لا علاقة لنا بالجائزة العالمية للرواية العربية إلا من قبيل المتابعة، ومرة واحدة اخترقها عمل روائي عماني عدّ ضمن القائمة الطويلة، بينما غاب الإبداع الروائي العماني عن سائر الدورات، التي بلغت التاسعة في عامها الجاري.
اكتفى الروائي العماني بالفرجة على حفل الإعلان عن القائمة القصيرة، رغم أنه غاب حتى عن "الطويلة" ليكتفي بشرف الحضور بين 159 كاتبا تقدموا للمسابقة، ذات النسخة العربية والمدعومة ماليا من حكومة أبوظبي.. فتسلط الأضواء على الفائز المرتقب، كما لا تجد الروايات الست حظها من الإقبال والانتشار، حتى موعد الإعلان عن "الأول" في أبريل المقبل.
كانت خطوة "موفقة" أن يستضيف النادي الثقافي حفلا تترقب نتائجه الثقافة العربية، ليلقي حجر الأسئلة في مياه العالم العربي الراكدة، أو المنغمسة في حروب وتمزقات ومعاناة أنتجت كل ذلك الهم الروائي، أسئلة عمن فاز، ومن خسر؟ والمقاربات بين لجنة تحكيم فضلت هذا العمل على ذاك، مع من يقف وراءه من نجم يصعب مقاربته بروائي شاب يقدم عمله الأول، ربما، لكنه استطاع إدهاش لجنة تحكيم تلك مرئياتها، مهما اختلفنا عليها، أو اتفقنا.
الروائيون في السلطنة ليسوا بمنأى عن حركة الكتابة السردية بما فيها من شغف بالفوز، حاولوا وتقدموا، لكن هناك ما هو "أجمل" وفق حسابات لجنة التحكيم، فلا يكفي أن تكون كاتبا لتصبح مجددا في الكتابة، وقد انحازت الروايات الفائزة (في القائمة الطويلة أو القصيرة) لفكرة الحداثة على مستويي الشكل والمضمون، مقدمة رؤى يجري الحديث عنها بإدهاش بالغ.
كان صادما أيضا لي أن تخلو القائمة الطويلة - وهي من 16 عملاً روائياً - من أي اسم من الخليج عدا رواية الهنا للكويتي طالب الرفاعي وجرى استبعادها لإشكالية تتعلق بموعد النشر، كأنما الانفجار الخليجي روائيا لم يلامس الإبداع الذي تبتغيه جائزة بثقل كهذا.. وكان حديث رئيسة لجنة التحكيم الإماراتية أمينة ذيبان بأن التأسيس الروائي الخليجي لا يقارن بأعمال كتبت فيما يسمى بمراكز الثقافة العربية، معللة بأن الحرية تحتاجها الرواية، فكيف تفوز رواية لا تدخل بلدها (ترمي بشرر لعبده خال) وثم الضجة التي أثيرت على رواية سعود السنعوسي "فئران أمي حصة".. وقد منعت من توزيعها في بلادها الكويت.
حضرت البوكر في مسقط، لكنها لن ترحل هكذا، وأكاد أجزم بأن اقترابها من المشهد السردي العماني سيحرك مستويات فنية ستعمد إلى تقديم جدّة في الطرح تكسر القوالب القديمة والهشّة مع كثرة استعمالها، وهي فرصة للنظر إلى الذات بموضوعية حيث الانتفاخات لا تعني "شحما" بالضرورة، والتمجيد من "الشلة" لا يصنع مجدا، فالإبداع أمام المحك الأصعب ينبئ بذهبه الحقيقي.
البوكر صنعت مجدا للرواية، وليس "عجيبا" إن رأينا شعراء وكتاب قصة وباحثين و"مغامرين" يدخلون عالم الرواية.. لأنها تجد إقبالا لا يجده غيرها من كتب الأدب.