جامعة مسقط.. والتحديات

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٢٩ ص
جامعة مسقط.. والتحديات

محمد محمود عثمان

جامعة مسقط صرح تعليمي جامعي جديد في السلطنة يسابق الزمن من أجل تطوير المجتمع، وقد تابعت في مجلس "الخنجي" خطة الجامعة في الارتباط الأكاديمي والتواصل مع المؤسسات الدولية الأكاديمية من ناحية ومع القطاعين الخاص والحكومي من ناحية أخرى، والبرامج الأكاديمية والمهنية التي تطرحها وعلاقتها بالمجتمع والاحتياجات في التخصصات التي لا تتوافر في السوق المحلي، ومن الموضوعات التي تم التأكيد عليها هي مستوى الجودة التي تتطابق مع المعايير المطبقة لدى مؤسسات التعليم العالي العالمية المرموقة، والسعي لبناء شراكة قوية مع مجلس البحث العلمي ومركز الابتكار الصناعي و المؤسسات المعنية بالبحث والابتكار والتطوير في السلطنة،
وفي ذات الوقت العمل على استقطاب أفضل الكوادر الأكاديمية عالميا للجامعة في إطار الجودة العالمية والالتزام ببناء كوادر وقدرات وطنية في مجال التعليم العالي، والجيد في الأمر هو سعي جامعة مسقط لأن تكون مؤسسة تعليمية أكاديمية تعمل وفق معايير الجودة المطبقة لدى مؤسسات التعليم العالي العالمية، وذلك من خلال الاستفادة من الدروس المستقاة من التجربة العُمانية في هذا المجال، ومن خلاصة تجارب المؤسسات المماثلة الناجحة على المستوى الإقليمي والدولي، وكذلك التأكيد على أن توفر كليات الجامعة فرصاً عديدة للتعاون والعمل المشترك سواءً بين الأساتذة في مختلف الكليات أو بين الطلاب، وبما في ذلك من انعكاس إيجابي على جامعة مسقط كمؤسسة ناشئة تبدأ نشاطها بشكل مركز وتتوسع بشكل تدريجي، حتى يمكن أن يستفيد الطلاب من فرص التعاون بين الكليات في الدراسة والبحوث العلمية، مع اكتساب المعارف والمهارات المرتبطة بمجال الدراسة، من خلال الشراكة الفعلية مع مجلس البحث العلمي ومركز الابتكار الصناعي وكل المؤسسات المعنية بالبحث والابتكار والتطوير في السلطنة، وبذلك يمكن أن نضمن تكامل الأنشطة البحثية التي ستنفذها جامعة مسقط مع الأنشطة البحثية التي تنفذها تلك المؤسسات، بما يسهم بفاعلية في مشروعات التنمية المستدامة التي تستهدفها السلطنة في السنوات المقبلة.
ولا شك أن جامعة مسقط بذلك يمكن أن تكون القدوة أمام الآخرين وأن تحمل مشعل التنوير والتميّز في الابتكار والريادة سواءً على المستوى المحلي أم الإقليمي، وذلك في المجالات الأكاديمية التي ستركز عليها الجامعة حيث تهدف إلى تقديم ممارسات تدريسية وعملية ذات جودة عالية مدعومة بحركة بحثية جادة وذات صلة وثيقة بالأولويات الاجتماعية والاقتصادية للسلطنة وللمنطقة المحيطة بها، من خلال دراسة واقع أسواق العمل المحلية والإقليمية والدولية لمراعاة تطلعات واحتياجات الطلاب ومؤسسات التوظيف والقطاع الخاص، ومن ثم توفير البديل الجيد للطلاب من المواطنين والوافدين بدلا من الدراسة في الخارج وتبعاتها، وحتى لا يضطرون للسفر خارج السلطنة للحصول على فرص تعليمية متميزة تعدهم وتمدهم بالمهارات والتكنولوجيا الحديثة المتطورة التي يتطلبها سوق العمل وفق معطيات العصر، التي تتطلبها بيئات العمل العالمية،
ولا شك أن ذلك يتحقق من خلال المشاركة الفاعلة في بيئات الأعمال والصناعة خارج الجامعة بما يعود بالنفع لكافة الأطراف المساهمة في هذه الشراكة المتمثلة في - الجامعة والطلاب وسوق العمل- خاصة أن متطلبات سوق العمل من المتغيرات المرتبطة بالمستجدات التقنية والاقتصادية الآنية والمتجددة، خاصة في قطاعات الهندسة والتكنولوجيا، وإن استيعاب ذلك سيمنحهم الأفضلية في سوق العمل وسيفيدهم في التكيّف بشكل سريع وبنجاح مع مسارات عمل جديدة خلال مسيرتهم المهنية، مع القدرة على مواجهة تحديات المنافسة مع الأيدي العاملة الأجنبية، ولا سيما أن الجامعة تخطط إلى توفير برامج دراسية في مجال الهندسة تتضمن أنشطة إلحاق الطلاب ببعض قطاعات العمل خلال الدراسة لاكتساب الخبرة العملية والميدانية، إلا أن التحدي القائم يتمثل في أن الجامعة عليها أن تمد المجتمع وقطاعات العمل المختلفة بمهارات متقدمة ومتطورة بخلاف المهارات المتواجدة في السوق، والتي تعودت عليها القطاعات الإنتاجية، وعلى ذلك فإن اقتصار عمليات التدريب على المهارات داخل الشركات القائمة، قد لا يكون مفيدا، أو لم يقدم إضافات جديدة لمستويات المهارات القائمة، ومن ثم قد تكون المهارات التي يتدرب عليها الدارسون لا تتواكب مع التطورات الحديثة، بل قد تتخلف عنها، وتقود المجتمع إلى الخلف،لأن بعضها قد لا تتطابق مع مستوى المهارات المعياري العالمي، ولا تساعد على نقل الخبرات والمهارات الأجنبية التي ساعدت على تقدم العالم، ولكن من المؤكد أن إدارة الجامعة بما لديها من خبرات قادرة على مواجهة هذه التحديات وعلى تحقيق النقلة النوعية التي ننشدها في التعليم العالي الخاص.