فريد أحمد حسن
هذا عنوان كتاب صدر أخيراً في سلطنة عُمان وراج بشكل لافت في معرض مسقط الدولي للكتاب الذي أقيم أخيراً في مركز المؤتمرات والمعارض الجديد، وهو كتاب جاء مختلفاً في شكله وجديداً في محتواه ويغري كل ساع إلى الظفر بالوظيفة التي يحلم بها، خريجاً كان أو على وشك التخرج من الجامعة أو موظفاً يطمح إلى الأفضل، لقراءته بتمعن، فهو «مرجع مهم للباحث عن العمل والموظف الذي لم يحظ بتوجيه جيّد ممن قبله في سلك الوظيفة» كما جاء في النبذة التي احتلت الغلاف الخلفي للكتاب والتي أوضح فيها المؤلف أن أهميته «تتعدى إلى صاحب المؤسسة الخاصة إذا أراد التميّز لأنه يحتوي على دليل إرشادي للمهارات والمصطلحات التي يحتاجها الشخص في بيئته المحلية والدولية»، وأيضاً لأنه «يضم السلوكيات المناسبة التي تساعد الشخص في مكان العمل». مؤلف الكتاب هو الصحفي والكاتب العُماني خلفان الطوقي الذي اهتم عند تدشينه في فبراير الفائت ببيان أنه يحاول بهذا المؤلف توصيل رسالة إلى القارئ ملخصها أن الشهادة التي حصل أو سيحصل عليها من الجامعة لا تكفي وحدها وإنما عليه أن يهتم بالمهارات المهنية وصقل سلوكياته أيضاً،
عن الشكل اللافت للكتاب والذي يلخص غلافه الأخضر محتواه من خلال صورة بسيطة لخريج يسير في طريقه نحو المستقبل، قال الطوقي إنه حرص أن يكون شبابياً ورأى أن ذلك كان أحد أسباب الإقبال على اقتنائه من الشباب إذ يبدو وكأنه ملف «فولدر» كالملفات التي يفضّلها عادة طلاب الجامعات لسهولة تقليب صفحاته كونه قلّاباً. أما المحتوى فتضمن العديد من الأبواب التي تشعر القارئ الباحث عن وظيفة بأن المؤلف حريص بشكل كبير على أن يحصل على الوظيفة التي يحلم بها، وهو ما يفسر اختياره لصيغة المخاطب في كل صفحات الكتاب، فهو يتحدث إلى القارئ بشكل مباشر حتى ليشعره بأن محدثه هو والده الذي يعيش حالة قلق كيما يحصل ابنه على الوظيفة التي تسعده، لهذا يلاحظ القارئ تكرار بعض العبارات و»أبويتها» خصوصاً تلك التي جاءت في صورة نصائح، فالمؤلف يريد أن يوصل الإحساس بأهمية حصول الباحث عن الوظيفة على الوظيفة التي يحلم بها وتناسبه ليتمكن من إيجاد نفسه من خلالها ويضمن راتباً مجزياً يعينه على العيش في المستوى الذي يطمح إليه ويكون بها قادراً على خدمة الوطن.
في هذا الكتاب يكتشف القارئ أمرين مهمين، الأول هو أنه كان يعرف جانباً غير قليل من المعلومات التي تحملها الصفحات وأن جهد المؤلف هو في جمع تلك المعلومات ووضعها بين دفتي كتاب بعد صياغتها بأسلوب سهل ومناسب لجميع المستويات، والثاني هو أن المؤلف يبدو خلال كل صفحات الكتاب وكأنه يمسك بيد القارئ، الحريص على الارتقاء به، ويدله على الخطوات التي تضمن نجاحه خطوة خطوة. وهنا في اعتقادي تكمن صعوبة كتابة مثل هذا البحث الجميل والعملي.نحو مئتي صفحة من القطع الكبير هي قوام كتاب «ما لم تتعلمه في الجامعة» والذي يتحدى عنوانه خريجي الجامعات والجامعات أيضاً، وبالفعل فإن جل أو ربما حتى كل ما ورد فيه سيؤدي بالقارئ إلى تبين هذه الحقيقة، وسيتأكد أنه إنما عاش بقراءته له درساً عملياً، لم يتعلمه في الجامعة، يمكن أن يقوده إلى النجاح والظفر بالوظيفة التي ظل يحلم بها.
من الفصول المهمة جداً في هذا الكتاب ذلك الفصل الذي يعلّم القارئ الباحث عن الوظيفة كيفية كتابة سيرته الذاتية بطريقة من شأنها أن تلفت نظر وانتباه المؤسسة التي يرغب في العمل لديها وخصوصاً الفريق المعني بالموارد البشرية فيها عند تقديم نفسه له، وكذلك الفصل الخاص بالتحضير للمقابلة الشخصية إذ يزود المؤلف القارئ بالكثير من المعلومات التي يمكن أن تساعده على الاستعداد لها واجتيازها بنجاح بما في ذلك الأسئلة التي يمكن أن تسأل فيها، وأيضاً الفصل الخاص بمهارات البحث عن الوظيفة والذي يتضمن الطرق التي تسهل الظفر بها.
ليس هذا ترويجاً للكتاب وإن كان يستحق ذلك، ولكنه مثال على تطور حركة التأليف في السلطنة وخصوصاً المنضوين تحت لوائها من الشباب الذين وإن لم يقللوا من قيمة وأهمية الكتب التقليدية وما تحتويه من معرفة ونظريات وحكم إلا أنهم قادرون على التقاط ما يحتاجه المواطن العُماني والخليجي اليوم من معارف وتجارب وخبرات تعينه على الارتقاء بحياته وبوطنه. وهذا بالطبع يستوجب أيضاً توفر هيئة متخصصة تكون مهمتها إجازة المؤلفات قبل الإذن بطباعتها، إذ إن الإجازة ينبغي ألا تقتصر على ما هو وارد في قوانين المطبوعات والنشر فقط وإنما أن تجتاز كل هذا إلى محاكمة المحتوى والتأكد من مدى إسهامه في الارتقاء بفكر وعقل ومعيشة المواطن وبالوطن خصوصاً في هذه المرحلة المليئة بالتغيّرات والتحولات المفاجئة والصعبة والتي تتطلب أن يكون الجميع في مستوى مواجهتها وتحديها.
كاتب بحريني