القاصرات والجنس

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٣/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص

مابل فان أورانجي

في مؤتمر «هي تقرر» بمدينة بروكسل، اجتمع الأسبوع الفائت وزراء الحكومة مع ممثلين من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، ومؤسسات من جميع أنحاء العالم للحديث عن القضية التي نادرا ما تناقش في مثل هذه اللقاءات الرفيعة: الجنس.

الكثير من الشباب -وخاصة الفتيات- لا يتلقون تربية جنسية واعية وعلمية، ناهيك أن ممارسة الجنس دون وقاية يمكن أن يؤدي إلى الحمل أو يعرضهن لخطر العدوى التي تنتقل بالاتصال الجنسي، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز). حتى الفتيات اللاتي لهن معلومات عن الجنس غالبا ما يفتقرن إلى المعلومات التي يحتجنها لتجنب الحمل، أو لا يستطعن شراء وسائل منع الحمل. ونتيجة لذلك، فالملايين من الفتيات في جميع أنحاء العالم مغلوب على أمرهن.

إن عدم المساواة بين الجنسين يزيد من تفاقم الوضع. في معظم المجتمعات، الفتيات أقل قيمة من الأولاد. وفي كثير من الأحيان، ينظر إليهن على أنهن ملكية للرجال. وتوجد القرارات المتعلقة بالجنس والزواج والإنجاب خارجة عن سيطرتهن.
ويرتبط زواج الأطفال ارتباطا وثيقا بالاستقلال الجنسي والصحي. كما هو عليه، يتم تزويج 15 مليون فتاة سنويا قبل بلوغهن سن 18 أي بمعدل 28 فتاة في الدقيقة الواحدة. قد تُجبَر البنات على الزواج في حالة حدوث حمل، وذلك بسبب مخاوف بشأن أمنهن أو حفاظا على شرف العائلة، أو لأن هناك معاملات مالية، مثل المهر أو سعر العروس.
وتُجبر هذه العرائس القاصرات على ممارسة النشاط الجنسي حيث يكون جسدهن لا يزال في حالة تطور، وأكثرهن يفتقرن إلى المعرفة والثقة والقدرة على التفاوض على ممارسة الجنس الآمن.
لقد قابلتُ العديد من الفتيات والنساء في جميع أنحاء العالم اللاتي عانين من هذا النقص في التعليم والقدرة على اتخاذ القرار. في زامبيا، التقيت سينثيا، فتاة تبلغ من العمر 12 عاما، التي صدمت عندما اكتشفت أنها حامل. فقد نشأت في مجتمع يعتبر الحديث عن الجنس من المحرمات، ولم تكن تعرف ما هو الجنس، ناهيك عن أن ذلك قد يؤدي إلى الحمل. وعندما اكتشفت أنها ستنجب طفلا، في حين لا تزال هي نفسها طفلة، شعُرت بإحباط كبير. لقد كان الزواج هو الخيار الوحيد لديها. ولم تكن قادرة على مواصلة تعليمها، كما فقدت كل الفرص للهروب من الفقر.
في الهند، التقيتُ بميرا التي اضطرت إلى ترك المدرسة والزواج من رجل مُسن عندما كانت تبلغ من العمر 15 سنة، وذلك تماشيا مع تقاليد قريتها. ولم تكن تعرف من قبل ما هي وسائل منع الحمل، وسبق لها أن حملت مرات متعددة. بعد ذلك التقيتُ بأمل، وهي لاجئة سورية زوجها والديها بسرعة، من أجل حماية شرفها وشرف عائلتها وخوفا من وقوعها ضحية لرغبات جنسية رجل مجهول.
وتحتاج العرائس القاصرات كثيرا لوسائل منع الحمل. وهن عرضة لمضاعفات الحمل في سن مبكرة، والأمراض المنقولة جنسيا، والنواسير والوفاة أثناء الولادة. على الصعيد العالمي، المضاعفات المرتبطة بالحمل والولادة هي السبب الرئيسي الثاني للوفاة في الفئة العمرية بين 15 إلى 19، بعد الانتحار.
وقد ركز مؤتمر «هي تقرر» -الذي استضافته الحكومات البلجيكية والدنمركية والهولندية، والسويدية- على تأمين الالتزامات المالية والسياسية لدعم الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للفتيات والنساء.
وهناك اعتراف عالمي أن الفتيات والنساء يجب أن يكون لديهن الحق في اختيار متى ومع من ينجبن أطفالا. كما منح المشاركون أكثر من 181 مليون أورو (حوالي 192 مليون دولار) كتمويل جديد لدعم توفير وسائل منع الحمل، والتربية الجنسية، وبرامج صحة الأم، وغيرها من المبادرات. مع تفاقم نقص التمويل على نطاق أوسع، فقد بات الوفاء بهذه التعهدات أمرا بالغ الأهمية.
لكن هناك حاجة إلى المزيد من التمويل. يجب أن نغير المواقف التي تجعلنا نكف عن الحديث عن المحظورات الجنسية. نحن بحاجة إلى معالجة الأسباب التي تحد من الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، حتى عندما تكون متوفرة. وعلينا أن ندرك الأضرار الناجمة عن زواج الأطفال، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية للفتيات.
وتركز العديد من المنظمات على معالجة هذه القضايا في إطار المنظمة العالمية «بنات لا عرائس» قصد إنهاء زواج الأطفال. نحن نعلم أن التقدم ممكن فقط مع إشراك المجتمع المدني، الذي يلعب دورا كبيرا في تغيير المعايير، وإصلاح السياسات، وتوفير الخدمات. وغالبا ما تكون المنظمات المحلية الصغيرة في أفضل وضع لفهم احتياجات الفتيات والأسر والاستجابة لها.
لكي تصير الفتيات سعيدة وفي صحة جيدة، هن في كل مكان بحاجة ليكن قادرات على اتخاذ قرارات مستنيرة بخصوص أجسادهن وخياراتهن الجنسية والإنجابية، ومستقبلهن. لذلك دعونا نتحدث عن الجنس.

الرئيسة المؤسِسة لمنظمة «بنات لا عرائس»