جهة واحدة لكل المناطق الحرة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
جهة واحدة لكل المناطق الحرة

علي بن راشد المطاعني

تلعب المناطق الحرة دوراً محورياً في الاقتصاد الوطني، وتعدُّ قاعدة أساسية للأنشطة التجارية على اختلاف أنواعها، إلا أن هذه المناطق ما زالت تعمل بشكل منفرد وليس هناك ما يجمع بينها، ومن غير المناسب أن تكون بهذا الوضع في دولة واحدة بخاصة فيما يتعلق بالتسويق الخارجي.

فعندما تسوِّق أو تروِّج كل منطقة عن أنشطتها ومزاياها، فمن المفترض أنها تعمل تحت مظلة واحدة وعبر رؤية واحدة غير أنها موحدة في الأهداف والغايات، عبرها نجد التكامل جلياً في توزيع المشاريع وفقاً للميزة النسبية لكل منطقة، وأن تكون الأطر والتشريعات التي تسير وتحكم العمل فيها موحدة، بيد أن ما نشهده الآن يعد اختلالاً هيكلياً واضحاً نأمل أن يحل بشكل يسهم في تفعيل العمل في هذه المناطق ويبلور الرؤى والسياسات الموحدة في الترويج.

لا أحد ينكر أهمية المناطق الحرة في اقتصاديات الدول ودورها في احتضان الاستثمارات الداخلية والخارجية، ونحمد الله على وجود ثلاث مناطق كبيرة هي منطقة صحار الحرة وصلالة والدقم.
الحكومة استثمرت بلايين الريالات في هذه البنى الأساسية لتكون جاهزة لممارسة الأنشطة الاقتصادية، وتوضيح المزايا والتسهيلات التي تسهم في تسريع وتيرة الاستثمار، إلا أن بقاء هذه المناطق منفردة وكلا على حدة في دولة لا تزيد مساحتها عن 309 آلاف كيلومتر مربع، وسكانها لا يزيدون على 4 ملايين ونصف المليون نسمة، ونشاطها الاقتصادي محدود، كل ذلك يفرض العديد من التساؤلات، فبقاؤها بهذا الشكل يشير إلى عدم وجود تكامل أو تنسيق فيما بينها في ظل هذا الانفصال والعمل الانفرادي.
اليوم وفي ظل وجود الهيئة الاقتصادية الخاصة بالدقم فإنه من الأهمية بمكان أن توسع اختصاصات هذه الهيئة لكي تشمل كل المناطق ومن ثم تعمل بشكل أفضل مما هي عليه الآن، فالتكامل بينها من شأنه أن يقلص العديد من النفقات الإدارية والمالية والتشغيلية، ويوحد الجهود المبذولة في الترويج في الخارج، ويوحد أيضاً التسهيلات والمزايا الجاذبة للاستثمار فيها، هذا فضلاً عن بلورة أطر وتشريعات موحدة تعزز من الرؤية لهذه المناطق وتفعل دورها في منظومة الاقتصاد الوطني، خاصة مع وجود هيئة لها يمكن أن تضم كل المناطق تحت مظلتها.
فالإشراف على هذه المناطق الحرة من جانب جهة واحدة من شأنه أن يقيم دورها ويعزز نشاطها ومردودها الاقتصادي ويفعل العائد منها نتيجة الاستثمار فيها، في حين نجد أن الوضع الحالي لا يتوفر فيه الإشراف والتقييم، وهذه عوامل مهمة في العمل الاقتصادي لأي وحدة كانت وعلى مستوى العالم.
بالطبع هناك جهود تبذل من قبل المناطق الحرة ومجالس إداراتها والإدارات التنفيذية، ولا نشك بتاتاً في ذلك، لكن عدم وجود جهة مشرفة عليها ومسؤولة عنها وعن تقييم دورها، وتبحث في أسباب عدم تكاملها والترويج لها بشكل موحد، كل ذلك يطرح تساؤلات ملحة تحتاج لإجابات شافية عليها.
نأمل أن توحد مثل هذه الجهود في جهة واحدة ولملمة أطراف المناطق الحرة تحت مظلة واحدة للعديد من الاعتبارات التي تفرض المزيد من التنسيق في إطار تكامل العمل المفترض وجوباً.

كانت أمريكا قبل سنوات وجهتي الأثيرة في السفر، فأصبحت مرجعاً للراغبين من الأهل والخلان بزيارتها. قبل أيام سألني شقيقي إن كنت أنصحه بأورلاندو أو بنيويورك فأجبته “أنصحك بتونس، أو أذربيجان إن كنت لا تريد دولة عربية” فتفاجأ وربما استاء.. ولكنني أرى أن كل من يخطط من الآن لإجازته يجب أن يولّي وجهه شطر دول إسلامية أو عربية ولي عذري.. فقبل أسبوعين فقط تعرض رجل من السيخ في واشنطن لإطلاق النار عند مدخل منزله من قبل شخص وجه فوهة مسدسه له وقال له “اخرج من بلدنا”!

وليست تلك هي الحادثة الأولى التي يتعرض لها أتباع الملة السيخية. فالجالية هناك تئن وتشتكي من جرائم الكراهية الموجهة -لا لهم تحديداً- بل هي جرائم موجهة للمسلمين ولكن وجود اللحية -الإلزامية عند السيخ- يجعل الالتباس والاشتباه بينهم وبين المسلمين سهلاً.

“الإسلاموفوبيا” بدأت تتغلغل في مفاصل أوروبا والولايات المتحدة ويتعملق مع كل رئيس شعبوي يعتلي السلطة. فلماذا نشد الرحال لمن لا يريدنا ويملك مواقف مسبقة منا وهناك العديد من الدول العربية والإسلامية الجميلة التي هي أولى بنا وبمالنا! فنحن ننفق في رحلاتنا أضعاف ما ننفقه في بلداننا واقتصاديات الدول العربية والإسلامية بحاجة لما نضخه فيه.. ناهيك أنهم لا “يذلوننا” لنحصل على تأشيرتهم كما تفعل تلك الدول التي، لولا مالنا والقيود الدولية والدبلوماسية، لمنعونا من دخول أراضيهم أو طردونا منها شر طردة.
وإن ما حصحص الحق فنحن لا نلومهم، فالإرهاب علامة تجارية مسجلة باسم العرب والمسلمين. وهم يسمعون عن صولاتنا وجولاتنا وممارسات أخرى يعتبرون أنها منافية للإنسانية. العام الفائت سجن خليجي مقيم في بريطانيا بتهمة الاعتداء على عرض قاصر واتهم بزنى المحارم أيضاً. لأنه تزوج من فتاة في الـ17 من عمرها من أقربائه وهو متزوج أصلاً! كان يعلم يقيناً أن تعدد الزوجات قانونياً مرفوض في ربوع أوروبا. وأن الزواج من قاصر يعدُّ اعتداء جنسياً. لكنه كالكثير من العرب يظن أنه أذكى من القانون وأعلى من النظام وقد سقط في شر أعماله وحصل على حكم كفيل بتأديبه.
عندما سلطت وسائل الإعلام البريطانية وقتها الضوء على القضية تطرقت إلى أن زواج الرجل من طفلة في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة مسموح عند المسلمين، وكان هذا كفيلاً بإثارة حنق الكثيرين، ولا ننسى أيضاً الأفعال الرعناء التي يقوم بها البعض دون مسوغ يستوعبه العقل، كمثل الشباب الذين صادوا بطة وبجعة جميلة من حديقة الهايد بارك، وهي طيور محمية في حديقة الملكة، وصوروا عمليه قتلها وسلخها وطبخها وأكلها ونشروها، وأظن أنكم شهدتم ما رافق تلك الواقعة العابرة من ضجيج لا يتناسب وحجمها الفعلي. بالمفاد، وبغض النظر عن الحق والمستحق في هذا الموضوع نقول؛ ربما حان الوقت لنعزز السياحة الداخلية والإسلامية. وليكن ما لقيصر لقيصر.. وسيدرك الغرب يوماً أن عداءه وكراهيته للعرب والمسلمين “مبالغ فيها” فعيوبنا ليست إلا صنعة مصانعهم وقادتهم يعرفون ذلك جيداً.