النقيب طبيب جمال الحبسي: الطبيب الشرعي طبيب ومحقق في الوقت نفسه

بلادنا الخميس ١٦/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
النقيب طبيب جمال الحبسي:
الطبيب الشرعي طبيب ومحقق في الوقت نفسه

حاوره الملازم أول: ثريا بنت أحمد الكلبانية

الطب الشرعي هو مصطلح يتكون من شقين هما: طب وشرع، أما الطب فهو العلم الذي يهتم بكل ما له علاقة بجسم الإنسان حياً كان أو ميتاً، وأما الشرع فيقصد به القانون. والطب الشرعي هو تخصص يوظف العلوم الطبية في خدمة العدالة وتطبيق القانون، وهو أحد فروع الطب التي تُدرَّس لطلاب كليات الطب. وتطلق عليه عدة تسميات في اللغة العربية كالطب القضائي والطب الجنائي والطب العدلي.

ويعمل الطب الشرعي في السلطنة تحت مظلة الإدارة العامة للخدمات الطبية بشرطة عمان السلطانية، ويتلقى أوامر العمل في القضايا المختلفة من الادعاء العام والادعاء العسكري والمحاكم المختلفة.

وللاقتراب أكثر من هذا الموضوع تحدثنا إلى أخصائي الطب الشرعي بمستشفى الشرطة النقيب طبيب جمال بن بدر الحبسي، وهو طبيب شرعي حاصل على درجة الماجستير بتقدير امتياز في هذا الاختصاص، وقال: إن من أعمال الطب الشرعي إجراء معاينة مسرح الجريمة واستخراج المتوفين وفحصهم لبيان أسباب الوفاة وكيفية حدوثها، إلى جانب الكشف على المصابين في القضايا الجنائية والمدنية وقضايا الأحوال الشخصية والقضايا الجنسية وقضايا تنازع البنوة وقضايا الاستعراف. وخلاصة القول إن الطب الشرعي هو توظيف العلوم الطبية في خدمة العدالة وتطبيق القانون.
وأوضح النقيب طبيب جمال الحبسي أن العلاقة بين القانون والطب ترتكز على ما يحتاج إليه القانون من الطب وما يحتاج إليه الطب من القانون، وهذه العلاقة تتمثل في الطب الشرعي. فالطبيب الشرعي في نظر العدالة هو خبير مكلف بإعطائها رأيه حول مسائل ذات طابع طبي تخص الفرد الضحية سواء كان حياً أو ميتاً، وكذلك الفرد المتهم من ناحية نفسيته وسلامة عقله، فحكم القاضي يُبنى على أساس ما يقدمه الطبيب الشرعي من بينة أو دليل طبي. أما بالنسبة لحاجة الطب للقانون فتتمثل في حاجة مهنة الطب بشكل عام إلى القوانين والأنظمة التي تنظم عمل هذه المهنة وأخلاقياتها.
وكون أن النقيب طبيب جمال الحبسي ثاني طبيب شرعي عماني في السلطنة؛ سألناه كيف كانت بدايته في هذا المجال؟ وكيف جاءت الفكرة للولوج إليه؟
فأجاب: كنت كأي طالب أجدُّ واجتهد لألتحق بكلية الطــب لممارسة تلك المهنة الإنسانية التـــي تهـــدف إلى معالجة الناس وإنقـــاذ الأرواح. لكن أحد التخصصات في كلية الطب قد يكـــون مغايراً لهذا الهدف ويتجه نحو أهداف أخرى ليست أقل أهميـــة عن غيرها وهو تخصص الطب الشرعي الــذي جذبنـــي أثناء فترة الدراسة فهو تخصص ذو طبيعة خاصة يجمع بين مهمتي الطبيب والمحقق في الوقت نفسه.
وحول أهمية هذا التخصص أشار النقيب طبيب جمال الحبسي إلى أن الطب الشرعي يلعب دوراً مهماً في خدمة العدالة والمجتمع، ويسهم بفعالية في إزالة اللبس والغموض الذي يكتنف القضايا الجنائية ليثبت أو ينفي الادعاءات المنسوبة فيها، لذا تعد مهنة الطبيب الشرعي واحدة من أصعب المهن وأكثرها حساسية، فهي تتطلب مواصفات وسمات شخصية ونفسية خاصة، فالأطباء الشرعيون يتعاملون في غالب الأحيان مع الجثث وحالات الوفاة سواء الطبيعية أو الناتجة عن حوادث شخصية أو حتى كوارث طبيعية ما يجعل الكثير من طلبة كلية الطب يحجمون عن الالتحاق بهذا التخصص، ويفضلون التخصصات المعتادة رغم اعترافهم بمدى أهميته.
ولتميز النقيب طبيب جمال الحبسي في هذا المجال وحصوله على درجة امتياز في شهادة الاختصاص العالي في الطب الشرعي حاورناه عن سر تميزه وتفوقه في هذا المجال فقال: كلما كنت أسمع أن الطب الشرعي علم معقد وواسع ومتشعب الفروع والمجالات ازداد إصراري وتصميمي للمضي قدماً فيه، فمنذ بداية ابتعاثي لدراسة الطب الشرعي كنت شغوفاً بهذا التخصص وأطمح للعودة للوطن والعمل على تطوير الطب الشرعي لتكون سلطنة عُمان ضمن مقدمة الدول في هذا المجال. ولله الحمد نجحت وبتفوق والفضل يعود بعد الله تعالى إلى شرطة عمان السلطانية التي ساندتني وتابعت دراستي أولاً بأول.
وعن تطلعاته المستقبلية أوضح النقيب طبيب أنه يتطلع على المستوى العام أن يقدم الطب الشرعي خدماته بجودة عالية، وتسهيل البعثات والدورات التدريبية المستمرة للأطباء الشرعيين العمانيين تمهيداً لافتتاح أقسام للطب الشرعي في المحافظات البعيدة وذلك لتكوين قاعدة متينة للطب الشرعي في السلطنة.
«أما على المستوى الشخصي فإنني أتطلع لإكمال دراسة الطب الشرعي في تخصص فرعي أولاً وهو (Forensic Ballistics) المقذوفات النارية والذي يناقش الإصابات النارية على جسم الإنسان. وأتمنى أن نستضيف أول مؤتمر للطب الشرعي في السلطنة، يستقطب الأطباء الشرعيين من مختلف أنحاء العالم لتبادل الخبرات العلمية والعملية لمعرفة كل ما هو جديد في هذا المجال».
وختم النقيب طبيب جمال بن بدر الحبسي حديثه قائلاً: إن ما نلمسه اليوم من تطور كبير في تقديم الخدمات في كافة القطاعات بشرطة عمان السلطانية، ومنها التطور الملحوظ في الخدمات الصحية بالإدارة العامة للخدمات الطبية والتي من بينها الطب الشرعي الذي يقدم المساعدة الفنية للنظام القضائي والأمني من خلال تقديم الخبرة الطبية الشرعية في حالات الوفاة المشتبه بها، وحالات فحص الأحياء في الاعتداءات المتنوعة، ما هو إلا انعكاس طبيعي للجهود المبذولة من القيادة العامة للشرطة سعياً للتطوير والتحديث في شتى المجالات التي تخدم الصالح العام.