لا يهمّ الإنسان السوري المحاصر برصاص قتلة الداخل والخارج انتظار بضعة أسابيع على أمل جولة أخرى من جنيف آخر، يحمل رقما جديدا أو يكرر رقمه السابق..
المتفاوضون من النظام لا يعرفون ما معنى أن يموت طفل سوري جوعا، والمتفاوضون من المعارضة لا يلسع ظهورهم البرد الذي يعانيه ربع سكان سوريا وهم يتوزعون على خيام زرعها جيران، ولأسباب شتى، لا يكون الإنساني أولها..
فليقف الموت على أطراف حلب.. المقاتلات الروسية لم تنته بعد من قتل ما يروي شغف ساكن الكرملين من الدم العربي المسلم، ماذا يضيره لو قتل المزيد، لو ألقى الحمولة تلو الحمولة من قنابل تحرق الأرض بمن عليها، النظام (المحلي) سيصفق له، والنظام (العالمي) سيغمض عينيه..
سقطت حلب في يد المعارضة..
ربما ستسقط قريبا في يد النظام..
وربما سيسقطها القتلة الروس من حسابات التاريخ حيث ما تبقى منها يحتاج إلى تاريخ آخر كي تستيقظ مدينة صلاح الدين من ركام الموت وغبار القتلة..
القتلة من كل حدب وصوب اجتمعوا في حاضرة الخلافة الأموية، استوى ملعبا لهم، سفاحون محليون، آخرون يأتون من دول الجوار، يقتل المواطن السوري ويشرد ممن يريدون حماية النظام من السقوط، وبذلك تسقط حساباتهم التي يدافعون من أجلها، لا من أجل "آل الأسد".. وممن يريدون إسقاط النظام، حتى تتشكل سوريا وفق حساباتهم، فلا يهم كم عدد القتلى في قائمة مراكز رصد الأموات طالما أن الميّت لا يعنيهم، وطالما أن الدمار ليس في بلادهم، وأن القتلى يتكاثرون بمنأى عن مقابرهم..
لا بأس أيها الموت، تمهل قليلا.. ريثما يعيد القاتل وضع المزيد من الرصاص في مخبئه، ويحمّل طائراته العابرة للحدود ما يمكنها أن تحمله من ذخائر..
ويا أيها الجوع تريث أكثر.. القاتل يحاصر المقتول كي لا يحتاج إلى رصاصته، وحده الجوع يمكنه أن يميت دون حاجة للرصاص..
ويا أيها القاتل.. لا تنسحب من أرض المعركة.. ماذا ستفعل في بلادك إن عدت؟ إن كنت تقتل من أجل النظام ستجد الشعارات بين يديك جاهزة، إذاعة دمشق كإذاعة طهران، وتلفزيون دمشق كتلفزيون حزب الله.. من يقول لا فهو إرهابي يستحق الحرق.. قالها مواطن أو قالتها مدينة، من حق الدم السوري أن تجرّب فيه قدراتك القتالية، لا يفترض بك أن تترك الميدان أمام الإرهابيين الذين سيجتثونك، من لا يقتل سيقتل.. ومن لا يحرق سيحترق..
أما إن كنت تحارب لإسقاط النظام فحتما ستجد من الأسباب ما تعرفها وما لا تعرفها، أحرقت سفنك وراءك ولا مناص سوى السير نحو القصر الرئاسي، ثأرك الأول هناك، وعليك أن تستقطب المزيد من القتلة الآن، لتفني النصف الآخر من أرض تشتعل النيران فيها كل يوم..
وأنت أيها الوطن السوري الجميل.. يا من كنت جميلا، تدفع ثمن لعنة التاريخ وصراع الأقوياء، وحيثما لا يبدو للقتل خاتمة، ولا للدمار.. نهاية.