ناصر العموري
مناشدة وصلت لعمود نبض قلم خرجت من صميم قلب مواطن غيور على تراب هذا الوطن وخصوصاً على المكان الذي نشأ وترعرع فيه منطقة (مطرح) الشهيرة التي يعرفها القاصي والداني، مناشدة كلماتها خرجت ومعها آهات وآهات... أترككم مع المناشدة كما وصلت من المصدر بكل أمانة ومصداقية:
«من منا في عمان لا يعرف مطرح؟! فمن أراد أن يلامس عبق الماضي وروائح التاريخ فليقصد مطرح التي ما زالت تحتفظ ولو بالقليل من مكوناتها التاريخية، والمعلم الشاهد على تاريخ مطرح ما زال صامداً يضم في ذاكرته ذكريات الماضي (قلعة مطرح) التاريخية وهناك الكثير من الشواهد الحية التي نُسيت وأُهملت!
مطرح يا إخواني أصبحت (النقطة العمياء) التي صار الكلام عنها يوزن بميزان ثقيل جداً، والتوصيات حولها أصبحت تبحث عن أوراق مسطرة وملفات ملونة ولكن للأسف فارغة من مضمونها.. أما القرارات فتحتاج إلى زمن آخر غير الذي نعيش فيه حتى تنفذ!
مطرح اليوم تتألم أكثر من أي وقت مضى مما آلت إليه وكيف أصبحت وصارت تتنهد بأصوات أناس قد رحلوا عنها مجبرين وتركوها لمن لا يعرف مقدارها وقدرها وعششت فيها قطعان من الوافدين صاروا يدمرونها ويدمرون ما تبقى منها وأصبح لا يهمهم سوى منزل يؤويهم حتى وإن كان متهالكاً، ناهيك عن قذارتهم ومشاكلهم التي باتت تطفو على السطح بلا حسيب ولا رقيب والكثير من الأمور التي أصبحت تؤرق القلة المتبقية من سكان مطرح.
نتكلم عن مطرح بحاراتها القديمة وأزقتها الضيقة التي أُهملت وإن كانت الخدمات المقدمة لا ترقى إلى مكانة منطقة مثل مطرح ومنها على سبيل الذكر لا الحصر بنية أساسية ضعيفة جداً، مستوى متدنٍ في تقديم الخدمات، وتأخير غير مبرر للطلبات، فربما تحتاج تلك الطلبات إلى أجيال أخرى كي ترى النور! وعندما أتكلم هنا عن النقطة العمياء فإني أقصد مطرح الأم مطرح القديمة العتيقة.
صارت كل الخدمات التي تقدم الآن لمصلحة الوافد وللأسف الشديد هناك من يقف بصفهم ويحامي عنهم لأهواء وأغراض شخصية ربما! إلى أن وصل الأمر بهم في بعض الأحيان عند حصول أية إشكالية ولو بسيطة في بعض الحارات تراهم يزمجرون وترتفع أصواتهم ويتصرفون كأنهم هم أهل المنطقة الأصليون، كيف لا؟! وهم قد أصبحوا الأغلبية وحقوقهم محفوظة بل أصبح لهم الحق في إبداء رأيهم أكثر من أهل المنطقة نفسها!
مطرح النقطة العمياء التي لا يراها الكثير بعيون سياحية رغم موقعها الاستراتيجي وإنما في نظرهم هي منطقة عادية معروفة بسوقها الشهير فقط! هُضم حقها من الكثير من المعطيات ومن أهمها ميناء السلطان قابوس السياحي الذي حول من تجاري إلى سياحي وماذا عن مشروع الواجهة السياحية والمباني الأثرية المقابلة للميناء التي كثر الحديث عنها؟ فهناك الكثير من التساؤلات حولها ومدى الاستفادة منها من قبل سكان المنطقة، وإلى الآن لا توجد إستراتيجية واضحة وتطويرها يعدُّ «محلك سر»!
هناك الكم الكثير والكثير من العناصر التي تتوافر لاستثمار ولاية مطرح لتكون قبلة سياحية أخَّاذة؛ فهي تجمع بين الماضي والحاضر وبين الأصالة والمعاصرة؛ فلماذا لا يكون هناك اهتمام أفضل؟! وخصوصاً قلب مطرح النابض الذي نتحدث عنه ولا ننسى بقية الولاية، فهناك أيضاً الحارات القديمة التي تناشد وتطالب بالتحديث وإن كان هناك ثمة تحديث فهو يسير بوتيرة بطيئة للغاية.
مطرح بحاراتها القديمة بأزقتها وحواريها وشواطئها الجميلة بأسماء القلاع والأبراج والوديان والأفلاج بمن سطروا أسماءهم من علماء عمان الذين عاشوا فيها وكتبوا عنها وكانت لهم مؤلفات أخرجوها وهم في مطرح.. مطرح تنادي وتنشد الاهتمام قبل الاندثار فهل من مجيب يسمع أم «لقد أسمعت لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي».
هي رسالة واضحة ومباشرة للجهات المعنية دون تحديد لمن يهمه حال مطرح الآن وكيف انتهى بها الحال دون تجديد ولا تطوير ولا حتى تحديث، وإن كان هناك ثمة ما يسمى تحديثاً فهو باعتقادي ذر الرماد في العيون ليس إلا!... الوضع بحاجة إلى أفعال وليس أقوالاً عبر الصحف ووسائل الإعلام، وكما يقولون «الأفعال أبلغ من الأقوال فهل سنراها قريباً».