فريد أحمد حسن
القصة الرئيسة التي شغلت العالم الأسبوع الفائت ملخصها هو «الإجماع على تقدير عميق لمواقف صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والثقة المطلقة في قدرات جلالته الفائقة كداعية للسلام العالمي» وأن «السلطنة تتمكن دائما من النجاح في جمع الفرقاء على كلمة سواء وعلى مائدة مفاوضات، أيا كانت حدة خلافاتهم». أما المناسبة فكانت الزيارة التي قام بها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى مسقط وما قاله في هذا الخصوص وأنصف، حيث «أعرب عن شكره للسلطنة على دورها الرئيسي في بناء الجسور من أجل السلام». هذا يعني أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والجهات ذات العلاقة ترصد كل جهد تقوم به السلطنة وتوثقه ليكون شاهدا على عصر قل فيه الحكماء.
مون الذي ألقى خطابا أمام كلية الدفاع الوطني أشاد بدور السلطنة في منع نشوب الحروب وإنهائها ونبه إلى أن السلطنة تعمل بهدوء من أجل الصالح العام.
هذه كلمة حق قالها الرجل الأول في أكبر منظمة عالمية والذي حرص على تقديم السلطنة كمثال عملي على الدور الذي يفترض أن تقوم به الدول كافة «لإرساء السلام العالمي والتقريب بين الشعوب وتيسير الحوار بين الأطراف المتنازعة»، معبرا بذلك عن التقدير العالمي للجهود السامية للسلطان قابوس بن سعيد في هذا الشأن «والتي تؤكد الحرص على اتخاذ الحوار سبيلاً لحل النزاعات والصراعات بين الدول بما يجنب البشرية ويلات الحروب ونشوب النزاعات المسلحة».
أمين عام الأمم المتحدة قدم شكره الجزيل لصاحب الجلالة وللسلطنة على استضافة المحادثات بين إيران ومجموعة (5+1) ولدورها البارز في حل الملف النووي الإيراني، وكذلك في عمليات الإفراج عن الرهائن في عدد من الدول، ووصف مواقف ورؤية السلطنة تجاه مجمل القضايا بأنها «ذات قراءات متأنية لمسبباتها وأبعادها وتأثيراتها، والتوصل إلى الحلول الناجعة في التعامل معها».
ما قاله بان كي مون خلال زيارته للسلطنة عن السلطنة وقائدها ليس جديدا ولكنه مهم من حيث أنه شهادة دولية وتقدير واعتراف بدور السلطنة وحكمة جلالة السلطان ونظرته الثاقبة وصدق نواياه. هذا أيضا ما ذكرته صحف عالمية عديدة اهتمت بإبراز دور السلطنة في تفعيل «دبلوماسية القوة الناعمة» ومبادراتها الإيجابية الناجحة والداعمة للسلام وتمكنها من وضع آليات عملية لحل الخلافات بين أطراف الأزمات الدولية.
الأسبوع الفائت وقبله نشرت صحف العالم الكثير من المقالات والتقارير التي أشادت فيها بمواقف السلطنة ونجاح السياسة التي انتهجها صاحب الجلالة ورسخها ووفر بها مثالا يحتذى خصوصا في جانبها المتمثل في حل الخلافات بين أطراف الأزمات الإقليمية والدولية، كما اهتمت باستذكار دور السلطنة الحيوي في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران وواشنطن والعواصم الأوربية، واهتم المحللون السياسيون بالإشادة بمواصلة السلطنة دورها الذي يستهدف دعم الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي من خلال تفعيل أداة دبلوماسية القوة الناعمة ووفروا العديد من الأمثلة والتي منها نجاحها في إنجاز اتفاقات بين أمريكا وبريطانيا وإيران لتبادل إطلاق سراح محتجزين من رعايا الدول الثلاث.
العديد من الصحفيين استذكروا في هذه المناسبة القول السامي لصاحب الجلالة السلطان المعظم والذي لخص دور السلطنة في السلام والاستقرار والعمل بهدوء وحكمة في عالم يموج بالصراعات والأحداث المتلاحقة حيث قال جلالته في إحدى المناسبات «ليس لدينا أي خلافات، وأيضا نحن لا نصب الزيت على النار في أي اختلاف في وجهات النظر مع أحد» وهو ما يعني ويؤكد أن العلاقات العُمانية الخارجية تقوم على قيم التواصل الحضاري والحوار والاحترام والتعاون الإيجابي، وهو ما يوفر لها هامشا مناسبا للتحرك بحرية.
إحدى الصحف العربية التي تناولت هذا الموضوع بإسهاب كتبت تعليقا على هذه العبارة المهمة «تمثل هذه الكلمات عناصر مرتكزات رؤية بعيدة المدى تطرح أنجع الأساليب في التعامل مع الأزمات والخلافات الدولية المعقدة والمحتدمة التي تحتاج حكمة بالغة في إدارتها، ليس من أجل حلها فحسب، وإنما لتجاوز انعكاساتها ومردوداتها السلبية مستقبلا».
اليوم وبعد شهادة الأمين العام للأمم المتحدة وحرصه على الإشادة بدور السلطنة وقائدها تأكد أن هناك إجماعا على أن السلطنة «مركز رئيس لمشاورات ومباحثات مهمة على كافة المستويات» وأنها حريصة دائما على الانفتاح على حضارات العالم وقادرة على التواصل مع مختلف البلدان والتحاور معها بلغة العصر، وأنها على أهبة الاستعداد للقيام بمبادرات من أجل حل المنازعات الإقليمية والدولية لاسيما التي تهدد مصائر الشعوب.
هذه النجاحات التي حققتها السلطنة في هذا الحقل الصعب، وهذه الإشادة المهمة من قبل أمين عام الأمم المتحدة بالدور العماني في إرساء السلام العالمي، وهذه الإشادات من كل دول العالم وكل العاقلين بهذا الدور من شأنها أن تزيد من مسؤولية السلطنة، كما أنها بمثابة إعلان عن إسناد العالم هذا الملف إليها. هذا أمر جميل ويدعو للفخر خصوصا لأبناء مجلس التعاون الخليجي، لكن من المهم أيضا أن يعلم الجميع أن السلطنة لا يمكنها تحقيق النجاح في أي بلد يحتاج حكمتها وخبرتها من دون تعاون الجميع معها ومن دون تهيئة الظروف المناسبة والمعينة على النجاح.
ثقة العالم في قدرات السلطنة وفي قائدها يدفع نحو الاعتقاد بأنه لن يمر وقت طويل حتى يتناقل الناس أخبار التوصل إلى حلول ترضي مختلف الأطراف ذات العلاقة في مختلف البلدان التي تسعى السلطنة إلى إغلاق أبواب الشر التي انفتحت فيها.
كاتب بحريني