بدء موسم تفتح الورد في الجبل الأخضر صبيح الزكواني.. ارتباط بحرفة تقطير الورد لـ 49 عاماً

مزاج الاثنين ٠٣/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
بدء موسم تفتح الورد في الجبل الأخضر

صبيح الزكواني.. ارتباط بحرفة تقطير الورد لـ 49 عاماً

الجبل الأخضر - أسد بن حارث الزكواني

مع نهاية شهر مارس من كل عام تزهو مدرجات الجبل الأخضر بجمال الورد الجبلي وتفوح رائحته بين أزقة البيوت، متركزة في قرى «القشع والعين والشريجة وسيق وحيل اليمن» ويبلغ عدد أشجار الورد التي يتم استخلاص ماء الورد الجبلي منها حوالي 6000 شجرة بمساحة إجمالية تصل إلى 8 أفدنة.

صبيح بن السبع الزكواني الذي يبلغ اليوم 61 عاماً من العمر، ارتبط بهذه الحرفة سنين طويلة، وفي حديثه مع «الشبيبة» استعاد ذكريات عمله على استخلاص ماء الورد الجبلي منذ أن كان طفلاً في الـ 12 عاماً وإلى اليوم وهو يحيي حرفة الآباء والأجداد.
يعيش العم صبيح في قرية القشع في الجبل الأخضر والتي تمتاز بكثرة الورد الجبلي وثمار الرمان والعنب والخوخ والمشمش.
وعن بدايات مزاولته للحرفة يقول: بدأت وأنا بعمر 12 عاماً استخلاص ماء الورد، وتعلمتها من الآباء والأجداد حتى أتقنتها تماماً وصرت أعتمد على نفسي وما زلت أزاولها إلى اليوم لكي أعلمها لأحفادي لتبقى جيلاً بعد جيل.

مراحل إنتاج ماء الورد الجبلي

يبدأ موسم الورد أواخر شهر مارس ليصل إلى ذروته في شهر أبريل وينتهي في بدايات شهر مايو من كل عام، يقول صبيح الزكواني: تمر عملية إنتاج ماء الورد الجبلي بمراحل عدة بداية في شهر يناير بعملية تقليم أشجار الورد وحراثة الأرض وتسميدها وريها بشكل جيد بانتظار موسم تفتح الزهور وتجهيز المصنع «الدهجان» الذي هو عبارة عن مبنى من الطين والحجارة والأواني الفخارية «البرمة» الموضوعة عليه، ومع بداية تزهير أشجار الورد أحرص على زيادة في كمية الورد في استئجار «استطناء» عدد من الأشجار من أصحاب المزارع ممن لا تتوفر لهم الظروف المناسبة للقيام بعملية العصير.

ومع بدء تزهير الورد أتجه أنا وأسرتي لقطف الورد في الصباح الباكر غالباً وأحياناً في المساء بسبب وجود أكثر من بستان في مختلف المواقع، وتتساعد الأسرة كلها في عملية قطف الورد من البستان طوال فترة موسم الورد وبعد الانتهاء من قطف الورد تتم عملية تقطيره في المصنع الخاص «الدهجان» حيث يتم إيقاد النار بداخله وذلك باستخدام الخشب ومن خلال عملية تبخر الورد يصطدم بقرص آخر في الأعلى وتستمر هذه العملية حوالي أربع ساعات حتى تنتهي، وأقوم بذلك طوال فترة موسم العصير بحسب كمية الورد المتوفرة، ويجمع الناتج من ماء الورد ويترك لمدة تتراوح من شهر إلى أربعين يوماً حتى تترسب الشوائب وبعدها تخزن في وعاء من الفخار «الخرس» ويظل فيه لمدة ثلاثة أشهر ويكون ماء الورد في النهاية ذا لون أحمر زكي الرائحة ثم يعبأ المنتج في عبوات زجاجية بمختلف الأحجام حسب الطلب، وهكذا تفوح رائحة الورد بين أزقة البيوت في القرية حتى ينتهي موسم الورد.

تقطير ماء الورد بالأساليب الحديثة:

يرى العم صبيح الزكواني بأن تقطير ماء الورد بالأساليب الحديثة له طابع مختلف عبر أجهزة التقطير الحديثة حيث تتم إضافة الأزهار مع الماء داخل الجهاز وتبقى لمدة ساعتين في الجهاز مع وجود مصدر حراري وبعدها يجمع المنتج في نهاية المرحلة ويكون منتجاً شفافاً ليس له لون ورائحة نفس رائحة الورد، وهكذا تكون الطريقة سهلة بكثير بأن لها توقيت آلي بدون تكلفة على جهد الإنسان.

استخدامات ماء الورد الجبلي

يدخل ماء الورد ضمن النكهات التي تضاف إلى بعض المواد الغذائية مثل القهوة والحلوى العمانية وبعض المعجنات وغيرها، وفي القدم أيضا كان يستخدم كمادة عطرية طاردة للروائح من الجسم، كما يستخدم في التخفيف من بعض الأعراض التي يتعرض لها جسم الإنسان مثل الإغماء وغيرها، ومن العادات أن يستخدم كعطر فواح يكرم به الضيوف من خلال رشهم به في المناسبات المختلفة مثل الأفراح والأعراس.

سر الجودة في ماء الورد الجبلي

تعد صناعة ماء الورد حرفة تقليدية عرفها أهالي الجبل الأخضر منذ مئات السنين، حيث بات يعرف ماء ورد الجبل الأخضر بجودته ودقة تصنيعه نظراً إلى اتباع الأسلوب التقليدي الذي يعتبره مزاولو هذه المهنة السر وراء الجودة والانتشار الكبير له في دول الجوار.
ويتوجه صبيح بن السبع الزكواني بنصيحة لأبناء جيل المستقبل ويقول: أنصح بالاهتمام في كل حرفة جاء بها الآباء والأجداد لأنها حرفة لا يعيدها الزمن، ويجب مزاولتها لجيل بعد جيل لتكون رمزاً يفتخر به على مر العصور والأزمان، وذلك انطلاقا من حرص جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم «حفظه الله» بأنه يجب علينا أن نحافظ على كل حرفة وأن تبقى وتمارس بشكلها ومضمونها الحقيقي لتكون منبعاً عمانياً أصيلاً.