السوق الشتوي يهزم العقبات بجدارة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣٨ ص
السوق الشتوي يهزم العقبات بجدارة

علي المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في بعض الأحيان وبدون وعي بالمبادرات التي يقدمها أبناؤنا فإننا ننظر لها نظرة دونية غير مقصودة في ذاتها تارة، أو لا نعيرها التشجيع المستحق تارة أخرى.

ومهما كان الأمر فإن المحصلة النهائية لهذا التصرف تصنف كعراقيل وعقبات في وجه الأبناء شئنا أم أبينا، وذلك قد يسهم للأسف في تكبيل أو حتى تعطيل أو تحطيم تطلعاتهم وطموحاتهم المشروعة الرامية للإسهام في بناء وطنهم.
فطموحاتهم ومحاولاتهم وجهودهم إن وجدت التشجيع الصادق والدعم اللازم قد تقودهم إلى إيجاد علامات تجارية عمانية في سوق مترع بالعلامات، وقد يحققون الاكتفاء الذاتي لاقتصاد وطنهم في بعض المنتجات والخدمات، وبذلك يحققون قيمة مضافة عالية القيمة لبلادهم.
هذا الأمر ذاته ينطبق على السوق الشتوي الذي افتتح في القرم مؤخرا، فما واجهه المنظمون في إقامة هذا التجمع التجاري الاقتصادي والموجه أصلا لفائدة صغار المستثمرين من أبناء الوطن من مصاعب وعراقيل وعقبات ومطبات هوائية وأرضية تضعها بعض الجهات غير المدركة لماهية وأهميته هذا العمل في شحذ همم الشباب وإعدادهم لحمل الراية في المستقبل.
فما شهده هذا السوق المبتكر من إبداعات الشباب يفترض وفي المقابل أن نفرش لهم البساط الأحمر تقديرا واعتزازا لجهودهم المحمودة والمشكورة، فهؤلاء الرواد أرادوا الولوج إلى دهاليز العمل التجاري الحر بعزائم لا تلين وعبر إرادات صلبة تستحق الاحترام فهي يجب أن تحظى بكل الرعاية والاهتمام وبذل الدعم لها بغير حدود لتمكينها من الوقوف في وجه الإقصاء تارة والمنافسة غير المتكافئة تارة أخرى، والعرقلة مرات كثيرة من جهات يفترض أن تعمل بكل طاقاتها للتيسر والتسهيل على أبنائنا الشباب من رواد الأعمال في مساعيهم بالغة الروعة.
إن السوق الشتوي رغم انزوائه في جهة من القرم، إلا أن إرادة منظميه قهرت كل المستحيلات في إثبات جدوى ونجاح الفكرة، والبدء في إقامة هذا الحشد الصغير في مكوناته، الكبير في محتواه وتطلعاته وطموحاته، لقد نهض عبر عقول عظيمة التطلع، وثاقبة الرؤية قادرة على بناء الذات ومواجهة التحديات بثبات وثقة.
لقد كان السوق بمثابة مفاجأة كبيرة للكثيرين لما احتواه من متاجر متنوعة وجاذبة بمعروضاتها وجودة منتجاتها، التي أجبرتنا على الانحناء أمامها تقديرا وتوقيرا، مع صادق الأمل في أن يقام في المرات المقبلة بمكان ملائم في مسقط ليغدو متنفسا محليا نشم عبره عبق روائح المنتجات الوطنية، ونتنزه فيه عبر بانوراما من التشكيلات الجذابة وهي لبنة أفكار أبنائنا الذين نفتخر بهم وإذ هم ينحتون على صخور العمل الجاد، ونعتز بهم لعدم انتظارهم قطار الوظيفة الحكومية ولم يحمّلوا خزينة الدولة أعباء مرتباتهم الشهرية، وتعففوا عن السؤال عن الوظيفة المكتبية، وخرجوا من معاناة الاستحالة ليحلقوا في سماوات العمل الحر وفضاءات ريادة الأعمال الرحيبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ومغزى، وعلينا زيارة هذا السوق الشتوي المشابه لسوق المنتجات الوطنية.
فهذا السوق يحوي بضائع وسلعا قل أن نشاهدها في الأسواق وتمتاز بجودتها وتضاهي المنتجات العالمية غالية الثمن، وأسعارها جيدة لا يمكن مقارنتها بما بذل فيها من جهد، وما تحتويه من قيمة عالية.
لقد تجلى إبداع الشباب والشابات في منتجات الملابس فهي أفضل من ماركات عالمية معروفة ندفع فيها أعلى الأثمان، ومنتجات مستحضرات التجميل والتنظيف تضاهي ما يعرضه بودي شوب، وحلويات أفضل من باتشي، ومطاعم أرقى من مأكولات هارديز والبيتزا وغيرها من المطاعم الكبيرة وعطور أروع في روائحها من معطرات باريس، فالشباب أبدع في إنتاج منتجات يمكن أن تعد علامات عالمية عندما تحظى بالدعم والتسويق وتضيف قيمة عالية عندما تجد طريقها إلى قوائم مشترياتنا.
هذه الأفكار التسويقية لإظهار مكونات المجتمع وإبداعاته لا يجب أن تكون حبيسة المحلات الصغيرة في الأحياء والأزقة، بل يجب أن تخرج للعلن في مثل هذه الأسواق المفتوحة مثل الكثير من الدول.
في مثل هذه الأسواق تظهر بالفعل الكفاءات العمانية الشابة لكي نقول للآخرين إن أبناءنا لديهم من الجدية والمثابرة ما يكفي لتشجيعهم على الشراء منهم وتعزيزهم باقتناء منتجاتهم، وتفضيلها على ما سواها.
نأمل أن تكون لنا زيارة لهذا السوق لتقر أعيننا بإبداعات أبناء هذا الوطن، ونقتنع بقدراتهم ونحفزهم نحو المضي قدما للأمام في بناء هوياتهم وذواتهم ومؤسساتهم الخاصة.