لم تكن أرقام النمو القوية في قطاع التصنيع في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة كافية لتجديد اندفاع المستثمرين للتداول بناءً على سياسات الإنعاش الاقتصادي المتوقعة من ترامب. فقد تراجعت الأسهم الآسيوية في بداية جلسة الثلاثاء، فيما ارتفعت أسعار السندات السيادية، وتراجع زوج الدولار ين دون مستوى 110.5، بينما وصل سعر الذهب إلى قرابة أعلى مستويات سجلت في 2017.
وقد تفاوتت التحركات السعرية بين فئات الأصول المختلفة مما يشير إلى أنّ المستثمرين يفضلون الملاذات الآمنة قبيل القمّة التي تجمع الرئيسين الأمريكي والصيني وهو اجتماع قد لا يخلو من التوتر.
وتعكس عوائد سندات الخزانة الأمريكية حالة التوتر والقلق الموجودة لدى المستثمرين إلى حدّ كبير؛
لأنه في بيئة تشهد تصاعداً في معدلات الفائدة، وتحسناً في الأوضاع الاقتصادية من غير المنطقي كثيراً أن نرى عوائد ســــــند السنوات العـــــشر الأمريكي تنخفض نحو 2.3 %، مما يمثّل انخفاضاً بنـــــسبة 11.6 % عن أعلى مستويات سجلت في مارس.
وإذا ثبت أن هذا التحرّك ليس مؤقتاً فقط، فإن ذلك قد يكون الشرارة التي ستطلق عملية تصحيح في الأسواق. لذلك يجب على المتداولين أن يراقبوا تحرّكات الديون للسيادية الأمريكية.
كما أنّ أسعار النفط الخام لا تدعم شهية المخاطرة أيضاً. فالزيادة المتواصلة في أعداد منصّات الحفر الأمريكية والارتداد الذي سجّل في الإنتاج النفطي الليبي أسهما في مواصلة الضغط على أسعار النفط. ولا يبدو أن أكثر عبارة تزعج منظمة أوبك ألا وهي «تخمة المعروض» قد خرجت من التداول بعد، وهو أمر يتطلّب من منتجي أوبك ومن المنتجين من خارج أوبك النظر جدِّياً في تمديد اتفاق خفض الإنتاج، وإلا فإن عودة التوازن إلى الأسواق ستحتاج إلى وقت أطول ممّا كان متوقعاً سابقاً.
وحافظ البنك المركزي الأسترالي على معدّل الفائدة عند 1.5 % للشهر الثامن على التوالي، وهو قرار كان منتظراً على نطاق واسع. لكن زوج الدولار الأسترالي والدولار الأمريكي تراجع 30 نقطة أساس، بما أن المركزي الأسترالي سلّط الضوء على أن ضعف بيانات سوق العمل يظلّ أمراً مقلقاً وبأن ارتفاع قيمة الدولار الأسترالي سيعقد عملية تطوير الاقتصاد ليبتعد عن الاعتماد على قطاع التعدين والمناجم.
كما حذّر المركزي الأسترالي من خطورة الإقراض إلى مشتري المساكن الأمر الذي دفع أسعار العقارات في المدن الرئيسية إلى الارتفاع برقم أكثر من خانتين (أي أكثر من 10 %)، ممّا يشير إلى أن الجهات الناظمة ستتخذ الإجراءات المناسبة للحد من عمليات الإقراض الخطر للرهون العقارية بهدف تهدئة أسعار المساكن الآخذة بالتصاعد.
وبالنسبة لأخبار العملات الأخرى، استأنفت عملة جنوب إفريقيا (الراند) تراجعها بعد أن خفضت وكالة (S&P) تصنيف البلاد الائتماني إلى «عالي المخاطر» (Junk). وقد تراجع الراند 1.7 % صباح الثلاثاء بعد أن تراجع 2 % يوم الاثنين. وستظل المخاطر السياسية العالية التي ظهرت في أعقاب إقالة وزير المالية تنعكس في سعر صرف عملة جنوب إفريقيا. ومقارنة مع الأساسيات، فإن الراند يبدو مقوماً دون قيمته الحقيقية، ولكنّ حجم انخفاض الراند على المدى القصير سيتوقف على التطورات السياسية. ومن المرجح جداً أن يسجّل انخفاضاً بنسبة 5 إلى 10 % من المستويات الحالية.
كبير استراتيجيي الأسواق في FXTM