برنامج عمل لإنهاء زواج الأطفال

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٢/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣١ ص

ساجدة أمين ، م.نياز أسد الله، سارة حسين، زكي وهاج

عندما تُرغَم فتاة صغيرة على الزواج، فقد تدوم العواقب الضارة المترتبة على هذا طويلاً إلى ما بعد يوم زفافها. تُظهِر البحوث أن الفتيات اللاتي يتزوجن قبل سِن الثمانية عشر عاما يتلقين قدراً أقل من التعليم المدرسي مقارنة بأولئك اللاتي يتزوجن في سِن لاحقة، ويواجهن مستوى أعلى من خطر العنف المنزلي، ويعانين طوال حياتهن من تأثيرات سلبية تضر بصحتهن البدنية والذهنية.

ورغم كل هذا، يظل زواج الأطفال ممارسة شائعة في العالَم النامي. وتشير تقارير اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة لإغاثة الطفولة) إلى أن أكثر من 700 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم تزوجن قبل سن ثمانية عشر عاما.
ما العمل إذاً لوضع حد لهذه الممارسة الضارة؟ تقدم لنا بنجلاديش خطة عمل محتملة وقصة تحذيرية.
اليوم، تُعَد بنجلاديش الدولة صاحبة أعلى معدلات الزواج في العالَم بين الفتيات تحت سن الخمسة عشر عاما، ويشهد العنف ضد النساء في بنجلاديش ارتفاعا متواصلا. ومن المؤسف أن الجهود القانونية الرامية إلى حماية النساء والفتيات من خلال تجريم تزويج الأطفال تواجه عقبات كبيرة، بسبب الثقافة السياسية السائدة، ومجاملة المتطرفين دينيا، واستمرار التحيز ضد المرأة.
الواقع أن القانون القائم الذي يعاقب مظاهر زواج الأطفال -قانون منع زواج الأطفال للعام 1929- يرجع إلى فترة الاستعمار البريطاني. وينص القانون على أحكام بالسجن أو الغرامة لكل من «يعقد» أو «يرعى» أو يرتب زواجا مع فتاة تحت سن ثمانية عشر عاما. ولكن، مع بعض استثناءات قليلة حديثة، كان هذا القانون موضع تجاهل عادة، ونادرا ما اهتم أحد بفرضه.
في السنوات الثلاث الفائتة، ظهرت اقتراحات عديدة لمشاريع تعديل تعطي القانون المزيد من الأنياب. ولكن هذه المقترحات ركزت على تجريم التسهيل أو المشاركة، ولم تذهب أي منها إلى حد إبطال زواج الأطفال ذاته. فربما يُعَد الأفراد الذين يشرفون على زواج طِفل أو البالغين الذين يتخذون لأنفسهم عروسا في سن الطفولة مخالفين للقانون، ولكن الزواج ذاته يظل قانونيا.
ومن المؤسف أن كل نسخة من المشروع أبقت على هذا المسلك القانوني لزواج الأطفال. علاوة على ذلك، وفي حين اقترحت المسودات فرض عقوبات أشد صرامة على الجناة -وفرضت على الموظفين الرسميين قدرا أكبر من المسؤولية عن اتخاذ الإجراءات الضرورية- فإنها أوجدت أيضا مساحة أكبر للاستثناءات. فالزواج دون سن ثمانية عشر عاما مباح بالفعل في بنجلاديش بفِعل قوانين الأحوال الشخصية القائمة على أساس الديانة. ويسمح البديل الصادر مؤخرا لقانون منع زواج الأطفال للعام 2017 باستثناءات في «حالات خاصة»، ولكن تظل هذه الحالات الخاصة غير محددة على الإطلاق.
في وقت سابق، فسر أحد المسؤولين فقرة «الحالات الخاصة» بأنها تعني «من أجل الشرف» -وهو ما قد يشمل الحمل بعد الاغتصاب- ما دام الزواج حائزا على موافقة المحكمة وقبول الوالدين. وقد يؤدي هذا الإطار في نهاية المطاف إلى تآكل الحماية القانونية -مثل حق القبول- التي حظيت بها الفتيات طوال ما يقرب من القرن من الزمن.
رغم التحديات القانونية، ربما تقدم لنا تجربة بنجلاديش بعض الأمل. فحتى في ظل المخاوف الحالية المرتبطة بزواج الأطفال، قطعت بنجلاديش خطوات واسعة مهمة في تحسين حياة الفتيات والنساء خلال العقود الثلاثة الفائتة. فقبل جيل واحد، كان من غير المعتاد أن تذهب الفتيات إلى المدارس الابتدائية. واليوم، بفضل الإجماع السياسي العريض على قيمة تعليم الإناث، تحقق التكافؤ بين الجنسين إلى حد كبير في التعليم الابتدائي والثانوي.
وحتى في ما يتعلق بقضية زواج الأطفال، كانت التطورات السياسية مشجعة. وكما لاحظ اثنان منا في مكان آخر، في قمة الفتاة التي استضافتها مدينة لندن في يوليو 2014، قالت حكومة بنجلاديش إنها تستهدف القضاء على الزواج بالفتيات في سِن أقل من 15 عاما بحلول العام 2021. وربما يكون استهداف منع الزواج بالفتيات في هذه السن الصغيرة النهج الصحيح. ولكن يظل الكثير من العمل مطلوبا، ومن أسباب التفاؤل أن الضغوط الرامية إلى حمل المسؤولين على الوفاء بهذه التعهدات آخذة في التصاعد. ولكن يبدو أن هناك بعض الإرادة للعمل على الأقل.
ولكن لم يتحقق أي تقدم عندما يتعلق الأمر بإقناع بعض المواطنين من عامة الناس في بنجلاديش. الواقع أن بعض المجتمعات في جنوب آسيا تعتبر الفتيات أقل قيمة من الفتيان لأن فرصهن في اكتساب المهارات والقدرة على الحصول على وظيفة براتب محدودة. وغالبا، يعتبر الزواج المبكر الخيار الأفضل لتأمين مستقبل الفتاة. ولكن القيود المفروضة على النساء الشابات تنشأ من مبادئ السلطة الأبوية التي تهيمن على المجتمع والأسرة.