هل تآمرت إسرائيل على النظام السوري أم حمته؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣١ ص

د. فيصل القاسم

ما إن اندلعت الثورة السورية قبل ست سنوات حتى راحت وسائل إعلام ما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة وعلى رأسها طبعاً إعلام النظام السوري، راحت تتهم إسرائيل بأنها وراء الثورة السورية، وبأن كل من رفع صوته ضد النظام هو عميل للصهيونية.

تهمة يكررها النظام منذ عشرات السنين في وجه كل من يوجه انتقاداً ولو حتى لأسعار الفجل والخس والبطاطا في سوريا الأسد.

أسهل تهمة في سوريا تجعلك تختفي وراء الشمس هي تهمة العمالة لإسرائيل. وقد استغل النظام هذه الكذبة استغلالاً بارعاً على مدى عقود، بحيث لم يعد السوريون قادرين حتى على انتقاد رئيس البلدية في القرية لتقصيره في تزويد القرية بالمياه خشية أن يتهمهم النظام بالعمالة للصهيونية والإمبريالية.

وبالتالي، لم يجد النظام أفضل من الشماعة الإسرائيلية لتشويه الثورة ووصمها بالخيانة والعمالة لإسرائيل.

لا شك أن إسرائيل عدوة لسوريا ومن صالحها أن يكون أعداؤها في أسوأ حال على مبدأ نابليون الشهير: إذا رأيت عدوك يدمر نفسه، فلا تقاطعه. ولو كان النظام نفسه مكان إسرائيل لربما تعامل مع الأزمة في أي بلد مجاور معاد له بنفس الطريقة النابليونية الاستغلالية.

لكن السؤال الأهم الذي يسأله كثيرون الآن بعد كل ما حصل في سوريا: هل كان من مصلحة إسرائيل التآمر على نظام الأسد وإيصاله إلى هذا الوضع الكارثي؟ ما هو السبب الجوهري الذي يجعل إسرائيل تريد أن تنتقم من النظام السوري؟

لو كان الجيش السوري على وشك الهجوم على إسرائيل وتحرير فلسطين أو على الأقل تحرير الجولان السوري المحتل، لربما صدقنا كذبة التآمر الإسرائيلي على نظام الأسد، لكن الإسرائيليين في الجولان تفرغوا على مدى عشرات السنين لكتابة الشعر والاستماع إلى الموسيقى لأن الجولان تحول إلى أجمل وأهدأ منطقة للاستجمام في إسرائيل بعد أن منع النظام حتى العصافير أن تخترق الحدود الإسرائيلية.

إن من يسمع الإعلام السوري وهو يتهم إسرائيل بالوقوف وراء الثورة السورية على النظام يأخذ الانطباع فوراً بأن الجيش السوري كان على أبواب القدس عندما اندلعت الثورة، فقامت إسرائيل بتحريض السوريين على رئيسهم كي تبعد خطر الجيش الأسدي عن المسجد الأقصى.

أرجوكم أن يجيبوني على هذه الأسئلة التالية لربما أنا مخدوع أو غابت عني حقائق خطيرة. هل كانت سوريا منذ أن حكمها النظام الحالي تشكل خطراً على إسرائيل كي تخشى منها إسرائيل وأمريكا وتتآمرا عليها لتدميرها؟

كل شيء في سوريا كان لمصلحة إسرائيل قبل الثورة. وكلنا شاهدنا ماذا حصل للجنود والضباط السوريين الذي صدقوا كذبة المقاومة فحاولوا مهاجمة الحدود الإسرائيلية، وكيف كانت النتيجة. ولا ننسى أن الطيران الإسرائيلي يطير أسبوعياً فوق قصر الرئيس دون أن يتجرأ أحد على إطلاق رشة ماء على الإسرائيليين.

هل من مصلحة إسرائيل التآمر على بلد محكوم بالحديد والنار والبسطار العسكري والمخابراتي منذ العام 1970 كما تريد إسرائيل تماماً؟ ما مصلحتها في تحريك الشعب السوري الخائف المستكين؟ هل كانت تخاف من النهضة الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية السورية التي تنافس النهضة اليابانية كي تعرقلها وتقضي عليها؟ لو نظرت فقط إلى الشروط التعجيزية المطلوبة لفتح مدجنة دجاج في سوريا لعرفت فوراً أن مهمة النظام الأولى هي حماية إسرائيل من أي نهضة علمية يمكن أن تهدد إسرائيل لاحقاً.

لقد هجرت معظم العقول السورية النابغة إلى الخارج لأن النظام كان يمنعها من تحقيق أحلامها وطموحاتها في البلد خدمة لإسرائيل.

هل كان لدى سوريا قبل الثورة اقتصاد عظيم يهدد الاقتصاد الإسرائيلي؟ أم كان اقتصاداً لا يمكن أن ينافس حتى بوركينا فاسو فما بالك أن ينافس إسرائيل، هل يمكن أن تخشى إسرائيل من نظام سياسي قذر ومتسلط وطغياني وفاشي يجعل أحقر دول العالم تبدو ديمقراطية بالمقارنة معه؟ ألم يكن النظام السوري مثالياً بالنسبة لإسرائيل كي تبقى إسرائيل في نظر العالم الديمقراطية الأجمل في المنطقة؟

هل تآمرت إسرائيل على نظام الأسد فعلاً، أم أنها سبب بقائه حتى الآن؟

falkasim@gmail.com