحدة لشن المزيد من الهجمات ضد الرئيس السوري بشار الأسد، إذا استدعى الأمر ذلك، رفض البيت الأبيض مناقشة أية خطوات جديدة، سواء عسكرية أو دبلوماسية، قد تتخذها الإدارة الأمريكية في الفترة المقبلة، ليزيد بذلك من حيرة العالم الذي يسعى جاهدا لفهم سياسة ترامب بشأن الصراع.

وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة أرادت بتحركها العسكري ضد بشار الأسد، استعراض قوتها وبعث رسالة مفادها أنها على استعداد للمزيد من العمليات العسكرية إذا استخدم أسلحة كيماوية مرة أخرى، غير أنها تراجعت فيما يبدو عن وجود عسكري أكبر في الصراع السوري، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على شن صوارخ «توماهوك» على قاعدة «الشعيرات» التابعة للنظام.

وأوضحت الجارديان أن هناك تقارير تفيد أن المقاتلات السورية كانت قد أقلعت من القاعدة الجوية قبل استهدافها من الصواريخ الأمريكية، مما يظهر أن التأثير العسكري للهجوم الليلي كان محدودا.

ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض، جون سبايسر القصف الصاروخي بأنه «مبرر ومناسب»، وسببه «أغراض إنسانية»، ولكنه لم يذكر أي شيء متعلق بمغادرة الأسد لمنصبه، رغم أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أكد قبل الضربة العسكرية أن هناك خطوات دبلوماسية جارية تهدف للإطاحة بالأسد. ومع ذلك، أكد سبايسر أن الأسد عليه أن يوافق «كحد أدنى» على «الالتزام بالاتفاقيات وألا يستخدم الأسلحة الكيماوية»، ولكنه لم يقل إذا كان هناك أي أهداف أخرى للولايات المتحدة في سوريا، خاصة وأن الرئيس الأمريكي يواجه ضغوطا جديدة من الكونجرس لتقديم إستراتيجية إدارته الشاملة بشأن الصراع السوري.

وعكس تحرك ترامب العسكري تحولا في موقفه السابق غير المهتم حيال بقاء الأسد في الحكم، لاسيما وإنه يواجه مطالب مختلفة من الكونجرس بتصعيد التدخل العسكري، ومن روسيا بالتراجع.

هل يتكرر التدخل؟

على الصعيد الخارجي، كتبت «نيويورك تايمز» متحدثة عن ثلاثة مخاطر يمكن أن يجرها هذا النوع من التدخل.
أولاً، تعد هذه الضربة ذات تأثير مباشر على العلاقات مع روسيا ولا سيما في الجبهة السورية. وسترخي بظلالها على الاجتماع الأمريكي الروسي المرتقب والذي كان مقرراً لمناقشة أزمة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية.
ثانياً، تعتبر الصحيفة أن تركيز ترامب على الأسد حالياً سيعيقه عن هدفه الأساسي في سوريا، وهو محاربة «داعش» التي تشكل تهديداً أساسياً. وتوضح أن انهيار سوريا، يعني أرضاً خصبة لتعزيز نفوذ داعش، وهو السيناريو الذي يحاربه ترامب.
ثالثاً، يتمثل الخطر بافتقار إدارة ترامب لخطة سلام واضحة ومحكمة في سوريا. كما أن السبب الذي دفعه لاختيار مناسبة تدخله المباشر الأول، بعد 77 يوماً على استلامه الحكم، ليس واضحاً. ففي تصريح سابق للرئيس لم يكن قادراً على تحديد الأسباب التي قد تدفعه للتدخل تماشياً مع شعاره «أمريكا أولاً».

أزمات داخلية

بحسب التطورات الأخيرة، قالت صحيفة فايننشيال تايمز إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) خطط لتشكيل وحدة مختصة تتولى مجاراة التحقيق في التدخل الروسي خلال الانتخابات، كما شهدت تلك القضية تطورا آخر إذ طلب مستشار ترامب السابق للأمن القومي مايكل فلين -وهو الذي أقيل من منصبه في فبراير الفائت بعد تضليله البيت الأبيض بشأن محادثات مع مسؤول روسي-، طلب الحصول على حصانة ليدلي بشهادته فيما يتعلق بتلك القضية، مؤكدا أن لديه قصة يرويها.
ولم تقتصر مشاكل ترامب الداخلية مؤخرا على تلك القضية، بل ضرب الصدع الحزب الجمهوري نفسه، وأدت الخلافات العميقة التي عصفت به إلى فشل ترامب في تمرير مشروع قانون الرعاية الصحية، بديلًا عن مشروع أوباما كير فيما اعتبر هزيمة قاسية للرئيس وضربة أخرى لطموحاته.
هنا يأتي التساؤل عن الأسلوب الأمثل الذي يمكن أن يسلكه ترامب للالتفاف على تلك الأزمات المتلاحقة؟
ربما كان البديل أمامه صنع معركة، أو إيجاد فـــــوضى، تبدو تلك الهجمات على الأسد إذا ربما وسيلة جيدة لتخفيف الضغوط على ترامب.