صناعـة المعـارض

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٦/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

يعد مركز عمان للمؤتمرات والمعارض تحفة فنية رائعة في حي العرفان يعكس التوجهات المســتقبلية لصناعة المعارض والمؤتمرات في الســـلطنة، لقد أنفقت الحكومة ما يربو على 400 مليون ريال عماني تقريبا لبناء هذا الصرح، إلا أن إدارة المعارض المحلية يكتنفها العديد من الإشكاليات المتعلقة بإدارة هذا المرفق وبما يتواكب مع متطلبات الاقتصــاد الوطني والاســـتفادة من هذا المرفق الكبير على نحو مثالي وما يلي ذلك من تعزيز القيمة المضافة منه من خلال زيادة عــدد المعارض وتفعيل دورها في إثراء الســـوق المحلي، ونقل التكنولوجيا، وســياحــة المؤتمرات.

فأسعار العرض والخدمات تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه سابقا، ما يصعّب على العارضين المحليين وحتى الدوليين المشاركة في المعارض العمانية، وذلك من شأنه إضعاف المشاركات المحلية والخارجية الأمر الذي يتوجب معه إعادة النظر من أجل إدارة هذا المرفق من جانب الإدارات المحلية بدلا من إعطائه لشركات أجنبية خاصة في ظل توافر خبرات كافية في السوق المحلي.
الكل يتفق على حقيقة الإضافة الكبيرة التي أحدثها مرفق مركز عمان للمؤتمرات والمعارض والآمال المستقبلية التي يتطلع أن يضيفها المركز لصناعة المؤتمرات في السلطنة، كأحد ركائز اقتصادنا، وبخاصة فيما يتعلق بصناعة سياحة المؤتمرات والمعارض، إلا أن هذا التوجه لن يكتمل إلا من خلال تعظيم الإدارة المثلى التي تستفيد من إمكانيات هذا الصرح الاقتصادي الكبير، واستثمار العائد من الاستثمار عليه، وإثراء القطاعات الاقتصادية الأخرى ذات العلاقة، ولعل أهمها إضفاء فكر تسويقي جديد ومبتكر لهذا المرفق يعزز من دوره ويعكس ما يتطلبه السوق من منصات عرض تتفهم متطلباته ودواعيه في ضوء الواقع الاقتصادي الجديد والملبي لحجم السوق.
الغرض من هذه المعارض كما هو معروف هو تسليط الضوء على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية والعمل على إبرازها والتعريف بها، وهذا ما لم تتفهمه الإدارة الأجنبية للمركز، من خلال زيادة أسعار العرض إلى الحد الذي لا يستطيع أن يتحمله المشارك المحلي وحتى الدولي، مقارنة بالعائد من المشاركات أصلا.
فالإدارة الأجنبية الجديدة ومنذ التعاقد معها لم تتمكن من استقطاب فعاليات عالمية جديدة تحدث فارقا في صناعة المعارض كما هو واقع في العديد من الدول، ما يطرح علامات استفهام حول جدوى التعاقد مع شركات أجنبية في ظل وجود إدارات محلية سابقة أسهمت في إدارة المعارض في الفترة الفائتة بكفاءة عالية وفي ظل إمكانيات بسيطة ومحدودة وتحت وظروف أقل ما يقال عنها إنها صعبة، إلا أنها نجحت في وضع أساس راسخ لصناعة المعارض في السلطنة واحتضنت بموجب ذلك كل الفعاليات الوطنية والدولية، فهل اعتبر نجاحهم إخفاقا تم بموجبه استبعادهم من إدارة المركز الجديد؟! وما تبع ذلك من تجاهل دورهم الحيوي الذي لعبوه في السنوات الفائتة.
كل الذي فعلته الشركة التي مر على التعاقد معها 4 سنوات هو نقل المعارض من الموقع السابق إلى المركز الجديد بدون أي تجديد أو زيادة في عدد العارضين، فبعض المعارض تبدو خاوية، إذا تم استثناء معرض مسقط للكتاب الذي يدار من قبل جهات حكومية.
فالمعارض التي أقيمت في الفترة الفائتة لم تشهد الإقبال المتوقع من العارضين، نتيجة زيادة الأســـعار، وركود الســـوق تحت ظلال الأزمـــة الاقتصادية وما خلفـته من آثار يجـــب أن تؤخذ في الاعتبار.
فالقياس لا يحسب بحجم المكاسب النقدية من العرض بقدر ما يحسب بالقيمة المضافة للاقتصاد الوطني وتسخير المركز لإقامة معارض ذات قيمة مضافة.
بالطبع لا أحد ينكر النقلة الكبيرة في المرفق الجديد الحديث والمزود بكل التسهيلات ومواقف السيارات وغيرها من المزايا التي أتاحها المركز، إلا أن ما نتطلع إليه هو إنجاح هذا المرفق من خلال إدارة فاعلة تراعي كل المتغيرات الاقتصادية، بل تدرك القيمة المضافة للمعارض في إثراء السوق‏، ونقل المعرفة وتوفير الأرضية لإيجاد شراكات اقتصادية بين الشركات المحلية ونظيراتها الأجنبية.
نأمل النهوض بالمركــز من خلال إتاحة المجال للإدارات الوطنية لإدارة دفة هذا المرفق الكبير، لما تملكه من خبرات ومعرفة واسعة بمتطلبات الاقتصاد الوطني.