الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص
الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

تقتضي المصلحة العامة أن تكون هناك شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص القادر على الإسهام الفاعل في إدارة دفة الاستثمارات في المرحلة المقبلة، والذي لديه من القدرات المالية ما يمكنه من تدويرها في بلاده.

وإشراك القطاع الخاص يفضي بالطبع للاطلاع على وجهات نظر رجال الأعمال وطلباتهم وإيجاد الحلول لما يطرحونه من معوقات، لكي لا يبقى انعدام الشراكة حجة لدى البعض، فدواعيه وضرورته ربما أكبر من أي وقت مضى على ضوء المستجدات الراهنة للأزمة الاقتصادية التي أفرزتها انعكاسات انخفاض أسعار النفط، وسوء الفهم السائد لدى البعض حول الكثير من الجوانب التي من الأهمية إيضاحها، وتحديد ما هو مطلوب من رجال الأعمال في المرحلة المقبلة، وبالتالي من الأهمية بمكان تعزيز هذه الشراكة على مستويات عالية ما بين الحكومة والقطاع الخاص عبر بيت التجار غرفة تجارة وصناعة عُمان.
في البداية لا بد لنا أن نعترف أن هناك هوة كبيرة بين القطاعين العام والخاص يجب ردمها من خلال فتح قنوات التواصل وإضفاء المزيد من الانسجام بين رجال الأعمال والمسؤولين بالدولة، لإضفاء المزيد من التناغم والعمل المشترك، وتذليل العقبات والصعاب أمام أي مستثمر يرغب في أن يضع أمواله على الرحب والسعة في هذه الأرض الطيبة.
فالمتتبع للساحة المحلية يلحظ بوضوح مدى التباعد إن جاز لنا التعبير بين الجهات المسؤولة والقطاع الخاص، وبخاصة في مثل هذه الظروف التي تقتضي الاقتراب والتعاون وتضافر الجهود، والعمل المشترك الذي يحتاج إلى تعزيز التواصل.
إن طبيعة المرحلة الراهنة وما يعتريها من ضبابية يحاول البعض تعميمها على المناخ العام للاستثمار في البلاد، وتلك اللقاءات المرتجاة كفيلة بتبديدها ثم هي تضع حتما الأمور في نصابها الصحيح، إذ إن ترك الأمور كفيل بزيادة الأمر عتامة وضبابية، كما أن الخطوة تقطع الطريق أمام كل من يحاول إدامة السوداوية على‏ مسار العمل في البلاد عبر الضغط على المواجع ونبش عثرات الماضي، وإذ هو لا يقنع بما تحقق ولا يشكر لقاء النعم التي أسبغها المولى عز وجل على البلاد والعباد.
فاللقاءات مع أصحاب الأعمال في القطاع الخاص من شأنها أن تبعث الطمأنينة في النفوس وتعزز الثقة المترسخة لدى رجال الأعمال وأرباب العمل وتزيل الترسبات المتراكمة بفعل ما يثار هنا وهناك حول معطيات الواقع، ومن خلال ما يبث في وسائل التواصل الاجتماعي التي أضحت تبلور واقعا سلبيا من الطبيعي أن يؤثر على الجميع بشكل أو بآخر في ظل المناخ العاصف الذي يسود الأوساط الاقتصادية ليس في السلطنة فحسب وإنما في المنطقة والعالم بأسره.
كما أن تعزيز الشراكة من شأنه إطلاع الحكومة عبر مجلس الوزراء وإطلاع أصحاب الأعمال بالتوجهات الاقتصادية القادمة، وخطط الحكومة للتعاطي مع الأزمة، كما أنه سيقلل من بعض العثرات لدى بعض الشركات في تناغمها مع القوى العاملة الوطنية للحد من هاجس الاستغناء عن القوى العاملة الوطنية وانعكاسات ذلك على خطط التعمين، فعدم وضوح الرؤية والفجوة بين القطاعين العام والخاص من الطبيعي أن يفرز مثل هذه الممارسات، إلا أن معالجتها تتم فقط عبر الاقتراب من الوسط الاقتصادي وتوضيح مسؤولياته في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تملي على الجميع تحمل مسئولياته على أكثر من صعيد.
فمثل هذه الأزمات تكشف عن معادن الرجال فعلا لا قولا، وكيفية تعاطيهم مع الأوضاع بإيجابية هو الذي يضعهم في حدقات عيون الوطن، لكن ذلك لا يتأتى إلا من خلال استماع كل طرف لوجهة نظر الآخــر، وهــذا من شــأنه تقليـص الهـوة بينهمـا وصـولا لرؤية مشتركة تنهض بكل الواجبات الوطنية.
إن لقاءات كهذه سوف تعمل على حفز أصحاب الأعمال للاستثمار في البلاد، والاســـتفادة من الفرص المتوافــرة، وتوضيح مواضع العقبات بهدف إيجاد حلول جذرية لها، ومن ثم توضــيح القيمة المضافة لأي استثمار.
بالطبع ليست هناك إشكاليات في التواصل بمعناه الدقيق، فكلا الجانبين بينهم من العلاقات ما يذيب الجليد إن وجد، فما بالنا بعوائق بسيطة، إن تنظيم مثل هذه اللقاءات وفتح حوارات من شأنه أن يبلور توجهات أكثر إيجابية ويزيل اللبس الذي يعتري أذهان البعض، ويبدد سوء الفهم لدى البعض الآخر.
نأمل أن يكون هناك حوار متواصل بين الجهات المسؤولة والقطاع الخاص في كل ما يهم المصلحة الوطنية العليا وفي ما يهم الاستثمار وقضاياه على وجه التحديد إذ البلاد في حاجة ماسة لمثل هذا التعاون البناء وصولا لواقع اقتصادي مزدهر بحول الله.