عدن - إبراهيم مجاهد
لكل نزاع مسلح فاتورة يدفع الجزء الأكبر منها المدنيون، وإن تكن بنسب متفاوتة تتوزع على شرائح المجتمع، وفي اليمن التي دخلت الحرب فيها عامها الثالث على التوالي، تكاد تكون المرأة والفتاة اليمنية أكثر شرائح المجتمع تحملاً لفاتورة الحرب في أفقر بلد في الشرق الأوسط.
فالمرأة أو الفتاة اليمنية تتلقى يومياً خبر فقدها لزوجها أو ابنها أو والدها، أو عائل الأسرة الوحيد من جراء آلة الحرب، مما لا يترك لها فرصة حتى للحزن على من فقدت، إذ عليها بدء حياة مختلفة تماماً ليس لفقدها زوجها فحسب بل لكونها باتت المسؤول الأول في المنزل أو مخيم النزوح الذي تعيش فيه مع أطفالها، عن إشباع بطون أطفال جياع.
50 % من النازحين نساء
يقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن أكثر من 2.2 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب معرضات للخطر على الصعيد الصحي وعلى صعيد الحماية مع دخول النزاع في اليمن عامه الثالث. ويقول القائم بأعمال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن د. عزيز جيلدي هيلينوف إن هناك أكثر من ثلاثة ملايين شخص نزحوا بسبب النزاع. تشكل النساء والفتيات أكثر من 50 % من هؤلاء النازحين. فالنساء والفتيات هن بالعادة من يدفعن الثمن الباهظ في أي حرب.
وفي السياق ترى الكاتبة والناشطة اليمنية ألطاف الأهدل وتنتمي لمحافظة تعز التي تشهد مواجهات مسلحة بشكل يومي منذ عامين، أن المرأة والفتاة اليمنية التي تدفع فاتورة بقائها على قيد الكرامة منذ زمن، باتت اليوم تدفع فاتورة بقائها على قيد الحياة بعد سقوط رجالها الأقربين كل تلو آخر.
وتقول ألطاف في حديثها لـ«الشبيبة»: تدافع عن شرف المرأة اليمنية وهي تدفع برجالها إلى ساحة المعركة وهي في أشد الحاجة إليهم. وتصنع الأمل بالبقاء في ذات الوقت، عبر المضي قدما في خندق الصراع لتطعم أفواهاً جائعة تحيط بها من كل جانب. وتضيف: المرأة اليمنية تنتزع التفاؤل من فم القدر لتهز مهد أيتام ومحرومين يرونها طوق النجاة الأخير.. وتعتبر ألطاف المرأة في اليمن درس استقراء يبدأ من الجزء وينتهي إلى الكل، ولا يوجد أي من شرائح المجتمع من يفهم الدرس مثلها ويتفوق على مدرسة الحياة كما تفعل هي.
خطر الموت عند الولادة
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي أدى إلى إصابة ما يقدر بنحو 1.1 مليون امرأة حامل بسوء التغذية. ويمكن أن يؤدي انهيار الخدمات الصحية -ما يقرب من ثلث العدد الإجمالي للمرافق الصحية توفر حاليا خدمات رعاية الأمهات والمواليد- إلى وفاة ألف من بين 800.52 امرأة حامل في اليمن مما يزيد من خطر حدوث المضاعفات أثناء الولادة.
وفي بلد كاليمن فيه أعلى معدلات وفيات الأمهات في المنطقة العربية ويعاني من نقص الغذاء وسوء التغذية وتدهور الرعاية الصحية، فهذا يعني أن هناك زيادة عدد الأطفال «الخدج» ومواليد يعانون من نقص في الوزن ونزيف حاد بعد الولادة. هذا كله يجعل من عملية الولادة أكثر صعوبة ويضع حياة الأمهات في اليمن على المحك.
العنف ضد النساء
وقد أدى النزوح وانهيار آليات الحماية إلى زيادة كبيرة في تعرض النساء والفتيات للعنف اللاتي كان وضعهن في المجتمع سيئا أصلاً حتى ما قبل النزاع. فالتقارير الواردة من الميدان تفيد أن حالات العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي قد ازدادت بأكثر من 63 % في العامين الفائتين، إذ بلغت عن أكثر من عشرة آلاف حالة من حالات العنف خلال العام 2016 وحده. ويعني ذلك أن هناك ازديادا في حالات العنف المنزلي والزواج القسري وزواج الصغار، والإيذاء البدني والنفسي والصدمات النفسية، والعديد من أعمال العنف ضد النساء والفتيات مقارنة بما كان عليه قبل عامين.
هناك ما يقدر بـ14.8 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الصحة الإنجابية.
وأمام هذا الوضع الكارثي الذي تواجهه المرأة والفتاة اليمنية دعا صندوق الأمم المتحدة للسكان مؤخراً إلى إيلاء اهتمام عاجل لاحتياجات النساء والفتيات في اليمن اللاتي يمثلن أكثر الفئات ضعفاً وتضرراً من هذه الكارثة الإنسانية وناشد لحشد مبلغ 22.1 مليون دولار في إطار خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2017 بهدف الوصول إلى 2.2 مليون امرأة وفتاة هن في حاجة ماسة للمساعدة.